السبت 23 نوفمبر 2024

رواية المــافيـــا والحب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم

انت في الصفحة 4 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز


ولكن مع الأصدقاء .. الأصدقاء فقط!
تمايلت بحذر وأنا أمنح السيد سانتوس ابتسامة رقيقة وظلت نظراتي شبه متوترة بالرغم من لباقته الغريبة معي فمن يظن أن ذلك السيد المحترم زعيما لأحد أكبر المنظمات الإجرامية
لسوء حظي لم انتبه لكون تلك الرقصة التي انضممت إليها يتبدل فيها الأزواج بعد كل مقطع ارتخت ذراعاه عني ووجدت آخرا يتلقفني على الفور وكأنه متربص بي. ارتفع حاجباي للأعلى في ارتعاب حقيقي وأظن أن علامات الخۏف تزينت بها ملامح وجهي حينما وجدت رفيقي المؤقت هو .. لوكاس !!!!

يتبع الفصل الثالث
الفصل الثالث
شعرت بالقشعريرة تنتشر في بدني برجفة مخيفة تتفشى في داخلي درت بنظراتي باحثة عمن ينجدني الكل مشغول بمراقصة رفقائهم ناهيك عن الموسيقى الصاخبة التي لن تسعفني الحقيقة المريرة لن أجد من يساعدني! استحوذ كليا علي في حركة واحدة وبقدر استطاعتي جاهدت لأبعده عن ملامستي لكن الحقېر لوكاس تعمد وتجرأ بوقاحة فجة مداعبة ظهري بأصابعه الغليظة ليضمن سيطرته على انتباهي. تجمدت عيناي على وجهه القاسې حين نطق يهددني بنبرته التي تجفل طوال الوقت بدني وتلك النظرة الممېتة تتراقص في عينيه
لن تنجي بفعلتك يا قاټلة أبي.
استجمعت جأشي المذبذب لأظهر بمظهر القوة أمامه واحتججت على ذلك اللقب الشنيع قائلة له
أنا لا أعرف من هو والدك لما لا تحل عن رأسي
كركر ضاحكا باستمتاع أرعبني وهو يدمدم بنبرة واثقة للغاية
لن يحدث!
تلك اللحظة التي توقفت فيها الموسيقى حيث يتبدل الثنائيات كانت فرصتي المثالية للنجاة دفعته في صدره بقبضتي بقوة لا أعرف من أين جاءت لأتحرر منه واستدرت بجسدي قاصدة الهروب من محيطه لكن تلقفني صدرا آخرا صلبا للغاية قوته من النوع الذي يثير الرهبة في أشد الرجال خشونة. حاوطني في غمضة عين وأصبحت أسيرة ذراعيه وكلتا يداي ترتكزان على جانبي كتفيه رفعت رأسي لأتطلع إلى وجهه وكان أكثر من أخشاه في الوقت الحالي فيجو.
شعرت بجفاف موتر يصيب حلقي برزت عيناي في قلق أكاد أشعر بحركتهما العصبية لف الدوار رأسي قليلا من الحركات المفاجئة المتعاقبة علي دون فرصة لالتقاط الأنفاس شعرت برائحته المميزة تجتاح أنفي بت استنشق الهواء الملوث بعطره وإن كان باهظ الثمن لكنه محمل بسمات الړعب والرهبة. لم يبتسم لي وقال بصوته الرخيم متهكما وهو يجبرني على التمايل مع النغمات الراقصة
قلت لك ستأتين إلي طوعا.
نظرت له بعينين تستجمعان الڠضب بسبب كلماته الاستفزازية تلك ونفيت ما اعتبرته اتهاما بما يشبه المهاجمة
لم يحدث أنت من تتربص بي!
بالطبع أنا لم أقصد الذهاب إليه كان هو من ظهر من العدم واعترض طريقي ولحظي العثر سقطت في أحضانه. نظر لي بغرابة اقشعر لها بدني على ما يبدو كلاهما يتسليان بإرهابي وكنت ضائعة في مخاۏفي وبدلا من استجدائي لعطفه وجدت نفسي أنفجر فيه صاړخة بصبر نافد وقد تقلصت عضلات وجهي
ماذا بك أنت وذلك أتحاولان إخافتي
حدق في مليا بنظرات لم أفهمها ولكني واصلت القول معترفة بصدق
حسنا لقد نجحتما في هذا!
لم يبعد عينيه عني وهو يعقب ببرود مما جعل قشعريرة أخرى مقلقة للغاية تمر عبر جسدي
أنا لن أفعل بك أي سوء.. حاليا.
لم أكن متأكدة من استمرار صمودي أمام ما أواجهه من ضغوطات مرهقة شحذت كل ما أملكه من قوة ودفعته هو الآخر بقساوة من صدره لأشير بعدها بسبابتي نحوه وأنا ألعنه
لتحترق في الچحيم...
نظر بغير أدنى تغيير في ملامحه فأكملت في حړقة
كلاكما!
كنت أوجه لعناتي له وللحقېر الآخر بتشنج وانفعال وانعكست تبعات حنقي على لون بشرتي الذي تخضب بحمرة مشټعلة. توقفت الموسيقى عن اللعب مجددا وبقيت محدقة في وجه فيجو مترقبة ردة فعله لكن لم يرف له جفن بقي في مكانه يتطلع إلي بنظراته القاتمة. جفلت وشعرت بانقباضة موترة تعصف بصدري أبعدت عيناي عنه لأحرك بعدها رأسي في يأس وأنا أردد لنفسي بحنق مكبوت محملة والدتي اللوم كله
يا ليتني لم أحضر إلى هنا.. الخطأ منذ البداية لصوفيا كان يجب أن أصر على رفضي على الأقل كنت تخلصت من كل ذلك الړعب.
لم أنظر للخلف مرة أخرى واخترقت باندفاع متعصب التكتلات البشرية لأهرب من نظراته التي

حتما لم تفارقني.
رفرفت بجفني بحركة عصبية لأنفض العبرات التي تسللت إلى عيناي وأنا أسير عبر الممر المعبد بالحجارة كنت سريعة البكاء حين تتأزم بي المواقف ولم أحبذ أبدا أن يظهر ضعفي أمام الغرباء. تسللت بعيدا عن الحشد المنغمس في الحفل باحثة عن متنفس منعزل عمن حولي توقفت في منتصف الممر وقد ظهرت الحيرة جلية على محياي لم أرغب في المجازفة بالتجول في ذلك المكان الذي أجهله لذا غمغمت بغيظ
اللعڼة عليهما!
تلفت حولي كالضائعة لا أرغب حتى في سؤال أحدهم لحسن حظي تجمدت نظراتي على شيء بعينه بدا الخيار المتاح والآمن التوجه للخليج كان على مسافة قريبة مني لهذا تحركت صوبه بخطوات أقرب للركض حتى بدا صوت فرقعة حذائي كالطلقات. وما إن أصبحت أمامه حتى أغمضت عيناي واستنشقت بعمق الهواء المنعش الذي اقتحم صدري بقوة ليبدد ما ېحرق داخلي. تركت للنسمات المنعشة كامل الحرية للفح وجنتاي والعبث بخصلاتي الفوضوية. فتحت بعد لحظيات معدودة عيناي ونظرت مجددا للمنظر الخلاب الذي احتل المشهد أمامي والحق يقال تناسيت مع زرقة المياه ما اجتاحني من ڠضب وخوف.
ودون إعادة تفكير انحنيت للأمام ثم انتزعت حذائي عن قدماي اعتدلت في وقفتي وأمسكت بفردتي حذائي بيدي اليمنى وهذه الفكرة المچنونة تعبث برأسي. تأهبت حواسي كليا لأقوم بهذا التصرف الصبياني بلعت ريقي وأنا أخطو بنزق على السطح الرملي شعرت بتلك الخفقة المرحة تداعب قلبي حين تجرأت لفعل ذلك خطوة أخرى أحرزتها وتركت للرمال الدافئة الفرصة للتخلل بين أصابعي نطقت بتنهيدة متمهلة مليئة بالاشتياق
أوه! رائع!
حركت أصابع قدماي لأتأكد من غمرها أكثر بالرمال وتغمدني شعورا عظيما بالراحة والصفاء ازداد إحساسي بالاسترخاء كلما تقدمت بضعة خطوات نحو الشاطئ انغرزت قدماي أكثر بين الكثبان الرملية البيضاء وتضاعف حماسي ليطغى بقوة على خۏفي كما أنعش ما أقوم به من حركات طفولية خلال ركلي للرمال ذاكرتي ولاحت ومضات خاطفة في مخيلتي نشطت عقلي بما كنت أفعله فيما مضى على الشاطئ ينقصني فقط أن أحضر الدلو والجاروف لأبدأ مهمة بناء القلعة ضحكت لعفويتي وبراءة ذكرياتي مرددة لنفسي
يا إلهي! ليتني أعود لتلك الأيام الجميلة!
أدرت نظراتي بتمهل متأملة تفاصيل المكان الجذابة كان يحظى بخصوصية واضحة ليس من المسموح لأحد بالتجول فيه. استدرت برأسي للجانب الآخر ورأيت ممرا خشبيا على يساري استقرت نظراتي عليه كان مخصصا للسير يعلوه حواجز جانبية تتيح للسائر التوقف والاستناد على حوافها حتى تصل به لمسافة لا بأس بها بداخل مياه الخليج دون الحاجة للسباحة أو استقلال أي وسائل النقل المائية للتواجد في مياهه المشوقة. فكرت في الاتجاه إليه كان مثاليا لعزلتي حتما لا أريد السير على الشاطئ فيلمحني أحدهم خاصة أحد أفراد عائلة سانتوس. أردت البقاء بعيدة عن أي تطفل غير مرغوب منهم وبالتالي تعززت تلك الفكرة اللطيفة بداخلي وقلت مشجعة نفسي
ولما لا يبدو المكان ساحرا من الأعلى.
واصلت السير في اتجاه الممر وأنا أحرر خصلات شعري من عقدتها رغبت في الشعور بالحرية وإن كان يعني ذلك التخلي عن هيئتي المهندمة.
دقائق وكنت أخطو برشاقة على الألواح الخشبية سمعت صريرها وكأنها تعبر بطريقتها عن فرحتها بقدومي نظرة شمولية ألقيتها على اللون الأزرق المحبب إلى نفسي ثم تخليت عن جديتي وجلست في منتصف الممر عند الحافة حذائي إلى جواري وساقاي تتدلى للأسفل بالكاد لامست أصابع قدماي صفحة المياه المتلألئة بأشعة الشمس الدافئة حين تحركها برقة حذرة نسمات الهواء الملطفة. حملقت بشرود وابتسامة حمقاء تعلو ثغري كنت أحاول الاستمتاع

بسحر الطبيعة بعيدا عن أي مظاهر مزعجة.
استغرقت في تأملي معتقدة أني بمفردي في جنتي الخاصة إلى أن زكم أنفي رائحة عطر قوية تنم عن شخصية مهيبة لا يستهان بها اختلطت بالهواء وعبقته برائحته الذكورية الموترة. تصلبت في مكاني وانقبضت أناملي على حافة اللوح الخشبي الجالسة عليه وقد بادر بسؤالي دون أن أكون بحاجة لتخمين هويته
جميل أليس كذلك
كان سؤال فيجو تقليديا مباشرا إجابته متوقعة لكن بالنسبة لي بدا مقلقا لم ألتفت نحوه رغم يقيني بأنه يقف خلفي وعلقت بفظاظة عله ينصرف
وما شأنك
تعجبت من صمته على ردي ولم أكترث بنتائج ما تفوهت به دارت في رأسي بضعة اقتراحات شنيعة لمحاسبتي على وقاحتي فقد يستل خنجره من غمده وينحر عنقي أو يضع طلقة ڼارية في رأسي الأهوج الحقيقة أني وضعت العديد من المقترحات الدموية لكنه أفشل سيناريوهاتي العڼيفة وظل بلا حراك للحظات بدت بطيئة للغاية. تابعت بنظرات حذرة حركة ظله المنعكس على المياه وأيقنت أنه غير مساره ليبدو أكثر قربا مني. اتجه إلى الجانب الأيمن واستند بظهره على حافة السور الخشبي وركز كامل نظراته علي توقعت قيامه بذلك دون أن أجرؤ على رفع رأسي نحوه للتأكد آثرت التحديق في المياه واحتفظت بسكوتي إلى أن فاض بي الكيل سيظل متواجدا ما لم أصرفه لذا أنهيت عزوفي عن الحديث معه متسائلة بحدة
ألن تحل عني
أتاني جوابه واضحا وقاطعا بنفس صوته الجاف
لا.
استخدمت قبضتاي لأنهض من مكاني مد ذراعه بلباقة لمساعدتي ضاقت نظراتي في حنق ورفضت الاتكاء عليه تجاهله عن عمد واعتدلت في وقفتي. هنا لاحظت فارق الطول الكبير بيننا بدون حذائي بالكاد تصل قمة رأسي إلى كتفه. تجاوزت عن شرودي السريع ورمقته بنظرة حادة ڼارية ركزت فيها كرهي على وجهه المختبئ خلف نظارته القاتمة ثم صړخت به
ماذا تريد مني هيا! أخبرني.
رفع أنفه للأعلى في إباء مغتر وكتف ساعديه أمام صدره ليجيبني بعدها بكلمة واحدة جعلت رجفة عجيبة أخرى محملة بالوخزات الموترة تتفشى في أوصالي
أنت!
باغتني رده فاتسعت حدقتاي في صدمة انقبضت عروقي ورددت مستنكرة بشدة وكأني أهاجمه
نعم أنا هل جننت
لاحت على شفتيه ابتسامة مستخفة وهو يرد بغموض ضاعف من غيظي
ليس بعد.
نظرت له شزرا وتابعت هجومي الهازئ به
يبدو أن الخمر لعب برأسك...
ثم أشرت له بيدي وكأني أصرف أحد الخدم حين أكملت
رجاء اذهب أيها السكير قبل أن أخرج عن تهذيبي وصدقني لن تسمع ما يرضيك.
لاحظت تبدل تعابيره للوجوم يبدو أن كلامي اللاذع استفزه. استقام في وقفته وأكاد أشعر أن طوله قد تضاعف خطا قبالتي قائلا بلهجة بددت مظاهر الشجاعة الواهية التي استحوذتني قبل قليل
لن أذهب.. قطعة السكر!
تراجعت بتلقائية للخلف وأنا أنهره
لا تناديني بهذا اللقب لا يحق لك يا هذا.
قصدت التقليل من شأنه بأسلوبي الحاد في حوارنا ومع هذا وجدته يرد بغموض زاد من رهبتي
لي كل الحق فيك وأنت هنا بسبب زعيم عائلتك.
على الفور نطقت متسائلة وما زالت الصدمات
 

انت في الصفحة 4 من 61 صفحات