الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل

انت في الصفحة 66 من 85 صفحات

موقع أيام نيوز


الملكة في هذا
المكان .
لبقة... هادئة ...عاقلة ...حكيمة ...رقيقة..راقية 
كلها صفات تتوفر وبكثرة في تبارك التي نفخت باستهزاء وكأن كل ذلك أمر سهل لها قلبت الصفحات وهي تضع طرف اصبعها على لسانها كي تسطيع ذلك في حركة قد تؤدي لاڼتحار العريف إن رآها .
كل ده أمره سهل ايه تاني ! 
أخذت عيونها تمر على الاحرف عاقدة العزم على أن تندمج في تلك الحياة البائسة التي ألقيت هي بها فإن لم تستطع العودة فلتحيا كما قدر لها .

على الأمير أن ترفع أطراف فستانها بكل لباقة وتنحني نصف انحناءة حين تقابل الملك أو أي شخص كنوع من أنواع الرقي كما عليها التحدث بصوت لطيف ورقيق وأن تسبل اهدابها بلطف ولا تكيل النظر في أعين محدثيها فهذه تعتبر وقاحة
التوى ثغر تبارك بحنق من كل تلك الكلمات 
اتسهوك يعني ولا ايه على العموم المصريات ملكات بالفطرة مش محتاجين كتب عشان تعلمنا الامور دي 
ولأجل تلك الكلمات ألقت تبارك الكتاب على الفراش تتحرك لتبديل ثيابها ومغادرة المكان بعدما أتقنت دورها مملكة في عشر دقائق .
ارتدت فستان ذو طبقات عديدة خانقة طويل تحدق لنفسها في المرآة وهي تتحدث بصوت منخفض 
الفستان ده عايز يروح لخياطة شاطرة تاخده تلات أو أربع قراريط من تحت 
انتهت من حديثها تعدل من وضعية الحجاب تخفي أسفله خصلاتها المزعجة التي يبدو أنها تعترض على حياة الملوك وتستنكر الزيوت الغالية التي أضحت تغتسل بها .
ابتسمت لهيئتها في المرآة وقد كان فستانها من لون السماء بورود بيضاء منتشرة في أماكن عشوائية وحجاب من اللون ذاته أعطت تبارك نفسها تقييم عشرة من عشرة على إطلالتها ثم تحركت لموعد الملك الذي ابلغها به أحد الحراس .
خرجت من الجناح تمسك أطراف الفستان وقد بدأت رحلة المتاهة كالعادة تسير وهي تنظر في الأرض تتحدث مع نفسها حتى استوقفت إحدى العاملات تقول 
بقولك الله يكرمك اروح قاعة العرش منين !
توقفت الفتاة ترمق تبارك من خلف غطاء وجهها بنظرات لم ترها تبارك وتبارك فقط تنتظر ردها حتى انتفضت فجأة تستوعب أنها للتو تحدثت معها بعشوائية وبالعامية 
اممم اقصد كيف أصل لقاعة العرش رجاء 
ابتسمت الفتاة بهدوء واحترام ثم أخبرتها بالمكان مشيرة صوبه لتشكرها تبارك وتتحرك وهي تحمل طرف الفستان على ذراعها بشكل مضحك حتى وصلت أخيرا لقاعة العرش لتترك طرف الفستان وتعتدل في وقفتها .
تحركت داخل البلاط الملكي تبصر اعتلاء الملك لعرشه معه سالار وبعض الجنود يتحدثون بجدية كبيرة وكأن هناك حرب وشيكة .
شعرت أنها مجددا جاءت في وقت غير ملائم رغم أن الملك هو من ارسل لها لكن نظرات سالار لها تخبرها أنها فعلت شيئا خاطئا وهي حتى لم تفتح فمها بكلمة أيعقل أنها تنفست كفتاة عادية وليست كملكة 
وضعت تبارك يدها أمام فمها وأخذت تحاول معرفة كيف تتنفس ثم نظرت له بعيونها وكأنها تخبره بريبة ماذا فعلت أنا !
قبل أن تنتفض على صوت إيفان يقول ببسمة 
مرحبا مولاتي 
رفعت عيونها له تبتسم بسمة صغيرة متوترة لا تدري ما التالي هل تفعل كما تفعل اميرات ديزني في العادة مهلا هل هي الآن تتعلم التصرفات الملكية من افلام الكرتون !
ابتسم إيفان يرى ملامح الحيرة تعلو وجهها ليقول بهدوء يرفع عنها أي حرج أو توتر 
تقدمي جلالتك 
نظرت تبارك للجميع قبل أن تتثبت عيونها على سالار الذي كان يركز في بعض الأوراق أمامه لتحمد الله أنه لا ينظر إليها فهي لا ينقصها توتر كي يفعل هو بنظراته .
ابتلعت ريقها تتحرك بحرية كبيرة ومشية عادية لكنها بالطبع كانت ابعد ما يكون عن سير الملكات تتحرك بقوة وسرعة أدت لتحرك فستانها الواسع والطويل في أنحاء القاعة بشكل عشوائي .
وحين وصلت للعرش الخاص بإيفان وقبل أن تجلس تذكرت تعليمات الكتاب بخصوص رفع أطراف الفستان بلطف ثم انحناءة بسيطة وبعدها كلمات خاڤتة وتسبيل اهداب تعليمات ذكرت بها تبارك نفسها .
وهي تتمسك باطراف فستانها الواسع ترفعه بقوة مبالغ بها إذ اصطدمت أطرافه بالاوراق التي يحملها سالار لتصيب عيونه بقوة سالبة من فمه تأوها مصډوما أكثر منه متوجعا .
رفع عيونه پصدمة صوب تبارك التي لم تنتبه لما فعلت منذ ثواني والتي انحنت كما يقول الكتاب ثم نظرت ارضا بهدوء تقول بصوت خاڤت 
اشكرك مولاي 
تشنج وجه سالار وهو يضع يده على عينه اليمنى التي كادت تذهب ضحېة الملكة منذ ثواني يميل برأسه ينظر لها بعدم فهم بينما إيفان لم يستوعب ما حدث نظر بريبة صوب سالار ليراه متشنجا بشكل جعله ينفجر ضحكا على ملامحه لا على أفعال تبارك التي لم تخطأ في الحقيقة بل حظها هو من أخطأ.
استقامت تبارك بتعجب تتساءل عن سبب ضحكات الملك الذي صرف الجميع بإشارة من يده يحاول التماسك 
اعذريني مولاتي لوقاحتي فقط تذكرت
أمرا ما رجاء استريحي
ابتسمت له تبارك تتحرك بتوتر صوب العرش ترفع أطراف الفستان ليس لأجل كلمات الكتاب بل لأنها تخشى السقوط بسببه .
وبمجرد أن جلست خرجت زفرة عالية من فمها بالتزامن مع خروج زفرة أخرى من سالار والذي لم يصدق أنها جلست قبل التسبب في المزيد من الكوارث .
نظرت له تبارك بعدم فهم لكنه لم يهتم بأي شيء بل استقام يقول بهدوء شديد وهو ينظر للملك باحترام 
مولاي اسمح لي بالذهاب لتفقد الجيش وسأخبرك بكل شيء حينما انتهي من فحصه 
هز إيفان رأسه يسمح له بالرحيل ثم استدار لتبارك التي كانت تراقب رحيل سالار لتسمع صوت إيفان يردد بهدوء 
أتمنى أن تكون إقامتك معنا مريحة 
أوه نعم مولاي جيدة جدا اشكرك 
ابتسم لها بلطف يتساءل 
إذن ما نتائج دروسك الاولى مع دانيار والعريف 
اعتقد أنني ابلي بلاء حسنا في السهام لكن ذلك العريف لا استطيع إعطاء حكم على درسه الذي لم اتلقاه إذ طردني من المكتبة قبل البدء 
ختمت حديثها بحنق شديد لما تعرضت له فاڼفجر إيفان بالضحك على كلماتها 
حسنا هذا متوقع لا تقلقي 
هل من الطبيعي أن يطردني العريف من المكتبة وانا لم افعل له شيئا 
صمت إيفان يهز رأسه بجدية متنحنحا 
حسنا أنا الملك ولطالما طردني من مكتبته كذلك لا أحد أعلى من أن يطرد من مكتبة العريف جميعنا سبق وطردنا منها مرة أو اثنتين 
صدمت تبارك من حديثه 
هل مكانته أكبر منك هنا 
لا بل عمره أكبر مني وأنا تعلمت ألا أقلل ممن هو أكبر مني في العمر والعريف كذلك لذلك احترمه أنا وجميع سكان القصر 
باستثناء ټهديدي له پالقتل مئات المرات وتحطيم سالار لمكتبته وشجاره مع تميم ودانيار فنعم الجميع هنا يحترم العريف ولا يقللون منه البتة .
كبت إيفان تلك الكلمات داخل صدره قبل أن يقول بهدوء 
إذن جاهزة لدروسي 
نظرت له بفضول لينهض عن عرشه يشير لها أن تهبط هي كذلك متحركين صوب الخارج يقول بجدية كبيرة 
سوف آخذك في جولة داخل القصر لتفقد شؤنه واعرفك على كل ما به 
ابتسمت له تبارك بسمة واسعة ردها هو ببسمة أخرى يدعوها للتحرك معه وبالفعل سارت معه تبارك تستمع لحديثه بانتباه شديد وقد استمتعت كثيرا لنبرة الحب التي تنبثق من بين كلماته حين الحديث عن بلاده وأدركت أنه ملك ذكي بل في غاية الذكاء .
توقفت تبارك تتساءل بتعجب حين وصل بهم الحديث لنقطة ما مجهولة لها 
المنبوذون من هم المنبوذون سمعت عنهم الكثير منذ جئت 
نظر لها إيفان ثواني قبل أن يشرد أمامه يقول بهدوء محاولا قدر الإمكان تبسيط كل شيء لها 
حسنا هم جماعة من الأشخاص الذين نبذتهم الممالك سابقا أو هربوا من أحكام حاسمة كالاعډام أو ما شابه شكلوا معا جماعة سميت بالمنبوذين لا هوية لهم ولا دين ولا وطن كذلك تجمعوا من أماكن متفرقة لتأسيس مملكة مزعومة لهم وقد عملوا قطاع طرق في بداية ظهورهم قدنا حملات تطهير عليهم لكنهم يزدادون بمعدلات خطېرة
صمت ينظر لها وهو يتحرك لتسير خلفه باهتمام شديد منصته لكل كلمة تخرج منه 
سبق وأن خطفوا العديد من النساء وإجبارهن على الزواج منهم لأجل استمرار سلالتهم واستمروا سنوات طويلة يحاولون بناء وطن مزعوم حتى حدث لهم ما تمنوا واحتلوا مملكة مشكى مملكة من أقوى الممالك أخذوها وقتلوا العائلة الحاكمة بها وقاموا بمذابح في حق جيشها الخاص وشعبها ودمروا المملكة بأكملها والآن يسعون لاحتلال باقي الممالك لتوسيع رقعتهم وصناعة وطن لهم بعدما نبذهم الجميع 
انتهى من حديثها لينتبه أن جسد تبارك تصنم وقد شعرت أن هذه القصة مألوفة مألوفة وبشدة لها كافة التفاصيل وكأن ما يحدث هنا هو مجرد عالم موازي لما يحدث في عالمها .
سقطت دموعها تقول بصوت خاڤت دون شعور 
أوه أشعر أنني سمعت مثل هذه القصة سابقا 
نظرت للملك تقول ببسمة موجوعة 
دعني أخمن هناك من ساعدهم لاحتلال مشكى ومدهم بالأسلحة والذخيرة لأجل فعل كل هذا 
نظر لها إيفان بفضول يقترب منها بعض الخطوات 
وكيف استنتجتي هذا !
رفعت يدها تشرح له ما سيحدث وكأنه ترى المستقبل والمرارة تصاحب حروفها 
هذا سهل استنتاجه فما تخبرني به ليس غريبا على مسامعي الآن ستتحول مشكى لمقپرة جماعية ومجرد منازل مهدمة سيتشرد الاطفال ويستشهد الرجال وتتحطم المنازل وټدفن الاحلام أسفل ركامها 
شعر إيفان بۏجع كبير يسكن صوتها لا يعقل أنها تعاطفت بهذا الشكل مع مشكى لدرجة أن تتحدث بهذه النبرة المقهورة .
بينما تبارك تنفست بصوت مرتفع ساخرة 
اكيد فيه امريكا تانية هنا هي اللي بتساعد الصهاينة ما هو جماعة زي دول عمرهم ما يقدروا يعملوا وطن من
لا شيء 
ورغم تحدثها بالعامية أمامه إلا أنه فهم كل شيء قالته عدا تلك الكلمات الغريبة 
ما معنى امريكا !
ابتسمت تقول وهي تحرك كتفها ببساطة 
هذا لقب نطلقه نحن على حاويات القمامة في عالمنا 
والصهاينة !
هذه القمامة نفسها 
هز رأسه ليقول بهدوء شديد رغم عدم اقتناعه من تلك الإجابة بشكل تام 
حسنا ردا على سؤالك السابق مولاتي فنعم أصبتي هناك مملكة تدعمهم بالأسلحة وكل شيء 
ولا بد أن هذه المملكة هي أولى الممالك التي تصرخ وتنادي بالحقوق والحرية لهم ! دولة قوية لها جيش قوي قادرة على إمدادهم بأسلحة بشكل مستمر 
ابتسم إيفان بسمة غامضة وشعر كما لو أنه يتحدث مع سالار نفس التفكير ونفس الكلمات .
نعم احسنت هي كذلك 
إذن نهاية المنبوذين لن تبدأ إلا حين تضع بنفسك نهاية لتلك المملكة 
مازحها إيفان وبين طيات حديثه ظهر تقديره واعجابه بطريقتها 
بالضبط أنت صاحبة عقلية حربية ممتازة ملكة تبارك أرى أنك تمتلكين خبرة كبيرة في الحروب ربما تشاركين في وضع مخططات حروب مع سالار في المستقبل
ابتسمت تبارك بسمة مقهورة 
نعم أصبت أنا امتلك خبرة كبيرة في الحروب فمتابعتك لحروب امتدت لعقود كفيلة بجعلك خبير حروب 
ختمت حديثها تمسح وجهها وهي تشعر بقلبها يرتجف تريد الخروج من تلك النقطة وهي تنظر بإيفان مبتسمة 
إذن مولاي لم تخبرني عن قوانين القصر هنا
 

65  66  67 

انت في الصفحة 66 من 85 صفحات