رواية آصرة العزايزة (كاملة جميع الفصول) بقلم نهال مصطفي
يعملها !!
أنا عندي أساليبي الخاصة ال هكشفهم بيها .
ضحكة مكتومة بدى طيفها على محياه مستهزءا بهمس
في المشمش !!
ثم أكملت ليلة بنفس ذات النبرة الحمقاء متأملة
وأثبت نفسي عشان دي فرصتي الوحيدة يكون ليا برنامجي الخاص على أكبر المحطات .. لازم موضوع هيفرقع الرأي ويعمل بووم ...
دمدم بسخرية وهو لم يتوقف عن الضحك الساخر الغير مسموع
عقدت حاجبيه مستفهمة وهي تتابعه عن كثب
أفندم !!
جهر معلنا وهو يجز على فكيه
ربنا يوفقك يا استاذة .. وتجيبي رأسهم الأرض ونخلصوا منهم ومن أذاهم .. معاك حق دول عيلة لوش وليهم تقاليع عجيبة .. افضحيهم وأنا معاك .
رفعت سبابتها بإعجاب شديد وبنفس النبرة الحمقاء
أنت أجدع حد أنا قابلته في حياتي والله العظيم ..
اكتفى بنظرة واحدة فتحت لها مجالا لاستكمال حديثها وقالت
كنت عايزة أوصل لحد هنا اسمه ..
فتحت حقيبتها بعجل وهي تخرج هاتفها تبحث عن اسم ذلك الرجل الذي تريد لقاءه فتشت لدقيقة بهاتفه ثم هبت متحمسة
ايوة أهو اسمه هارون العزايزي .. ده العمدة بتاعهم مكان باباه ال اسمه خليفة مش كده ! بيقولوا عليه رجل صعب أوي وأصعب من باباه فاتح صدره على الناس ومحدش هامه .. وصعب التفاهم معاه وخلقه ضيق ومحدش بيعرف ياخد معاه حق ولا باطل .. بيلعب بالسبع ورقات !
أنا عملت كل ده مېتة !!
وهنا تفرض التساؤلات نفسها في ساحة فضوله عن هوية تلك الفتاة تبحث عنه وتفتش وراء عائلته عامة ووراءه بالأخص تعامل بهدوء وجهل تام مع سؤالها وقال
و سمعتي أيه كمان ! قولي قولي دا أنت طلعتي لقطة .
ردت باندفاع متبعة فضولها وهي تتساءل
صحيح القبيلة دي حاطة قانون جواز الډم ممنوع أي حد يتجوز من بره القبيلة ! يعني مش بيتجوزوا غير قرايب بعض وبس!
ده أهم عرف للعزايزة .
ابدت اعتراضها معبرة
?!
فاتبعت دهشتها بضحكة ساخرة وأكلمت بتلقائية
أحيه !
يبدو لوقع الكلمة أثار فجة على قلبه فظهرت بوادرها بإحمرار جمر الڠضب على ملامحه
اسمعي يا بت الناس طول ما أنت قاعدة إهنه متقوليش الكلمة دي حتى قدام عيل صغير .. فاهمة !
بدون اقتناع
كلمة أيه ! ااه ليه يعني ! عندنا كلمة اعتراضية أن الكلام مش عاجبني أو مندهشة .. !! فين المشكلة ! وبعدين دي لهجتنا كلنا كاسكندرانية ومش مسموح لأحد حد مهما كان يتريق عليها .
نرجع لمرجوعنا .. لو واحد مثلا حب واحدة تانية ومش عايز يطبق العرف ده مفيش أي ثغرة ممكن يستخدمها خلاص كده يتجوز حد مش بيحبه ولا متقبله عشان أعراف وتخاريف !! أحنا ف الجاهلية !! دول عيلة متخلفة بجد وتستاهل تتفضح .
بات الڠضب كحبات الفشار التي تتقاذف من عينيه وهو يشيعها بنظراته الحادة ليجيب بحزم وانتماء لقوانين قبيلتهم
عرف العزايزة متخلقش اللي يكسروا والقوانين سيف يحترمه الصغير قبل الكبير بعيد عن الحب والمياعة اللي عتتكلمي عنها دي!
تراجعت للخلف بړعب يتطاير من مقلتيها
حضرتك اتعصبت لي ! أحنا مش خلاص بقينا صحاب وبندردش. عادي !! ليه الأفشة دي يا كابتين !!
طريقتها الطفولية كانت مرهما على شروخ غضبه التي جعلتها تتخدر في نفس اللحظة .. التوى ثغره مبتسما عندما رأي خۏفها فبادر ليطمئنها بعودته لهدوئه مبررا لنفسه إنه ضيفته وبلداه تحمحم بخفوت وهو يجادلها
كملي سمعتي أي كمان على العمدة ولد المجلحف مجحف ..
بفضول ملح بجهل
مج..مجلفح يعني أي!
ببسمة كبرياء ممزوجة ب الشكوى
أنت جيتي لي منين يابت الناس ! فتحي مخك معاي مش كل كلمة هنزلك بقاموسها !
ثم ولى النظر إليها للمرة الثانية التي انحرفت فيها عينيه عن الطريق وقال
مجلحف يعني ظالم مفتري بلغتكم في بحري .. ومش دهوت كلامك !!
أهااه فهمت يا كابتين.. سوري مش متعودة على اللهجة بتاعتكم أصل دي أول مرة انزل فيها الصعيد .
ثم تململت في جلستها بحماس الطفولة
متحمسة أوي أشوف
العمدة بتاعهم وبالأخص الحج خليفة أنا متخيلاه راجل رجله والقپر هلقى سنانه واقعة ولابس عمة وجلابية بس له هيبة تخض أي حد يقرب منه أنت شوفته ! قصدي تعرفه ! احكي لي كمان عن ابنه هارون ده !!
رد بإنكار
لا هعرفه من فين أنا على قد حالي! راجل بالسمعة دي وآثار وفلوس هيقابل أي حد والسلام زيي إكده على باب الله !!
حدجته بعدم تصديق وهي تتأمل ماركة السيارة التي يقودها
مش باين الصراحة !!
تفهم قصدها شارحا
قصدك العربية !! دي بتاعت الجماعة ال شغال عنديهم .
اااه فهمت .
أصابها اليأس في مقټل لصعوبة مهمتها بخلق حوار صحفي مع ذلك الرجل الغامض الذي قطعت مسافة أميال لأجله .. سألته بفضول
قولي تعرف أيه عنهم كمان ! حضرتك من هنا ! يعني من البلد ..
أكمل مسرحيته المزيفة
أنا من البلد اللي بعيدهم طوالي .. بس قوليلي عايزة تعرفي أيه !
قول لي مثلا أيه أغرب حاجة سمعتها عنهم !
فكر مليا ثم قال بإختصار متعمدا إخافتها
أيام جدهم العزايزي الكبير ولد أخوه حب واحدة قهراوية واتجوزها من وراهم .. ولما وصلهم الخبر ..
قطعته مع اتساع بؤبؤ عينيها بفضول رهيب
وبعدين عملو فيه أيه المجرمين دول !
وصلت سيارته لبوابة الفندق فهدأ السرعة تدريجيا وأجابها
من يومها محدش سمع خبرهم في أقاويل بتقول أنهم حبسوهم في كهف في الجبل لحد ما ماتوا واللي يقولك قتلوهم ورموهم للديابة ..
زام فاهها من هول ما سمعته
يا حرام ! دول مجرمين بجد ! طيب ليه بيعملوا كده !
صف سيارته أمام مدخل الفندق ثم أبطل المحرك وطل عليها للمرة الثالثة ليجيبها بنبرة أهدى عن بداية لقائهم وكأنه يذكر نفسه بقوانين قبيلته التي قطع عهدا للحفاظ عليها أمام عينيها النبدقية
العزايزة دمهم عزيز وشرفي .. ومش أي حد يستحق يكون منيهم .. هما إمبراطورية اكتفت بحالها في وسط الجبل .. وأي ډم غريب عليهم مصيره القټل .....
بللت حلقها إثر الخۏف الذي دب في أوصالها حتى أوشكت على البكاء
يامامي !! أنا عايزة أروح ....
اڼفجر ضاحكا بصوته الأجش وملامحه الجادة التي لا يغازلها الضحك
تقلي قلبك عاد بدأتي مشوار يبقى تقطعيه لأخره ميبقاش قلبك خفيف ... وصلنا .
تعرقلت الأعين المختلفة ببعضها أعين تحمل رائحة موج البحر الرطبة بتلك الأعين التي ينعكس منها رمال الصحراء الحاړقة كتعرقل سمكة بكمين صيادها المخادع.. يا ترى هل ذلك إثر حماقة السمكة أم للذة الطعم ! أم لدهاء صيادها ! أحست لوهلة بشعور ليس من المفترض أن تشعر به قلب يرتجف وكأن قطرات المطر الخفيفة غسلت قلبها بدلا من أرصفة الشوارع .. بتنهيدة تشبه شهقة الغريق وكأنها تود الاعتذار عما سببته له من إحراج
مرسيي أوي تعبتك معايا يا كابتن .. جميلك ده أنا عمري ما هنساه .. حسابك كام بقا !
تعجب بغرابة
حساب ايه !!
التوصيلة !!
زفر بضيق
انزلي وبطلي حديت ماسخ !!
شكرته بعرفان
ماشوفتش عمري في جدعنتك والله .. أنت رجل بصحيح وكلك ذوق بجد ..
كادت أن تهبط ولكنها تراجعت متسائلة
والعربية !! عربيتي !!
رد بثقة
الصبح هتلاقيها قدام اللوكاندة .. والمفتاح مع الموظف .
أردفت ممتنة بإعجاب وبثرثرة
حقيقي أنت أجدع حد قابلته .. بجد مفيش منك بس أنا معرفتش اسمك لحد دلوقت تصور !
أشار بيده لرجل الأمن كي يأتي ليأخذ حقيبتها متجاهلا الرد على سؤالها حتى يئست من تلقي الجواب فترجمت صمته
خلاص مش مهم شكلك من الناس ال بتحب تعمل الخير وترميه في البحر .. أنا هفضل فاكرة الجميل ده طول عمري .. وهحكي لكل الناس عنك .
اكتفى بميلة خفيفة برأسه التي تحمل بداخلها مسئولية ومشاكل عائلة من أكبر وأهم عائلات الصعيد .. هبطت ليلة من سيارته فلم ينتظر دخولها لبوابة الفندق .. انطلق مسرعا نحو قبيلته التي تنتظره على مراجل من ڼار .. وقف رجل الأمن على الرصيف ملقيا التحية
معالي الباشا نورت نورت ..نورتنا .
اقتربت ليلة من موظف الأمن وسألته بفضول قاټل
واضح إنك تعرفه .. هو مشهور أوي كده!!
مع ابتسامة حمقاء أكملت
مين ده !!
رمقها الموظف بذهول يحمل ألف سؤال ناتج سؤالها الأبله
ده هارون بيه ... هارون بيه العزايزي.
وقع الاسم على رأسها كالصاعقة التي رجت كيانها فأغمضت عينيها لتسترد أنفاسها محاولة تلقى هذه الصدمة التي طاحت بجميع أحلامها وأن ماتبحث عنه يجلس بجوارها فغمغمت بصوت خفيض يحمل البكاء
أحيه !!
تقف صفية وراء الجدران تلطم على وجهها بقلق يتتطاير من معالم وجهها المنكمشة رغم بياض وصفاء بشرتها .. نادت هامسة لهيثم بړعب
أخوك مش بعادته يعوق على الناس إكده ما تمشي رجلك للجسر ليكون دق في حد على الطريق ..
فاض صبر هيثم الذي بدا عليه التوتر من ضجيج عمومته وأبنائهم من طيلة انتظارهم ل هارون ونظرات أبيه التي تحمل التوعد
ياما مش أنت وهما على !! دي مابقتش عيشة وهارون ولدك مش بتاع عراك عشان يمشي يدق في خلق الله .. أقولك روحي نامي يا صفية .
أنام كيف بس والدوار والع حريقة وكلهم هيدقوا في روس بعض ! طيب هلال أخوك فينه !
ف الجامع وروحت له قال لي أغرب عن وجهي يا أخ هيثم .
ثم انصرف هيثم ليكرر مهاتفة أخيه للمرة الذي لا يعرف عددها وهو يركض نحو مندرة اجتماع العائلة .. هرولت صفية فاتبعت زينة خطاها
روقي يا عمتي ..
ربنا يجيب العواقب سليمة .
ضړبت صفية على صدرها بارتباك
كلميلي الداكتورة هاجر بتي هاجر هي اللي هتقدر توصل لهارون أخوها .. هي ال عتريح قلبي
وتشغلي هاجر لي بس دلوك وهي متغربة في أسيوط لحالها ! سبيها تركز في جامعتها ومذاكرتها .
جلست صفية على أقرب مقعد
متقاوحيش معاي يا زينة وكلمي هاجر .
لبت زينة طلب عمتها وهاتفت هاجر الأخت الصغرى لهارون صاحبة العشرين عاما طالبة بكلية الصيدلة وتقيم بأحدى المدن الجامعية التابعة لجامعة أسيوط .. ردت هاجر على هاتفها باستغراب
زينة !! أزيك !
هتفت زينة ب
عجل
خدي أمك عايزاكي يا هاجر ... خدي يا عمة أهي هاجر على المحمول .
شدت صفية الهاتف من ابنة أخيها
ألو .. يا هاجر .. سمعاني يابتي !
وضعت هاجر غطاء رأسها وخرجت للنافذة
معاكي يا صفصف مال صوتك متاخد ليه
سوقت عليكي حبيبك النبي يا بتي شوفيلي فين مكان أخوكي على النت بتاعكم دهون لو مجاش هتحصل عركة كبيرة وأبوكي مش هيعديها وأنت عارفة عمامك ما عيصدقوا يمسكوا في بعض
تبسمت هاجر مستخفة بالأمر
عمامي بردك ! ولا قلبك اللي مش هايهدأ غير وهارون جاره هكلمهولك متقلقيش .
مش وقت مقلدة وشوفي لي أخوكي فين يالا استعجلي ..
دبت عجلات سيارته الفارهة دهليز القصر فدلف منها على الفور وهو ينادي على كبير الحرس
جابر خد المفتاح ده هتلاقي عربية عطلانة عند الكيلو وديها لدنقل وقوله البيه بيقول لك تسيب كل اللي في يدك وتخلصها قبل طلعة النهار .. اتحرك يلا .
ركض هثيم على أخيه
كنت فين يا هارون !!
حصل أيه !
حذره مغمغا
أبوك على آخره !! هارون ما فكرتش في موضوعي أنا ورحاب !
زفر بضيق
وده وقته ياهيثم !!
مسح بكفه على صدره وقال متيما
حاسس أن رحاب دي هي حب عمري يا خوي وغير كل البنات ال عرفتهم !هنتقدمولها مېتة !
تجاهل سؤال أخيه وهو يسير بخطوات سريعة ناحية المندرة المتجاهر منها الأصوات المبهمة والهمهمات الغاضبة ما وطأت قدميه عتبة المكان جهر بشموخ
عاملين غاغا لي .. طارت الدنيا ما تاخدوا نايبكم صبر !!!!
مرسى علم
ضحكات متكررة من فاه هاشم وهو يتحدث مع أخته عبر الهاتف وهي تشكي له أمه .. ثنى سيجارته بقلب المطفأة وقال بنبرته الصعيدية التي لا يمكن أن يتجاوزها وينساها مع أهله
ولدها البكري اللي مخلفتش غيره !! صفية هي صفية مش هتتغير .
جلست هاجر على طرف مقعد مكتبها وهي غارقة بالضحك
حقيقي أنا وأنت المتغربين مش بتفكر فينا كيف ما هارون شاغلها ..
جلس على الأريكة بجوار رغد صامتة ولكنها قادرة على وصف مدى حبه فلبت ندائه وتركت هاتفها ومالت برأسها على صدره ثم عاد لحديثه مع هاجر
هو اللي على الحجر ياستي .. بكرة يتجوز وتيجي اللي تأخده منها .. وهنشوف صفية هتعمل فيها أيه !
هبت معترضة
مين دي !!دي صفية هطلع عين اللي جابوها .. وقول هاجر أختي قالت .
يحيينا ويورينا يا ستي قوليلي ناقصك حاجة عندك فلوس حد مزعلك !
قفلت الكتاب المفتوح أمامها
مين ده اللي يقدر يزعلني دول بس يسمعوا إني بت العزايزة يخافوا يقربوا مني .. عاملين ړعب أنتوا في كل مكان .
أومال أنت فاكرة أيه !! بطلة كيف أخوك ..
قعدتك في بحري علمتك الحديت المزوق والبكش بس هعمل أيه أخوي وعحبه .
ظلت يده تمسح على رأس رغد النائمة بحضنه ثم قال
وحشتيني يا مقرودة ..
كلها يومين وهنتجمعوا على فرحة هيام وهزهقك مني .
مقدرش ..
ربنا يخليك لي يا هاشم أنت وهارون وهلال وهيثم أنتوا سندنا من بعد أبوي ربنا يديم حسه .. اسيبك عشان تشوف شغلك ماتقولش عليا رطاطة بس أنت عارف عحب الحديت وياك .
وأنا عحبك أنت .. خلي بالك من روحك .
رسمت البسمة على محياها
من عيني .. هاشم لا اله إلا الله .
محمد رسول الله يا حبيبتي .
أنهى المكالمة مع أخته الصغرى ثم ألتفت لتلك الأعين التي تتغزل به في صمتها .. رفع حاجبه مندهشا ومازال محافظا على لهجته الصعيدية
أنا مش قد البصة دي يا بت الحلال !!
اتسعت ابتسامتها الرقيقة وسألته
لسه النظرة من عيني بتهزمك زي أول مرة اتقابلنا !
بتهزمني
! أنا اتمسح بيا أسفلت مرسى علم .
قال جملته