رواية وبقى منها حطام أنثى (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم منال سالم
حاجة عادية للأطفال اللي في سنها
نظرت له مدهوشة من كلمته فقد اعتقد من لهفتها عليها وخۏفها الطبيعي أنها والدتها بالفطرة ..
لم ترد أن تخيب ظنه واكتفت بالإبتسام له بكل تهذيب لكن سريعا ما تلاشت ابتسامتها وزاغت نظراتها وحل الوجوم والخۏف عليها حينما رأت مالك مقبلا عليها وعلى وجهه علامات نذير شړ جلي ............................
الفصل الثاني والعشرون
ابتلعت إيثار ريقها بتخوف واضح حينما رأت مالك مقبلا عليها وعلى وجهه قساوة غريبة ..
ارتعاشة خفيفة دبت في أوصالها وجاهدت لتحافظ على ثباتها أمامه التقت عيناها بعينيه ورأت فيهما ټهديدا صريحا ..
نعم عاصفة هوجاء على وشك الانطلاق الآن في وجهها ..
راقبة ردة فعله بتخوف .. وتراجعت بحذر خطوة مبتعدة عن الفراش ..
اعتدل في وقفته وأخذ نفسا عميقا وقبل أن يفتح فمه ليصيح بها أردف الطبيب متساءلا
حضرتك والد البنوتة
أجابه مالك بصوت قاتم وعينيه لم تحد عن إيثار
ايوه !
تابع الطبيب قائلا بنبرة إعجاب وهو يشير بيده
صمت مالك ولم يعقب ولكنه استدار برأسه تجاه الطبيب لينظر له
بدقة ..
ابتسم له الطبيب وهو يضيف
انت محظوظ إن عندك أم حريصة زيها ربنا يخليكوا لبعض !
بينما تبدلت نظرات مالك للصدمة فلم يتوقع أن يلفظ الطبيب بتلك الكلمات تحديدا ..
الحمدلله إنك جيت أنا كنت آآ....
قاطعها مالك قائلا بشراسة أجفلتها وهو يحدجها بنظرات ممېتة
ولا كلمة !
استشعرت الخطړ في نبرته فازدردت ريقها وهتفت قائلة بنبرة شبه ثابتة
أنا .. عملت واجبي معاها وآآ..
تحرك مالك ليقف قبالتها فتوقفت عن الحديث ونظرت له بتوتر ..
إنتي ازاي تتجرأي وتاخدي بنتي من ورايا !
اهتز جسدها من صوته المرتفع وأجابته بتلعثم وهي تبرر
تصرفها
أنا .. أنا مكانش ينفع أسيبها وهي حالتها تعبانة وسخنة !
انتي مش أمها عشان تعرفي مصلحتها أكتر مني إنتي شغالة عندي !
عندك حق أنا .. فعلا مش أمها بس على الأقل قومت بدوري معاها
أخذ مالك نفسا عميقا ليسيطر على غضبه .. فبالرغم من تصرفها الأهوج إلا أنها فعلت الصائب مع ابنته ..
لم يستطع شكرها على ما فعلت وتحكم في مشاعره التي اضطربت قليلا لرؤيتها في تلك الحالة الغريبة .. لم يحدد إن كانت حقا خائڤة منه أم تدعي هذا ..
أقنع نفسه أنها تفعل ذلك لنيل تعاطفه لذا جمدت تعابير وجهه وقست نبرته وهو يحذرها بټهديد صريح
لو اتكرر الموضوع ده تاني يا إيثار مش هايحصلك طيب إنتي سامعة !
أومأت برأسها إيجابا وردت ممتثلة لأمره
حاضر يا مالك بيه !
ثم تحركت مبتعدة عنه فتعجب من تركها إياه فالټفت برأسه نحوها وسألها بصرامة
رايحة فين
لم تستدر نحوه وأجابته بصعوبة وهي تحاول
الحفاظ على ثبات نبرتها
حضرتك دلوقتي موجود مع بنتك وأنا دوري خلص فمروحة عن اذنك
وقبل أن تخطو خطوة أخرى للأمام صاح بها بصوت آمر جعلها تتسمر في مكانها
استني !
تنفست بعمق وحافظت على رباطة جأشها وهي ترد بإقتضاب
افندم
تحرك ناحيتها ووقف إلى جوارها ثم نظر إلى جانب وجهها ليتأملها بتفرس وتابع قائلا بجدية
رقم موبايلك يبقى معايا وتكلميني لو حصل أي حاجة تخص ريفان !
لم تلتفت نحوه بل رفعت رأسها في كبرياء وردت عليه بعزة نفس
حاضر عن اذنك !
...........................................
ترجل عمرو من سيارة الأجرة وفتح الباب لروان التي نظرت له بإندهاش من تصرفه الذي لا يليق مع وقاحته وغلظته المعتادة ..
تلفت حوله وهو يقول بهدوء جدي
اتفضلي انتي على البيت وأنا هامشي وراكي
قطبت جبينها بتعجب وسألته بعدم فهم
ليه
نظر إليها بثبات وأجابها بجدية
عشان أضمن محدش يضايقك وانتي ماشية وكمان مافيش أي حد يقول كلمة عننا لو شافونا ماشيين سوا
تفهمت روان مقصده والتوت شفتيها بإبتسامة خفيفة ثم فعلت ما طلبه .. وخطت بإرتباك أمامه .. وشعور قوي بالأمان يتخللها ..
حافظ عمرو على مسافة ثابتة بينهما وهو يلحق بها
فكرت روان مع نفسها أنها ربما أساءت فهمه منذ البداية .. فشهامته تلك لم تتوقعها معها بعد المواقف التي صارت بينهما ..
لكنها لم يتخل عنها في موقف حرج وأثبت لها إن هناك رجالا بحق ..
راقب عمرو روان بنظرات غريبة غير التي كان يراها مسبقا بها ..
لقد تغيرت تلك الفتاة كثيرا لم تعد الصغيرة الطائشة التي كانت تدفع شقيقته للجنون .. بل أصبحت أكثر عقلانية واتزانا ..
لاح على فمه شبح ابتسامة وهو يرى فيها شابة جميلة .. لكن سريعا نفض عن عقله تلك الأفكار الغريبة وغض بصره وهو يتابع سيره خلفها ...
......................................
خرجت إيثار من المشفى وهي في حالة يرثى لها ..
مازال مالك قاسېا عليها يعاملها وكأنها الجانية
في حقه ..
ولم يفكر للحظة في كونها المجني عليها .. ضحېة كل شيء ..
تأخر الوقت نوعا ما وكان الطريق شبه خاويا من المارة والسيارات ..
فسارت هي على غير هدى باحثة عن طريق رئيسي لتتمكن فيه من الحصول على سيارة أجرة لتستقلها وتعود إلى منزلها ..
تذكرت أنها لم تحضر معها المال الكافي لتدفع الأجرة فزفرت في ضيق .. وأكملت سيرها.
مرت هي بشابين كانا
يقفان على قارعة الطريق ولكن لم يكونا في حالة طبيعة فقد بدى أنهما يتعطيان شيئا ما ..
لذا أسرعت في خطواتها وهي تمر من جوارهما ..
التقطت أذنيها إيحاءات جارحة مسيئة إليها فتشبثت بطرف حجابها وتسارعت خطواتها بإرتباك
شايف المزة دي !
قالها أحد الشابين بصوت مرتفع متعمدا أن يصل إلى مسامعها بينما أضاف الأخر بنبرة مخيفة
طلقة !
تحرك الاثنين خلفها وحاولا اللحاق بها وتابع بصوت ثقيل
ايه يا جميل مركبة موتور في رجليكي الحلوة دي ما تمشي كده تاتا تاتا
ارتجف جسدها بشدة وشعرت بالړعب من حديثه المنفر .. وأسرعت في خطواتها الراكضة ..
أضاف الأخر بصوت عالي
ايوه بالظبط تاتا خطي العتبة يا مزة !
ثم قهقه كلاهما بصوت مرتفع أثار خۏفها واشمئزازها في نفس الوقت ..
هوى قلبها في قدميها من فرط الخۏف والقلق ..
قررت هي أن تسرع في خطواتها فبدت كالتي تركض هاربة من شيء ما ..
اقترب الشاب منها ومد يده ناحيتها وهو يقول بصوت غريب
انتي خاېفة يا مزة ده احنا هانقول كلمتين في بؤ بعض !
ارتعش جسدها بفزع والتفتت برأسها لتنظر إليهما فوجدتهما يلحقان بهما فصاحت بصوت مرتجف
احترم نفسك انت وهو معندكش اخوات بنات عيب كده
قهقه الشابان على كلماتها المذبذبة ورد عليها أحدهما
لأ معنديش وأنا ناقص تربية وعاوز مزة زيك تربيني
سمع ثلاثتهم صوت مكابح سيارة قوي جعلهم يلتفون برؤوسهم نحوها ..
اتسعت حدقتي إيثار في صدمة حينما رأت سيارة دفع رباعي موديل جيب تقطع الطريق وزادت دهشتها حينما رأت مالك يترجل منها ليتجه نحو الشابين ويتشاجر معهما ..
تسمرت في مكانها مړعوپة وابتلعت ريقها في خوف بائن ..
تمكن هو من إبعادهما بعد أن هددهما وسبهما بألفاظ شنيعة تفاجئت هي من كون مالك يلفظها ..
أفاقت من دهشتها المرتعدة على صوته وهو يأمرها
اركبي العربية
هزت رأسها نافية بصورة عفوية فصړخ بها بنبرة عڼيفة
اسمعي الكلام واركبي ولا منتظرة حد تاني يمد ايده عليكي
ارتجف جسدها من كلماته ومن نظراته الحادة التي اخترقتها ..
اتجهت نحو سيارته وقبل أن تمد يدها لتفتح باب المقعد الخلفي وجدته يفتح لها الباب الأمامي فنظرت له بتوجس بينما أضاف قائلا بغلظة
ريفان أعدة ورا في الكرسي بتاعها ومافيش مكان اتفضلي قدام
دققت النظر في المقعد الخلفي فوجدته مشغولا بالفعل بمقعد الأطفال وريفان غافية عليه ..
ضغطت على شفتيها المرتعشتين وركبت بحذر السيارة ..
أغلق الباب خلفها بهدوء ثم تحرك ليركب في مقعد القائد ..
التصقت إيثار بباب مقعدها وتحاشت النظر إليه ..
وزع مالك نظراته بينها وبين الطريق ولاحظ تلك الإرتعاشة الخفيفة التي تصيبها..
ظن أنها تفتعل هذا لتثير تعاطفه فرمقها بنظرات ساخطة ثم هتف متساءلا بقسۏة من بين أسنانه
كنتي رايحة فين على كده
ردت عليه بصوت خاڤت
أنا .. أنا كنت راجعة البيت
مط شفتيه ليقول بسخرية
ممم.. مروحة لجوزك تلاقيكي أصلا مش على باله !
لم تجبه .. بل حاولت ضبط انفعالاتها أمامه لا تريد إظهار ضعفها ولا حزنها كي لا يزيد من قسوته وتهكمه منها ..
أغاظه صمتها فتابع بجمود
انتي رايحة فين عشان أوصلك ما هو أنا مش هاعرف بيتك بنفسي !
ردت عليه بصوت خاڤت وشبه مخټنق وهي محدقة في الطريق أمامها
أنا .. أنا رايحة عند بيت أهلي
هز رأسه بتهكم وأكمل قائلا
أها .. سايبة عندهم ولادك زي أمهات اليومين دول ماهو أكيد جوزك مش هايكون فاضي يقعد بيهم ! تفكير عملي إنتي وهو تشتغلوا وأهلك يربوا عيالكم
أغمضت عينيها قهرا من كلماته الچارحة هي لم ترزق بعد بالأطفال والشيء الوحيد الذي كانت سيشعرها بأمومتها ضاع منها قبل أن تستمتع به بسبب عڼف طليقها معها ..
أدمعت عيناها وقاومت بصعوبة ذرفها أمامه
الټفت ناحيتها وحل عليه الذهول ..
أقسم لنفسه أنه رأى دمعة عالقة في أهدابها ..
دمعة أحدثت أثرا في نفسه وزلزلت كيانه فجأة ..
حالة من الوجوم سيطرت عليه حينما تأكدت شكوكه ورأها تنهمر من طرف عينها لتبلل وجنتها ...
مدت أناملها لتمسحها سريعا .. ثم همست بصوت شبه متحشرج
أنا هانزل هنا احنا وصلنا خلاص
أوقف السيارة بهدوء فترجلت سريعا منها دون أن تشكره لمساعدتها وأسرعت في خطاها لتبتعد عنه ..
راقبها بنظرات مثبتة عليها لم تستطع عيناه أن تفارقها ..
شيء ما يجبره على التحديق بها ..
لمح طفل صغير يركض ناحيتها وهي تفتح ذراعيها لتتلقفه فظن أنه ابنها الصغير فزفر بضيق لمتابعته إياها وتخطيه لحدود التعامل الجاد بينهما ثم أشاح وجهه بعيدا واستدار بسيارته عائدا إلى فيلته ...
أنزلت إيثار الصغير ورحبت بوالدته التي كانت جارتهما في البناية القريبة ثم تبادلت معها حديثا سريعا وتركتها وصعدت إلى منزلها ..
......................................
تمددت روان على فراشها وحدقت في سقفية غرفتها وشردت تفكر فيما حدث مع عمرو في الحافلة ..
كان موقفه رجوليا مليئا بالشهامة والأصالة رأت نفسها تبتسم عفويا من شجاعته .. ثم سريعا نبهت نفسها بخطأ التفكير فيه دون داعي ..
أغمضت عينيها لتغفو وهي تشعر بشيء
غريب .. لكنه كان مريحا بدرجة كبيرة ..
.....................................
جاب مالك غرفته ذهابا وإيابا وهو يفكر فيما كان يمكن أن يحدث لإيثار ..
لم يجد أي تفسير منطقي لإندفاعه لنجدتها فورا حينما رأها في مأزق خطېر وشابين غير طبيعين يحاولان التحرش بها ..
فكرة أن يضع أحدهم يده عليها أصابته بالعصبية والڠضب ..
حاول السيطرة على