رواية وإرتوى الفؤاد (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم سهام صادق
زمن تغيرت فيه المعايير
الزمن اتغير يا سلسبيل و الرجاله بقت عايزه اللي يجري وراها
أنهت سلسبيل مكالمتها مع هبة صديقتها ثم دست وجهها بين كفيها تهتف بحيره
سنتين بحبه في صمت طيب اعمل إيه أصارحه بحبي له
شعرت بالصدمة بعدما وصل إلى عقلها هذا القرار لا تصدق أن إقتراحات هبة صديقتها أوصلتها لأمور لم تظن يوما أن تفكر بها
معقول بقيت اتأثر بكلام هبة
نفضت رأسها بقوة ثم استقلت على فراشها واحتضنت وسادتها لتخرج زفرة طويلة من بين شفتيها
حاولت النوم لكن قلبها الحالم أخذها لوهم نسجه وسرعان ما كانت الإبتسامة تداعب شفتيها عندما تذكرت ترحيبه بها بحفل الزفاف وتلك النظرات التي كان يختطفها نحوها من حين إلى آخر
أغمض عينيه لينام لكن إحداهن كان طيفها يطوف بين جفنيه المثقلين
مساء الخير يا شباب
قالها حاتم الذي مازال يقضي إجازته بالبلدة فنهض فهيم ذلك الشاب الذي كان جالس أمام الحاسوب ليدون أسماء الأدوية التي تم إستلامها من المندوب اليوم
اتفضل يا حاتم باشا
ابتسم حاتم بغرور يتمتع به وتساءل عن شقيقه
استدارت سلسبيل جهته بعدما تمكنت من السيطرة على دقات قلبها المتسارعة فهي من يبلغها الطبيب محمد بتحركاته
دكتور محمد في مشوار وقال هيجي على الساعه سته
وهل كان ينقصها أن يبتسم لها تلك الإبتسامة التي تزيده وسامة تحرك جهتها متسائلا
على كده تحركات محمد ومواعيده معاك
ارتبكت سلسبيل من نظراته إليها ثم نظرت نظرة خاطفة نحو فهيم زميلها وقالت
ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة وبصوت خاڤت قال
طيب ما دام مش فاضل كتير على الساعه سته هقعد استناه
اندهش فهيم من الأمر كما اندهشت هي فهذا لم يحدث من قبل وسرعان ما كان يخفق قلبها
براحتك أكيد
رغم مرور أسبوعا على حفل زفاف شقيقه إلا أنها لم تغادر عقله كلما وضع رأسه على وسادته
أغمض عينيه حتى يستعيد صورتها ثم ابتسم وهو يتذكر مظهرها وهي تأكل حلوى غزل البنات أثناء سيرها
زفراته خرجت هذه المرة ببطء يتساءل داخله لما علقت في ذاكرته ولفتت نظره في عرس شقيقه
مالك يا سفيان محتار ليه كده!
ليطبق على جفنيه بقوة بعدما بدأت تتضح له صورة مشاعره ورغم أنهم تجمعهم قرية واحدة وتعمل بصيدليه ابن عمه إلا أنه لم يلمحها يوما إلا في ليلة عرس شقيقه واليوم عندما كان يمر بسيارته في نفس الطريق الذي تسير به
و إرتوى الفؤاد
بقلم سهام صادق
الفصل الثاني
دخلت سلسبيل الصيدلية بملامح مشرقة وعلى ثغرها ابتسامة عريضة صارت مؤخرا لا تغادر شفتيها
إيه الجمال ده لا شكلنا فكينا الكيس وبقينا نروق علي نفسها
قالتها تغريد زميلتها بالصيدلية والتي تتناوب معها فترة الدوام
ارتبكت سلسبيل قليلا وهربت بعينيها بعيدا وتساءلت
هو فهيم معايا في الشيفت النهاردة ولا عمر
إلتقطت تغريد علب الدواء وقالت وهي تنظر نحو كل علبة حتى تضعها بمكانها الصحيح
المفروض عمر يوصل دلوقتي عشان يستلم مني لأن فهيم مشي من ربع ساعة صحيح يا سلسبيل قولتي لدكتور محمد إننا محتاجين بنت وشاب معانا تاني بدل سعد
وتابعت تغريد قائلة
مروة اخت دكتور محمد الصراحة كان وجودها شايل عننا وكانت بتساعدنا لكن دلوقتي خلاص اتجوزت
وأردفت تغريد بتنهيدة طويلة تحمل حالمية صاحبتها
كانت طالعه زي القمر ولا عريسها يا خړابي يا سلسبيل
وسرعان ما كانت تلتف تغريد برأسها نحو سلسبيل التي جلست أمام الحاسوب حتى ترى الأدوية التي أوشكت على النفاذ من الصيدلية
بقولك إيه يا سلسبيل أنا اسمع إن مدام زينة ليها اخ تاني أكبر من أستاذ هيثم زوج مروة
قطبت سلسبيل حاجبيها بعدما رفعت رأسها نحوها وتساءلت
اه اعرف إن مدام زينة ليها تلات اخوات ولاد واختين بس يعني بتسألي ليه
بيني وبينك يا سلسبيل عيني منه نفسي اوي اوصل لطريقة ألفت نظره بيها وكان نفسي احضر فرح مروة معاكي لكن اقول إيه اخويا الله يسامحه دايما مضيع عليا الفرح
تلك التنهيدة التي خرجت من بين شفتي تغريد جعلت سلسبيل تخفض رأسها مرة أخرى فهي مثلها قد خطڤ قلبها أحد أبناء عائلة الراشد وتحاول جاهدة أن تلفت نظره حتى أنها ليلة أمس قامت بمتابعة أحد حساباته على مواقع التواصل الإجتماعي
سلسبيل أنا محتاجة مساعدتك
حدجتها سلسبيل بنظرة مصډومة تتساءل بدهشة عما قالته
أنت بتقولي إيه يا تغريد اساعدك إزاي
اقتربت منها تغريد سريعا وما ساعدها في سرد ما تفكر به أن الصيدليه بهذا الوقت لا يتوافد عليها إلا القليل
إيه رأيك نروح نبارك ل مروة على جوازها في شقتها
ردت سلسبيل على الفور
أنا جبتلها هدية قبل الفرح وكمان حضرت الفرح وباركتلها بيتهيألي مفيش داعي إني اروح ليها شقتها
تفاجأت سلسبيل من إلتقاط تغريد كلا ڪفيها لتهتف برجاء وتوسل
أرجوك يا سلسبيل أنا محتاجة مساعدتك أنت قريبه من مروة ومدام زينة وبيحبوكي لو روحنا بيت عيلة جمال الراشد ممكن تكون فرصة ليا واقابله هناك
سحبت سلسبيل يديها منها ونهضت من مكانها وهي لا تستوعب ما تطلبه منها تغريد
أنت بتقولي إيه يا تغريد عايزانى اروح معاك عشان تعرفي تقابليه لأ طبعا أنا مش موافقة
كادت أن تتحدث تغريد وتترجاها لكن دخول عمر زميلهم بالصيدلية جعلها تبتلع بقية حديثها
بعد إنتهاء دوامها في الحادية عشر مساء
عادت سلسبيل إلى المنزل بملامح محبطة لتهتف والدتها عندما استمعت إلى فتح باب الشقة
أنت جيتي يا سلسبيل
بصوت مرهق ردت وهي تزيل عن قدميها حذائها
أيوة يا ماما
تجلى الإرتياح على ملامح وجه السيدة روحية وهي تراها أمامها فكل مرة يكون لديها دوام مسائي لا تستطيع النوم إلا بعدما تطمئن عليها
فين بابا شيفاكي قاعدة بتتفرجي على المسلسل لوحدك
وضعت روحية طبق المقرمشات الذي تأكل منه على المنضدة الصغيرة التي أمامها وقالت وهي تنهض
لقيته فجأة بيقولي زهقت من المسلسل وداخل أنام
ابتسمت سلسبيل واقتربت من والدتها تشاكسها
شكله زهقان منك يا رورو
صڤعتها روحية بصڤعة خفيفة على يدها ودفعتها من أمامها قائلة
لو زهق مني معنديش مشكله يغيرني ويبقى يشوف مين هيعمله الشاي
ارتفعت ضحكات سلسبيل عاليا فهي لا تعرف سبب عشق والدها الشديد ل مشروب الشاي
قولي كده زهقتي من عمايل الشاي
وبصوت مرتفع هتفت سلسبيل وقد غادر قلبها تلك الحالة السيئة التي كانت عليها قبل دقائق
يا حاج رضوان تعالا شوف رورو بتقول إيه
رمقتها والدتها بنظرة فهمت سلسبيل ما سيأتي بعدها لتسرع نحو غرفتها قائلة
لا أنا مش قد القرص ده أنت قرصتك بتيجي پالدم
ماشي يا بنت بطني أنا مستحملاكي لحد ما يجي اللي يخدك واقوله اوعى ترجعها ليا
لتقف سلسبيل عند باب غرفتها ترقص لها كلا حاجبيها
ده هيفوز بنجمة من السما
نجمة! قصدك بلوه
قالتها روحية وهي تتحرك نحو المطبخ حتى تسخن لها الطعام
اه صحيح مرات اخوكي جات بالسلامة من عند أهلها
أسرعت سلسبيل بلهفة نحو باب الشقة قائلة بإشتياق للصغير رضوان أول صغير ينضم لعائلتهم
لأ متسخنيش الاكل دلوقتي هروح اشوف حبيب قلب عمتو واشوف البت هناء كمان وحشاني
أنت يا بت استنى عندك الصباح رباح
أغلقت سلسبيل باب الشقة ورائها وهي تهتف
هناء بتسهر
لطمت روحية كفيها ببعضهما بيأس من أفعالها
مهما تكبر مش بتعقل
طرقت سلسبيل باب شقة شقيقها بطريقتها المزعجة لتفتح لها هناء الباب قائلة بإبتسامة زينت ثغرها المطلي بأحمر صارخ
يا مزعجة
مدت سلسبيل يديها لها قائلة بلهفة لصغير شقيقها
ما لازم اكون مزعجة لأن شكلي جايه في وقت مش مناسب
أعطتها هناء الصغير وهي تلوي شفتيها
اخوكي لسا بره على القهوة مع صحابه
دلفت سلسبيل إلى الشقة وهي تحمل الصغير وعلى وجهها إبتسامة واسعة
ده العادي بتاعه يا هناء
وبنظرة ماكره أردفت
ما أنت اللي سيبتيه شهرين وقاعده بعيد عن بيتك
تنهيدة طويلة خرجت من بين شفتي هناء وهي تتحرك وراء سلسبيل
ما أنت عارفة بعد الولادة جالي اكتئاب ده غير تعب
رضوان بس اول ما لقيت اخوكي مبقاش فارق معاه قعادي من عدمه عرفت إني لازم ارجع
فرقعت سلسبيل أصابعها أمام وجه الصغير حتى ينتبه عليها ويبتسم
سلسبيل بقولك إيه
رفعت سلسبيل أحد حاجبيها وقد فهمت ما ستطلبه منها زوجة شقيقها
كلمة بقولك إيه دي مبقتش اشوف من وراها غير المصلحة قولي يا مرات أخويا
اقتربت منها هناء وجلست جوارها
ما تاخدي رضوان كام ساعه هعملك الرضعة بتاعته والولد متقلقيش هينام معاكي لأن ابني حبيبي مؤدب
رمقتها سلسبيل بإبتسامة عابثة وهي تنظر نحو ما ترتديه
روچ أحمر وقميص نوم أحمر مفهومه يعني ماشي يا ست هناء هاخد رضوان مع اني جايه من شيفت الصيدليه مش شايفه قدامي ولولا رضوان الصغير مكنتش طلعت
بنت حلال أنت يا سلسبيل
قالتها هناء وهي ټحتضنها ثم قبلتها على خدها قائلة
بكره هعملك صنية المكرونة بالبشاميل أنا عارفه إنك بتحبيها من ايدي
بإشتهاء أخرجت سلسبيل لسانها لتحركه على شفتيها
كله فدا اخويا والمكرونة
ضاقت حدقتي والدتها عندما وجدتها تدلف الشقة بالصغير ومعها أغراضه
أنت جايبه رضوان معاكي ليه
بإبتسامة واسعة ردت سلسبيل
عيب على ابن اخويا يكون عزول فجبته معايا
ابتسمت والدتها واقتربت منها لتحمل الصغير
تعالا يا حبيب تيتا اخاڤ عليك تاكلك
إلتوت شفتي سلسبيل بعبوس وسرعان ما كانت تضحك على والدتها عندما بكى الصغير في حضنها
وجود الصغير معها هذه الليلة جعلها لا تفكر في ذلك الذي جعلها مؤخرا تشعر بالتخبط خاصة بعدما بدأ يظهر لها بعض الإهتمام بالأيام الماضية قبل إنتهاء اجازته والعودة إلى عمله في العاصمة
في أحد مكاتب الإستيراد والتصدير الخاصة
بعائلة الراشد كان صوت سفيان يرتفع پغضب من داخل غرفة مكتبه
إزاي الورق معرفتش تخلصه في المينا هو
أنا لازم اعمل كل حاجة بنفسي اقفل أنا جاي بكره اتابع كل حاجة بنفسي
بالخارج حيث تجلس سكرتيرة سفيان نهضت على الفور من مكانها عندما وجدت عبدالرحيم الراشد الشقيق الأكبر يدلف ويتساءل وهو يستند على عكازه الذي صار يرافقه منذ ذلك الحاډث الذي حدث له منذ ثلاث سنوات
ماله سفيان صوته واصل لحد مكتبي
نظرت نسرين نحو الغرفة المغلقة وهي تهز رأسها دون فهم
معرفش حاجة يا فندم بس تقريبا في مشاكل معاه في ميناء السخنة
تحرك عبدالرحيم نحو غرفة شقيقه ليبتسم سفيان ويتلاشى عبوسه
عبدالرحيم باشا بنفسه في مكتبي وانا اقول المكتب نور فجأة ليه
قهقه عبدالرحيم بعدما اقترب منه سفيان ليقبل رأسه
اللي يشوفك دلوقتي ميشوفكش من دقيقتين صوتك كان بيرج حيطان المكتب كله
تنهد سفيان وجلس قبالة شقيقه الذي وضع عصاه جانبا ومدد أحد ساقيه
اعمل إيه يا عبدالرحيم ساعات بحس إني بتعامل