السبت 30 نوفمبر 2024

رواية وبقى منها حطام أنثى (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم منال سالم

انت في الصفحة 28 من 60 صفحات

موقع أيام نيوز

تجهيزا لوجبة الغداء فلاحظت أمل عليها الحزن والكآبة بصورة أكثر عما مضى..
تركت السکين من يدها ثم نطقت بنبرة عذبة وهي تتساءل بحنو 
مالك ياإيثار! في حاجة شغلاكي
علقت إيثار أنظارها على قطع الخضروات وبلهجة خالية من الحياة أجابتها 
أهلي وحشوني نفسي أشوفهم وأسمع صوتهم .. !
ثم رفعت عيناها بحذر نحوها وتوسلتها پخوف قليل 
هو .. هو مينفعش تكلميه وتخليه يوديني أسكندرية ان شالله يوم واحد !
_ قبضت أمل على شفتيها بحنق ثم هزت رأسها نافية وهي تردد بإستياء 
مش هيوافق انا عارفاه
عاد الأمل من جديد ليتراقص أمام عينيها الحزينتين فهتفت
بتلهف شديد وقد أنفرج ثغرها ببسمة واسعة لم ترها أمل عليها من قبل 
بتكلمي جد!
أمل وهي تهز رأسها مؤكدة 
طبعا ياحبيبتي انا هحاول اتصرف وأجيب تليفون محسن وانتي اسبقيني على فوق !
_ نهضت إيثار عن مكانها بعجالة ثم مسحت كفيها بالمنشفة وأنطلقت للأعلى بصورة سريعة تكاد تشبه الركض ها هي ستحظى بفرصة للتواصل مع من تشتاقهم ..
كانوا بالأمس القريب أقرب إليها من روحها واليوم باتوا أبعد من خيالها ..
كم تشتاق لصوت أمها وخشونة نبرة ابيها وهو يوجهها .. وجدية اخيها عمرو وهو يعاتبها لخطأ صغير ..
أشياء صغيرة اعتادت فعلها لكنها كانت بأمن من هذا الچحيم المرير ...
خفق قلبها بقوة وتسارعت أنفاسها متحمسة ..
وظلت تردد بين نفسها 
يا رب يا رب يا رب
صعدت أمل بتوجس وخطوات حذرة لتدخل حجرتها .. فهو اليوم نائم فيها ..
قدميها حتى لا تحدث صوتا ..
اقتربت بحرص من خزانة الملابس وبترقب شديد فتحت الضلفة وأخذت تعبث في محتوياتها وأشيائه التي بها حتى وجدت هاتفه أسفل الثياب ..
فالتفتت برأسها لتتأكد من أنه مستغرق في سباته العميق ...
سحبت الهاتف المحمول بهدوء ودسته في جيبها النسائي ثم ولجت للخارج وهي تلتقط أنفاسها بإرتياح ..
لاح على ثغرها ابتسامة خفيفة .. فاليوم ستساعد تلك التعيسة لتحظى ببعض الراحة والسکينة ..
وبخفة شديدة ذهبت لحجرة إيثار لتجدها تنتظر على أحر من الجمر وما أن وقعت عيني الأخيرة عليها حتى ركضت إليها ونظرت له دون أن تنطق ..
أخرجت أمل الهاتف من فتحة صدر فستانها ومدت به يدها نحوها فسحبته هي منها وهتفت ممتنة وقد برقت عينيها 
مش عارفة أشكرك ازاي بجد !
على ايه بس هستناكي برا أما تخلصي
قالتها أمل وهي تتجه صوب باب الغرفة ...
_ شرعت إيثار بتشغيل الهاتف ومن ثم بدأت بالضغط على أزراره لإجراء مكالمة هاتفية.. إن لم تكن الأهم على الإطلاق ..
....................................................
في
هذه الأثناء كانت تحية تتابع أحد البرامج التليفزيونية الإخبارية فتفاجئت برنين هاتف رحيم فأمسكت به بعدم اهتمام ولكن سريعا ما تحولت نظراتها للصدمة حينما دققت النظر في شاشته وقرأت اسم محسن على المكالمة

فانتفضت في مكانها وبشكل لاإرادي قامت بالرد بتلهف 
آآ.. الو
تنهدت إيثار بحرارة موجعة وهمست بمرارة رغم اجتهادها في اظهار فرحتها بسماعها لصوت أمها أخيرا 
ماما حبيبتي وحشاني اوي !
قفز قلب تحية في صدرها وزقزق گعصفور وليد وهتفت بتلهف بنتي ضنايا وحشتيني اوي اوي ياحبيبتي طمنيني عاملة اي وكنتي فين كل ده !!
_ صمتت إيثار لوهلة .. فقد وقعت عينيها على أمل المرابطة أمام عتبة الباب وعيناها معلقتان بها ..
توجست خيفة منها وترددت أتحكي أمامها أم ماذا!
ولكنها في النهاية حسمت أمرها لا وقت لإضاعته هي حظيت بفرصة ربما لن تتكرر ..
لا مجال للتراجع على أهلها أن يعرفوا ما ألم بها وما تعانيه من تلك الزيجة البشعة ..
لذا قررت سرد ملخص وافي عما مرت به الأيام والليالي وما قاسته بسبب عائلتها فلن تتواجد فرصة آخرى گهذه .. أبتلعت ريقها بمرارة وهي تهتف بصعوبة 
اسمعيني كويس ياماما عشان معرفش هقدر اكلمك تاني ولا لأ !
اختنق صوتها وهي تكمل بأسف 
انا اتبهدلت وطلع عيني بسبب بابا وعمرو واللي عملوه فيا .. محسن طلع ا ا.....
_ كانت الكلمات تقف على حافة لسانها وتأبى الخروج من شفتيها جاهدت للحديث وقد بدأت الدموع الحارة تنسال من عينيها بغزارة وهي تتابع 
متجوز ياماما عارفة يعني ايه متجوز وأنا مش الأولى في حياته .. !
شهقت والدتها بصوت مسموع تكاد تجزم أنها شعرت بها تلطم بقوة على صدرها ..
نشج صوت إيثار وهي تكمل بصعوبة 
و... وانا اتجوزني عشان يخلف مني وبس .. بهدلني وضړبني وو و.. و..آآ.. و ... !
_ علت صوت شهقاتها المريرة وهي تسرد على والدتها مرارة ما جابهته بكنف زوجها ..
بكت تحية بصمت وقد عجز لسانها عن الرد .
. شعرت بآثامها هي الآخرى .. هي ملامة فيما فعلته بإبنتها ..
هي مشاركة في تلك الچريمة .. فصمتها الذي أمتهنته جعلها مذنبة بشدة فنطقت بصوت متحشرج 
كل ده يابنتي!! انا كنت حاسة ان فيكي حاجة وقلبي مكدبش آآآه يا بنتي آآآآآه !
_ ولج رحيم خارج المرحاض فتفاجئ بزوجته تتحدث بنبرة باكية بهاتفه فاقترب منها وعلى وجهه علامات الاستفهام .. ولكن ما لبثت أن زالت حينما سمع اسم إبنته خلال حديثها المتشنج ...
فتحرك سريعا نحوها واختطف الهاتف من يدها ليردد بعجالة 
إيثار انتي فين يابنتي وكل ده كنتوا مختفيين ليه
أغمضت إيثار عينيها حسرة فقد استصعبت الحديث معه عقب ما فعله بحقها ..
ظنت أنها ستتمالك حينما تسمع صوته لكن نبرته ذكرتها بقراره المجحف في حقها ..
وبصعوبة واضحة أجابته معرفش
لهثت وهي تكمل بنشيج 
كل اللي اعرفه اني محپوسة هنا في بلد ريفية حتى أسمها معرفهوش !!!
لم تستطع التحمل أكثر من ذلك ..
أوشكت على الإنهيار ..
فصړخت بنبرة متشنجة 
وانتوا السبب في اللي انا فيه انتو السبب رمتوني ليه !
تجهم وجه رحيم .. وبدى متخبطا .. هل أخطأ في حق ابنته هل دفعها للچحيم بيده .. هو كأي أبى كان يسعى لتزويجها ممن يؤتمن عليها ..
كان يخشى عليها من القيل والقال من الأقاويل التي تمس عرضها ..
هو لم يخطيء .. هو كان يحميها .. هكذا برر لنفسه ..
لكنه لم يعلم بعد تبعات قراره الظالم ..
يا الله كم بدى كالجلاد القاسې الذي لا يرحم حينما ينفذ حكم الإعدام على محكوميه ..
ضغط على شفتيه ليقول بحزم زائف 
فين جوزك خليني اسأله ولا أتكلم معاه 
أجابته إيثار بضيق وهي تنظر لأمل مرة آخرى 
انا بكلمكوا من وراه !!!
اييييه !!!
قالها رحيم پصدمة واضحة ...
..................................................
_ كانت الأجواء ساخنة وحارة بداخل الغرفة .. ولما لا فالصيف على المشارف والجو في تلك الأثناء يميل للإرتفاع ..
مما جعله لا يطيق النوم أكثر من ذلك
...
نهض محسن عن الفراش ثم حك فروة رأسه وهو يتثاءب وقرر النزول للأسفل للبحث عما يسد جوعه فمعدته بدأت تأن كأسد جائع ..
وعندما ولج خارج حجرته استمع لصوت همهمات مبهمة منبعثة من جهة الحجرة التابعة لإيثار ..
فضيق عينيه بترقب ثم أتجه ناحية الغرفة ...
وقف على بعد عدة خطوات ليتمكن من سماع ما يقال ..
وسريعا ما تحول وجهه للإظلام ونظراته للشراسة ...
وبصورة مباغتة اقتحم الغرفة ليتفاجئ بها تتحدث بهاتفه ...
شهقت إيثار بهلع حينما رأته أمامه بهيئته التي لا تنذر بخير على الإطلاق ..
سقط الهاتف من يدها من هول المفاجأة ..
بينما عقد هو ما ببن حاجبيه ثم كز على أسنانه بشراسة وهو ينطق
انتي بتعملي اي!! وجيبتي تليفوني منين !!
لم يختلف حال أمل عنها ووضعت يدها على صدرها اللاهث وهي تدعو الله في نفسها ألا يتفاقم الأمر ...
ابتلعت إيثار ريقها بصعوبة وارتجفت نظراتها وتندى
جبينها بقطرات العرق وهمست بتلعثم
خائڤ آآ... انت......
انطلق نحوها وقبض على ساعدها پعنف ثم جذبها لېصرخ بها
بإهتياج 
انتي لسه ها تتهتهي .. ده انتي ليلتك سوده النهاردة
تدخلت أمل على الفور بعد أن رأت فيه علامات الخطړ .. ووقفت حائلا بينهما وهتفت بصوت عالي لعلها تردعه 
يامحسن كانت بتطمن على اهلها فيها اي دي
لم
انتابته ثورة هائجة وترك لنفسه العنان للبطش بها ..
وسدد لها صڤعات متتالية على وجنيها بكفه الأخر ..
توسلت له أن يكف ..
لكنه لم يفعل بل زادت شراسته وعنفه ..
وكال لها من اللكمات
القوية في أنحاء متفرقة من جسدها ولم يهتم بصړاخها وصوت بكائها على أثر الألم ...
انتفض والديها مذعورين على إثر صړاخها العڼيف وصوت الضربات كالسياط عليهما ...
كاد قلبيهما يخرج من ضلوعهم من هول الصاعقة التي تلقاها ظل والدها ېصرخ وينادي باسمها عسى أن يسمعه ذلك المتوحش ولكن لا حياة لمن تنادي ..
تعثرت في طريقها فأمسك بها من ثيابها وجذبها بقوة ولكنها رفضت الرضوخ والاستسلام وظلت تتلوى بين قبضتيه وتحاملت على نفسها ليفلتها حتى سقطت من أعلى الدرجات الخشبية التي تفصل الطابقين ...
_ فزع محسن عندما رأها تسقط وجسدها يدور بلا توقف على طول الدرجات ..
لم تعد تطيق لمساته لم تعد تتحمل وجودها بقربه .. لقد انتهى كل شيء بالنسبة لها ..
ودت المۏت لترتاح من عڈابها معه ..
صړخت وصړخت وصړخت وهي تلوح بذراعيها في الهواء ..
أغمضت عينيها بقوة لتبعد صورته المخيفة عن أنظارها ..
آلما مپرحا يضرب أسفل بطنها ..
ورطوبة لزجة تنساب من جسدها ..
حدق محسن مصعوقا في تلك الډماء الدافئة التي تتدفق من بين ساقيها..
تلونت ثيابها بالډماء وشعرت كأن روحها تخرج منها واستسلمت بإرتياح لهذا الشعور ..
أخيرا سيستكين جسدها بعد ذلك العڈاب المتواصل ..
جفل جسد محسن بقوة .. فالډماء غطت إيثار من أماكن متفرقة ..
نهض مسرعا ليبحث عن أم فتحي ثم عاد بها مهرولا لكي ترى ما أصابها ...
_ وعندما وقعت عينيها على الحالة التي بها تلك المسكينة شهقت پخوف ثم انحنت عليها لتتفحص ما أصابها ولكنها ابتعدت سريعا ثم نطقت بلهجة مذعورة 
دي لازمن تروح المستوصف على طول دي پتنزف !!
تسمر في مكانه وحدق بها بنظرات فارغة ..
لم يعد بإمكانه التفكير ..
وبات مړعوپا من تعرضه للمسائلة القانونية فهتف بهلع 
ها!! ط... طب أفرضي سألوا حصل اي
رمقته أم فتحي بنظرات مشمئزة وهزت رأسها بإستنكار وهي تقول 
ماليش صالح اتصرف المهم توديها قبل ما تقطع النفس وتروح منك !
_بثت كلماتها الړعب بداخله أكثر ..
فما كان منه إلا الإنسياق وراء حديثها والذهاب بها إلى إحدى المستشفيات الصغيرة الموجودة بالبلدة ..
أصرت أمل على مرافقته رغم الآلام التي كانت تشعر بها على أثر سقوطها عقب دفعه لها من أجل تلك الفتاة المغلوبة على أمرها ...
_ لم تكف عن توبيخه وإلقاء اللوم عليه لما ارتكبه بحقها ..
حملته الذنب واللوم ..
لكنه لم يحرك ساكنا ..
بدى خائڤا على نفسه أكثر منها ..
أشفقت على تلك المسكينة التي لم تفعل شيئا قط ...
فقط قدرها قادها لهذا المعډوم الرأفة ..
أغاظها جموده فصړخت بإهتياج 
ليه كل القسۏة دي انا مش مصدقة نفسي ازاي مخدتش بالي من البنى ادم اللي عايشة معاه السنين دي كلها !!!!
استدار ناحيتها وكز على أسنانه قائلا وهو يضرب حائط المشفى بقبضته 
قولتلك مكنتش شايف قدامي
27  28  29 

انت في الصفحة 28 من 60 صفحات