الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل

انت في الصفحة 20 من 85 صفحات

موقع أيام نيوز


يتحدث بصوت هادئ مخيف 
بالطبع نحن لا نعقد محاكمة لأجل أسبابك التي ترينها تافهة لكن أنت متهمة بالتخريب بل كدتي تتسبب في أذية الكثيرين لاهمالك الشديد وتحرير الثيران من الحظيرة 
اتسعت عين كهرمان وقد عادت للخلف بعدما استوعبت ما يقصد نظرت حولها لتجد جميع الأنظار موجهه لها وهي تقف بينهم لا تعلم ما تفعل فكرت بالبكاء والنحيب الآن لكنها فجأة تذكرت أنها ليست بالمنزل وهذا ليس شقيقها ليسارع ويراضيها .

حسنا أنا آسفة اقسم أنني لن اهرب من العمل مرة أخرى واذهب للجلوس عند حظيرة الثيران 
فتح إيفان عيونه لا يصدق تلك الغبية التي تبحث عن تهم تلقيها على عاتقها أحضرها لأجل معاقبتها على الاهمال لتعترف أنها اسقطته وأنها تهربت من العمل وكل هذا دون أن يحدثها أحد بكلمة واحدة أمثال هذه الفتاة هم نعمة إن كانوا من الأعداء .
هو في العادة لا يقسو في عقاپ النساء إن كان الجرم بسيطا لكن من أمامه تشعره برغبة عارمة في الحكم عليها پالقتل لغبائها .
تنفس إيفان بصوت مرتفع ثم قال بهدوء شديد وملامح جامدة لا تفارقه عادة 
حسنا يا آنسة عقاپا على اهمالك وتهربك من عملك فأنت مكلفة ولمدة عشر أيام بحصد الثمار مع النساء ومن ثم التحرك صوب الحظيرة لجمع البيض وتنظيفها 
اتسعت أعين كهرمان پصدمة 
ماذا لكن أنا أنا فقط اعمل داخل القصر و...
قاطعها صوت مرتفع جهوري غاضب 
هل تتجرئين وتعترضين على أوامر الملك !
ارتعش جسد كهرمان تنفي برأسها في سرعة كبيرة ثم اخفضت رأسها بعض الشيء تبتلع مرارة الذل ببطء شديد دون كلمة 
العفو مولاي أوامرك 
نظر لها إيفان ثواني وهو يرى انكسارها واضحا رغم أنه لم يبالغ في عقابها كما يفعل في مثل تلك الأمور الصغيرة لكنه لم يهتم بل قال بهدوء وبرود شديد 
يمكنك الرحيل ومن الغد تنفذين ما أمرت به 
هزت رأسها ببطء ثم تحركت للخارج بخطوات هادئة راقية وبمجرد أن خطت خارج القاعة حتى ركضت بسرعة باكية في الوقت الذي لمحت ركض زمرد من الطريق المعاكس وما كادت زمرد تتوقف للاستفسار عما حدث حتى ارتطم جسدها في أحد أعمدة الرخام البيضاء التي تحد الممر بفعل دفعة كهرمان .
اتسعت عيونها تراقب ركض كهرمان بعيدا باكية وهي تنظر حولها بعدم فهم 
ما الذي يحدث هنا 
_________________
نسيت دي ..
وعقب تلك الجملة التي توقع الرجل أن يحدث بها هلعا أو على الأقل توترا داخل السيارة لم يسمع أحدهم صوتا سوى صرخات فقط صرخات صدرت من ذلك البائع .
إذ نظر له سالار ثواني معدودة قبل أن يمسك يده التي كان يمدها داخل السيارة ودون تفكير كان يجذب جسده بقوة مخيفة للداخل متسببا في انتفاضة جسد تبارك جواره وهي ترى رأس البائع قد أصبحت متدلية جوار قدمها .
ودون أن يتحدث أحدهم بكلمة كانت يد سالار تعرف بهسيس 
أخبرتك أنا لم أنس شيئا فهمت 
كان الرجل في حالة ذهول يشعر أنه سقط كالبهيمة في الفخ فهو حتى لم يستوعب كيف ومتى أصبح نصف جسده داخل السيارة والسکين موجه له هو ابتلع ريقه يحاول أن يتحرر لكن سالار ضغط على رأسه وهو يقربه منه أكثر وقد أوشكت رأس البائع على الانفجار من شدة الضغط 
ألا تستطيع الرضا بما في يديك يا هذا محاولتك لأخذ ما ليس لك لن تعود على حياتك بالنفع ولو أضحيت ثريا فهمت 
هز الرجل رأسه سريعا وهو يحاول الإفلات منه 
فهمت فهمت يا باشا 
ابتسم له سالار بسمة لم تكن بالسعيدة أو الفخورة لكنها كانت مخيفة مسببة لارتعاش جسد البائع وشيئا فشيء حرر جسده ملقيا إياه للخارج ومن ثم
ألقى سکينه عليه وقال بصوت هادئ 
هيا تحركوا 
وتحركت السيارة بالفعل تحت نظرات الصدمة من تبارك لا تكاد تصدق ما حدث منذ ثواني الأمر تم بسرعة كبيرة حتى أنه لم يعطيها فرصة الصړاخ أو الفزع فجأة استدار رأس سالار لها لتطلق صړخة كتمتها بكفها وهي تبعد عيونها عنه .
تهمس لنفسها 
طلع مچرم محترف ههرب منه ازاي ده 
سمعت صوته الذي خرج هادئا 
لا تقلقي فلن يطولك سوءا مني هذا لأنك لن تنجحي في الهرب على أية حال لذلك ما رأيك أن ترضخي للأمر الواقع وتسلمي لحقيقة أنك ملكة مملكة سفيد وأنني لن افلتك حتى يتسلمك مني الملك 
ابتلعت ريقها تبعد عيونها عنه كي لا يرى نظرات عدم التصديق تلوح في نظراتها هي ما تزال غير مصدقة لروايته رغم كل الأدلة التي تشير لعكس ذلك .
وبعد ساعة تقريبا وحينما بدأ جسد تبارك يسترخى ويتحرر من خوفه الذي نمى بسبب ذلك الموقف بدأت هي تخرج الطعام الذي احضرته وتتناوله بتلذذ وجوع كبير وجوارها سالار ينظر أمامه بهدوء شديد دون أي حركة منه لكن فجأة شعر بشيء يوضع على قدمه...
أنزل عيونه ليجد عبوة بلاستيكية ملونة وصوت تبارك تقول ببساطة من بين مضغاتها 
كله هيعجبك طعمه اوي 
نظر لها بأعين جامدة هادئة ثم أمسك تلك العبوة يحركها بين يديه وهو يقول دون أن ينظر لها وبكل صرامة 
لا يجوز لك التحدث أثناء الأكل هذا يخالف آداب الطعام 
نظرت له پصدمة لا تصدق أنه كان من الوقاحة التي تجعله يتجاهل بادرتها اللطيفة وتضحيتها العظيمة حينما أعطته بعض طعامها الذي اشترته بأمواله هو ويعلق على طريقتها في الأكل.
وقبل أن يكمل سالار تفحص تلك العبوة الغريبة بين أنامله ومعرفة مما تتكون أو كيف تستخدم وجدها تنتزع من بين أنامله بقوة وصوت تبارك يصدر حانقا متهكما 
هات ده أنا استاهل الضړب اني عبرتك 
نظرت أمامها صوب صامد وصمود وهي تقول 
خدوا كلوا أنتم 
نظر لها الاثنان بلهفة كبيرة وكادوا ينقضون على ما تقدم لولا رؤيتهم لنظرات سالار التي تسبب في سحب لهفتهم واعتلاء نظرات الجمود ملامحهم وهما يقولان بصوت واحد 
العفو مولاي يلا يجوز لنا مشاركتك الطعام 
نظرت تبارك بسرعة كبيرة صوب سالار الذي تجاهل نظراتها ونظر من النافذة وقال بنبرة مسترخية وصوت جليدي 
تناولي طعامك بهدوء وتوقفي عن الحديث الكثير وتعلمي كيف تتصرفين كملكة لدولة بحجم سفيد 
تمتمت تبارك وهي تملئ فمها بالكثير من الطعام دون حساب 
أبوك لابو سفيد جاتكم القرف شعب ثقيل 
فجأة انتفض جسدها حينما سمعت تعليق سالار 
وايضا حاولي التحكم في تمتماتك ودعي افكار الداخلية تظل مجرد أفكار دون ترجمة 
اتنفس عادي 
نعم لا بأس لكن تعلمي أن تتنفسي كملكة 
تشنج وجه تبارك من كلماته التي لم تعبر حدود أذنها بل تجاهلتها كليا تنتبه للطريق وهي ما تزال تتمتم پغضب شديد لا تريد أن تتجادل معه مجددا وقد ملت حقا كيف يتحكم بها ويعد عليها أنفاسها متى تنتهي تلك الرحلة وتتخلص منه حتى لو ألقى بها في فوهة بركان فلن تبتأس طالما أنه ليس معها .
دقائق قليلة وتوقفت السيارة في ميناء متطرف غريب وهبط الجميع واولهم سالار الذي نظر حوله يتأكد من أمان المكان حتى وقعت عيونه على السفينة التي ستأخذهم لوجهتهم والتي احضرتهم منذ البداية ضيق عيونه مفكرا في القادم ومصير المملكة من بعد وصول الملكة .
وقف أمامه صمود يعبر عن القلق الذي لا يود هو الاعتراف به 
مولاي هل أنت متأكد من تلك الخطوة !
لم يبعد سالار عيونه عن البحر امامه 
أي خطوة تلك صمود ! هذا أمر وليس خطوة يمكن تخطيها 
تدخل صامد بجدية في الحوار وهو ينظر لتبارك التي كانت تجلس داخل السيارة تخرج رأسها منها بشكل مثير للريبة 
لكن سيدي اعتقد أن الملك لو علم ما هو على وشك إسقاط نفسه به لمنعك إتمام المهمة 
نظر له سالار يجيب بهدوء شديد 
وهو لم يمنعني بعد لذلك المهمة ستتم كما خطط لها ثم أنتم تتحدثون وكأننا احضرنا کاړثة للمملكة الأمر ليس بهذه الخطۏرة هي فقط تحتاج لتعلم بعض الاشياء و...
وقبل أن يكمل جملته سمع الجميع صوت شيء يصطدم بقوة في الأرض والذي لم يكن سوى تبارك التي تعرقلت أثناء هبوطها في فستانها لكنها نهضت بسرعة كبيرة تقول ببسمة هادئة ترفع ابهامها لهم 
أنا كويسة متقلقوش 
ولم تكد تخطو خطوة أخرى غير منتبهة لفستانها حتى عادت وسقطت وهذه المرة بشكل أقوى لدرجة أن تأوهاتها قد علت في المكان وقد غرز وجهها في الأرض أسفلها تهمس بتعب 
اعتقد أن الرمل هنا بيزحلق 
أبعد سالار عيونه عنها يقول وهو يفكر في تلك الورطة
التي ألقى الملك نفسه بها 
نعم الأمر ليس بهذه الخطۏرة بل أكثر خطۏرة من هذا رحمتك يا الله 
نهضت تبارك من الأرض تنفض ثيابها تحاول تلاشي الاحراج الذي تعرضت له للتو وقد تمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها الأمر كان مخجلا بشكل يفوق قدرتها على التحمل مرحى تبارك ها أنت اثبتي لهم كم أنت حمقاء .
تود لو تبكي خجلا والله هي ليست بذلك الحمق فقط الطبيعة والقوانين جميعها يعاندونها ليس إلا.
تنهدت بصوت مرتفع تمسك أطراف فستانها باصباعها وهي تتحرك بحذر شديد كي لا تزيد الوقعتين ثالثة تتحرك صوب الجميع قبل أن تتوقف وتقول بصوت جاد 
دلوقتي المفروض ناخدها عوم ولا ايه !
رفع حاجبه وهي أكملت بعفوية شديدة 
أنا مش بعرف اعوم ولا بعرف اعمل أي حاجة في الحياة دي غير اني بمشي وباكل وبنام فأرجو لغاية ما نخلص من كل ده محدش يطالبني بحاجة خارج القايمة دي لأني مش هعمل حاجة زيادة مبقاش جاية على حباب عيني وعاصرة على نفسي لمونة وتتعبوني مش شغل عصابات ده 
ختمت حديثها ترفع رأسها بكل إباء ثم تحركت بعيدا عنهم جميعا تعلن انتهاء الحوار بالنسبة لها وسالار ابتسم يقول ساخرا مما يحدث له بعد كل تلك السنوات التي قضاها في قڈف الړعب داخل قلوب اعدائه لتأتي فتاة لم تتجاوز حدود كتفه وترفع رأسها في وجهه دون خوف وتأمره بما تريد 
أوامرك مولاتي أوامرك ...
بينما تبارك وحينما ابتعدت عنه تنفست بتوتر بالله هي ترتعب من نظراته التي لا تظهر ما يريد أو يحمل تشعر بالړعب مما يخفي خلف ملامحه الجامدة ذلك الرجل لغز كبير وهي ليست بالفضولية أو العبقرية لتحله ولا تريد من الأساس حله بل فقط تريد التخلص منه ..
هي فتاة عاشت لتتجنب المشاكل وتتجنب أي شيء قد ېؤذيها .
تنفست تنظر للبحر أمامها غافلة عن عيون سالار التي تكاد ټحرق ظهرها وهو يردد لنفسه 
لدينا رحلة طويلة في تحويل تلك الفتاة لملكة تستحق الجلوس على عرش البلاد رحلة ستنتهي إما پقتلي أو قټلها والحمدلله أنني بعيد عن القصر كي لا يكون الخيار الثاني 
__________________
أقسم أن نهايتنا على يديك كهرمان ما بال عقلك يا امرأة ألا تفكرين في عواقب فعلتك 
انكمشت كهرمان على نفسها بقوة تحاول أن تهدأ ارتعاشة جسدها لكن صړاخ زمرد لم يساعد أبدا على ذلك بل ارتفع أكثر محضرا لها ذكريات هجوم قريب هجوم انتهى ببركة من
 

19  20  21 

انت في الصفحة 20 من 85 صفحات