السبت 30 نوفمبر 2024

رواية عزلاء أمام سطوة ماله (كاملة حتى الفصل الاخير) بقلم مريم غريب

انت في الصفحة 10 من 13 صفحات

موقع أيام نيوز

وسطه
توجه مبتل الخطي نحو غرفة الثياب الفاخرة الملحقة بغرفته
إنتقي بذلة سوداء اللون عصرية و بدون ربطة عنق من العلامة التجارية چي كرو و أرفق معها ساعة يد مصنوعة من البلاتين الخالص ثم إختار حذاء أسود لامع علي جوارب بنفس اللون
إرتدي ملابسه كلها ثم وقف أمام المرآة الضخمة قام بتمشيط خصيلات شعره الكستنائية الطويلة و مشط لحيته الكثيفة بعناية أيضا 
نثر عطره الثقيل الجذاب علي وجهه و حول عنقه و أخيرا إنتهي 
ألقي علي نفسه نظرة مغترة واثقة و عدل من هندامه للمرة الأخيرة ثم أخذ مفاتيحه و هاتفهه و غادر غرفته 
إصطدم بهالة أثناء هبوطه الدرج فوقف و قال بإبتسامة إعتذار 
هالة ! معلش خبطك ماخدتش بالي
هالة بإبتسامة متيمة 
و لا يهمك يا عثمان محصلش حاجة
عثمان و قد لاحظ طريقتها الناعمة التي يعرفها جيدا 
هو مافيش حد في البيت و لا إيه 
لأ كلهم راحوا من شوية لصالح أصل إمبارح صافي أصرت تبات معاه في المستشفي و قالت مش هتروح إلا أما يجي حد يقعد معاه بدالها
أه طب و إنتي ماروحتيش معاهم ليه 
بابي قالي خليكي دلوقتي عشان أستريح من السفر يعني و بعدين هيبقي يبعتلي السواق يوديني علي بليل كده ثم قالت بإبتسامة خجل 
إنت رايح الشغل صح تحب أحضرلك الفطار طيب 
عثمان بعذوبة 
شكرا يا هالة إنتي عارفة أنا فطاري فنجان قهوة مافيش غيره و ده هاخده في الشركة
عبست بضيق قائلة 
فنجان قهوة بس إنت لسا بردو متمسك بالعادة دي و الله هتقع من طولك يا عثمان و أبقي قول هالة قالت
عثمان ضاحكا بخفة 
ماتقلقيش يا لولا يا حبيبتي إبن عمك جاامد أوي و غمز لها بعينه فأغرمت أكثر بتفاصيله الساحرة 
علي شعرها من جهة أذنها و قال 
يلا بقي أنا ماشي عايزة حاجة 
هالة بأنفاس متلاحقة 
لا شكرا !
تجاوزها و يلوي ثغره بإبتسامة جانبية فيما هي لا زالت علي حالها ساكنة بمكانها مأخوذة مسرورة تتنفس بقية ذرات الهواء المعبقة بعطره 
في المستشفي الخصوصي التي نقل إليها صالح مساء أمس 
داخل هذا الجناح الواسع النظيف و المزود بأحدث الأجهزة الطبية يرقد صالح فوق ذلك السرير الأبيض
بينما صفية غافية علي كرسي بجواره ملقية برأسها علي كتفه السليمة 
فتح صالح عيناه بتثاقل و أطلق تآوها مټألما إنتفضت صفية علي إثره مستيقظة 
صالح ! قالتها صفية بتلهف و هي تعتدل في جلستها بسرعة و تابعت 
إنت كويس يا حبيبي حاسس بإيه أندهلك الدكتور 
حرك صالح رأسه للجهتين و هو يعصر جفناه من الألم ثم قال بصعوبة 
تعبآاان مش قآاادر جسمي كله قايد ڼار آاااه
صفية بعينان دامعتان 
معلش يا صالح هتبقي كويس إن شاء الله هتقوم بالسلامة يا حبيبي 
أنا أسفة سامحني أنا السبب أنا إللي طلبت منك تنزل يومها لو ماكنتش نزلت ماكنش كل ده حصل سامحني يا صالح سامحني !
صآا في ! قالها بخفوت شديد لعدم مقدرته علي الكلام و أكمل بوهن 
صف ية من فضلك خلاص كفاية إنتي كده بتتعبيني زيادة
إبتعدت عنه و هي تمسح دموعها بسرعة ثم قالت 
خلاص مش هتعبك أنا سكت أهو
إبتسم بجهد و كم أراد أن يرفع يده ليربت علي شعرها لكن جسده خانه رافض كل أمر منه بالحركة فقط الآلم هو المسيطر الآن
حريق مستعر لا نهائي يمضي زاحفا بأصابع من لهب علي كافة أنحاء جسده و خاصة عظامه 
هو إيه إللي حصل بالظبط سألها بصوت متحشرج
إنت مش فاكر أي حاجة !
صالح بإستذكار 
أنا كل إللي فاكره إني كنت سايق بسرعة و فجأة نسيت عنوان المستشفي إللي خدته منك قلت أتصل بيكي أخده منك تاني و قللت السرعة بس بس السرعة ماقلتش زادت زادت أوي و كنت هخبط في عربية فدخلت في الطريق المعاكس و فجأة طلعت عربية تانية في وشي و مش فاكر أيه إللي حصل بعد كده !
أمسكت بيده و
ضغطت برفق و هي تقول 
حبيبي إنت كويس إطمن إن شاء الله مش هطول هنا
الدكتور قال إيه 
صفية و قد إنتابها التوتر 
الدكتور ! الدكتور قال إنك كويس بس لازم تتعالج هنا فترة الأول
عبس بغرابة بينما خشت أن يستفسر أكثر فقالت بشئ من الإرتباك 
بقولك إيه إنت مش جعان أخليهم يجبولك إيه !
صالح برفض 
لأ مش عايز
صفية بحزن 
ليه بس يا صالح إنت بقالك يومين فاقد الوعي و عايش علي المحاليل إيه ماجعتش !!
لأ قالها بكدر و هو يشيح بوجهه عنها فعضت علي شفتها بإستياء
لكنها عادت تقول بدلال و هي تمد يدها و تدير وجهه إليها ثانية 
عشان خاطري يا صلوحي Please وحياتي !
صالح و هو يبتسم رغما عنه 
إنتي عارفة إني بضعف قدام السهوكة بتاعتك دي ماهي مش بالساهل طول عمرك مطلعة عيني و منشفة ريقي
ضحكت بغنج ثم قالت بمزاح 
و إنت طول عمرك بارد و رخم و مابتنزليش من زور مش عارفة هتجوزك إزاي !!!
بقي كده مااشي خليكي بقي فاكرة كلامك ده و لما أخرجلك من هنا
هتعملي إيه يعني إستوضحت بحدة مصطنعة ليرد متقهقرا 
مش هعمل حاجة يا حبيبتي هو أنا مچنون ده إنتي تسيبي عليا عنتر فيها
أيوه كده إتعدل
في هذه اللحظة فتح باب الغرفة ليدخل رفعت البحيري و معه كلا من يحيى و فريال 
وجدوا أن صالح قد أفاق من غيبويته فهرع إليه والده و جثي علي ركبتيه بجوار سريره و أخذ يبكي و يعانقه و يقول 
يا حبيبي حمدلله علي سلامتك يا حبيبي الحمدلله إنت كويس يابني 
أجابه صالح بإبتسامة بسيطة تطمئنه 
أنا كويس يا بابا الحمدلله ماتقلقش
ألف حمدلله علي سلامتك يا صالح ألف حمدلله علي سلامتك
حمدلله علي السلامة يا صالح قالها يحيى بإبتسامة ليرد صالح إبتسامته قائلا 
الله يسلمك يا عمو
فريال بإبتسامة رقيقة هي الأخري 
حمدلله علي سلامتك يا صالح
الله يسلمك يا طنط فريال
شد حيلك بقي عشان تقوم بالسلامة و ترجع البيت معانا
إبتسم صالح و هو يهز رأسه قائلا 
إن شاء الله ثم تساءل بإهتمام 
أومال فين عثمان صحيح 
أجاب يحيى 
عثمان يا سيدي في شركته الجديدة راح يفتتحها بس قال إنه هيخلص و هيجي علي هنا علطول
صالح بتفهم 
ربنا يعينه !
أمام مؤسسة البحيري للتسويق و التجارة تترجل سمر من سيارة الآجرة
و أخيرا وصلت بعد معاناة في الطريق حيث الإزدحام سائد و العثور علي أي وسيلة مواصلات صعب 
توجهت إلي الداخل و هي تري المناظر البديعة ممتدة علي طول بصرها و تشم الروائح الطيبة منتشرة في كل المكان
تلك إمارات الثراء قالت في نفسها ثم إتجهت نحو الإستقبال حيث هناك تجمهر بسيط و فتاة في مقتبل العمر تقف و تتكلم عبر المايك المكبر للصوت 
من فضلكوا يا أساتذة الكل يلزم مكانه دقايق بالظبط و مستر عثمان البحيري هيكون معانا هيقول كلمته و يسمعكم تعليماته و بعدين الكل هايروح علي شغله من فضلكوا نلتزم الصمت و ناخد أماكنا بهدوء ! 
يتبع 
_ مدير صارم ! _
طالت مدة الإنتظار و مضت عدة دقائق طويلة و سمر تقف ككل الموظفين في إنتظار طلة المدير البهية 
و أخير آتي لمحته من علي بعد و هو يأخذ مكان موظفة الإستقبال و يتناول المايك ثم يضعه في مستوي فمه و يبدأ 
عثمان بصوت أجش و هو يرسم علي وجهه ملامح الصرامة المطلقة 
صباح الخير رد الجميع تحيته ليتابع بسرعة 
أهلا بيكوا في مؤسسة البحيري للتسويق و التجارة طبعا كلكوا أكيد عارفين إن الشركة دي منفصلة عن بقية مجموعات عيلتي بمعني أدق يعني عارفين إنها تخصني أنا لوحدي مش هخوض في تفاصيل كتير عشان مانضيعش الوقت و إحنا لسا في أول يوم بس هقول كلمة كلمة واحدة و ملهاش تاني 
أنا ماعنديش هزار في الشغل إللي هيشتغل بجد في الشركة دي أهلا و سهلا هيشوف كل خير أما إللي مش عايز يشتغل مع السلامة و الباب يفوت جمل الشركات المنافسة كلها ماشية بنظام قديم نظام تقليدي و عقيم ماشية بالبركة يعني لكن شركتي مستحيل تبقي في المستوي ده عشان كده كل موظف هنا مكانه مهدد بالسحب يعني كل 3 شهور هنصفي موظفين هنشوف مين إللي كفاءاته عالية هنخليه أما إللي هنشوفه مش بيضيفلنا حاجة هنقوله مع السلامة 
اليوم هنا 8 ساعات في إستراحة طبعا لكن باقي الوقت شغل يعني شغل مش عايز أسمع مشاكل مش عايز أشوف تدني في مستوي العمل مش عايز كسل في الشغل و الأهم من ده كله مش عايز نفر يتأخر عن معاد شغله كلكوا تبقوا هنا قبلي و طبعا في جزي للي ممكن يتأخر و ممكن توصل للرفد !
صمت عثمان قليلا يمرر نظره علي وجوه الموظفين التي شحبت تدريجيا إثر كلامه الشديد الحازم ثم أكمل بلهجة فاترة 
زي ما في شدة و حزم في الشغل في كمان ترفيهات و حاجات كتير كويسة أنا عمري ما ببخل أبدا علي موظفيني و أظن معظمكوا عارف كده أشوف بس التقدم بعيني ساعتها المرتبات هتزيد و العلاوات و الحوافز هتبقي الضعف
دوي التصفيق الحار فجأة بعد أن أنهي جملته ليهز رأسه بإبتسامة رزينة يشكرهم ثم عاد و قال 
يلا بقي كل واحد علي شغله من فضلكوا !
تفرق الحشد من أمامه شيئا فشيء لتقع عيناه عليها و يلتقطها من بين الجميع 
كانت مرتبكة متوترة واقفة لا تعرف ماذا تفعل أو أين تذهب فنادي هو عليها دون أن يستخدم المايك 
أنسة سمر !
نظرت إليه فورا بينما أشار لها بيده لتأتي له
فعلت ذلك في الحال و مضت إليه مهرولة 
صباح الخير يا أنسة سمر قالها بإبتسامته الجذابة و قد تخلي عن جديته السابقة تماما لترد بصوت مبحوح 
صباح النور يا عثمان بيه !
جاهزة للشغل 
سمر و هي تهز رأسها بشيء من التوتر 
جاهزة حضرتك
طيب إتفضلي قال و هو يمد لها يده بحقيبته الخاصة
أخذتها منه في إضطراب لكنها تساءلت 
أعمل بيها حضرتك 
عثمان و قد عاد لجديته ثانية 
إنتي مش بقيتي سكرتيرتي 
أومأت بالإيجاب ليرد 
يبقي كل حاجة تخصني من إنهاردة تحت مسؤوليتك ثم قال بلهجة آمرة 
إتفضلي هاتي الشنطة و تعالي ورايا
تبعته سمر و هي تكاد تتعثر من وسع خطواته إلي أن إستقلا المصعد
أخيرا إلتقطت أنفاسها أغلق الباب علي كليهما و ضغط عثمان زر الطابق الثالث
لم يحاول أن ينظر لها إطلاقا خلال تلك الثوان القصيرة بل أظهر برودا بالغا في تصرفاته و بقي متحفظا في شخصيته الواثقة و المغرورة في آن 
وصل المصعد إلي الطابق المنشود ليخطي عثمان إلي الخارج أولا و يتجه إلي غرفة مكتبه مباشرة دون أن يلتفت خلفه
لحقته سمر و هي تلهث قليلا بينما ينزع هو سترته و يستدير و يعطيها إليها قائلا
خدي الچاكيتة دي علقيها هناك و أشار إلي المشجب المستقيم علي بعد مترين من جهة يمين المكتب
أخذتها منه بإضطراب أشد و فعلت ما قاله ثم عادت إليه مرة أخري 
كان
10  11 

انت في الصفحة 10 من 13 صفحات