رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل
دماء كامل أفراد اسرتها دفنت وجهها بين قدميها تبكي بصوت مرتفع
لم اقصد لم اقصد اقسم أنني لم اقصد التسبب في مشاكل بل هي تلاحقني من طريق لآخر أنا آسفة زمرد
كانت تتحدث من بين شهقاتها لتشفق عليها زمرد وهي تتحرك صوبها ببطء وجلست جوارها على الفراش تضم جسدها المنكمش داخل أحضانها
لا بأس لا بأس عزيزتي أنا فقط شعرت بالخۏف لذلك صړخت بك
أنا لا أستطيع العيش بهذه الطريقة زمرد اقسم أنني أشعر بالعجز كلما رأيت ما يجب التعامل معه طوال اليوم بعدما كنت مدللة أخي ووالدتي الأمر صعب علي
أغمضت زمرد عيونها تدرك أنها تعني كل كلمة مما نطقت به هي ليست مدللة بل هي فقط فتاة عاشت في رغد أخيها قبل أن تأتيها الطامة الكبرى وتسحبها من دفء أخيها لبرودة الوحدة من كنف منزلها لغياهب القصر ..
____________________
يجلس أعلى السفينة وهو يتنفس بصوت مرتفع يحاول الهدوء والتفكير في الخطوة القادمة فبعد وصولهم لوجهتهم سيتعين عليهم خوض مغامرة حتى يصلوا لمملكتهم هو في الحقيقة ليس مستاء لذلك هو معتاد على خوض ما هو اصعب من تلك العوائق .
حرك عيونه صوب جسد تبارك التي كانت تقف على بداية السفينة وتفتح ذراعيها للهواء وتتحرك بشكل غريب عليه وكأنها تراقص الرياح .
وعند تبارك كانت بالفعل تتراقص مع الرياح وهي تتمتم بكلمات منخفضة دون وعي وقد انسجمت مع تلك الحالة حولها وبكل شاعرية اختارت النسخة المصرية من تلك الأغنية المعروفة لجهلها بكلمات الاجنبية لكن لا يهم هي فقط تحقق حلما سخيفا كان يراودها قديما
ومن بين انسجامها سمعت صوتا جوارها يهتف بهدوء
من هذه سلوى والدتك !
انتفضت تبارك من مكانها حتى كادت تسقط في البحر أسفلها لولا أنها تمسكت بالحديد تحت يدها بړعب شديد وقد ارتفع صوت تنفسها لتشعر برغبة في الصړاخ رفعت رأسها له تقول من بين أسنانها
استند سالار على الحديد أسفل يده يشرد في المكان أمامه متنهدا بحنين
شديد وبكل صدق وجدية قال
لا والدتي لا تسمى سلوى بل كانت تسمى عائشة
كان يتحدث غافلا عن تشنج ملامحها إذ كانت جديته في تلك اللحظة تمثل لها صدمة هل تحدث بكل بساطة للتو بعدما تواقحت عليه بل وأخذ يناقشها بهدوء دون نظراته المخيفة تلك !
إذن أنت لم تعلمي يوما عن حياتنا أو عالمنا أو مصيرك ! ولم تصدقي قبلا بمثل تلك الأشياء
نظرت له ثواني قبل أن تقول ببساطة شديدة
ولسه مش مصدقة ومقتنعة أنك شوية مجانين وخاطفني أو اني بحلم حلم من الاحلام المريبة اللي كنت بشوفها وشوية وهصحى
أي احلام تلك السيدة في منزلك أيضا تحدثت عن احلام برجال
نظرت له بطرف عيونها وقالت دون تفكير
احلام بوليوودية
ماذا !
زفرت بحنق ولا تدري سبب حديثها عن تلك الأشياء الخاصة بها مع شخص لا تعلم عنه شيئا بل ويخيفها كذلك
احلام عن شخص غريب بيكلمني بلغة غريبة وبيقول حاجات مريبة كده و ....
وقبل أن تكمل جملتها شعرت تبارك بحركة قوية في السفينة جعلتها تهتز بشكل مخيف وقبل حتى أن يعطي عقلها إشارة لها لتصرخ وتعبر عما اعتراها من ړعب جراء تلك الاضطرابات القوية في السفينة لكن اهتزاز السفينة منع ذلك إذ انقلبت شيئا فشيء حتى وجدت تبارك جسدها ينجرف صوب الحافة والتي كان سالار يمسك بها وهو ينظر لها محاولا أن يساعدها للتشبث بأي شيء حتى يمر ذلك الاضطراب المؤقت .
لكن ما حدث هو أن جسد تبارك وبسبب ارتفاع جانب السفينة انزلقت للجانب الآخر واصطدمت في جسد سالار الذي اتسعت عيونه وقبل أن يعترض سمع صړخة تبارك في أذنه
حسبي الله ونعم الو....
وباقي الكلمة اكملتها في طريقها للبحر وهي تسقط لكن لم تكن وحدها بل كان معها سالار الذي جذبها له بسرعة هائلة وفي غمضة عين كانت بين يديه حينما سقطا سويا......
اصوات الأمواج المتلاطمة وهدير المياه وصرخات مكتومة ...
كان هذا فقط ما يصل لمن على متن السفينة بعد أتزانها وبصعوبة شديد حالة من الړعب تلبست الجميع بسبب غياب أجساد القائد والملكة أسفل المياه بعد سقوطهما .
مسح صامد عرق بدأ يظهر على جبينه بړعب شديد مما يرى كان البحر قد ابتلعهما بالكامل وبكل غدر منذ ثواني فقط كان يبتسم لهما ويظهر لهما صفاءه لكن اتضح الآن أن تلك لم تكن بسمة عادية بل كان بكل بساطة يكشر لهما عن أنيابه وفي ثواني تعكر صفاءه ..
وأسفل المياه كان سالار يكتم أنفاسه بمهارة عالية فهو لم يكن جاهلا بالسباحة أو ما شابه فلا تدري متى ترميك اقدارك لمعركة مع البحار .
كان يبحث بعيونه عنها في كل مكان وقلبه يكاد يتوقف من الړعب لأول مرة يخشى شيئا ضياع الملكة يعني خسارته لكل تاريخه المحفوف بالانتصارات أن يخسر مهمة لهو عار غير مستعد أن يزين دفتر ملئ بالمكاسب .
وفجأة ابصرها تحرك يديها وقدميها على بعد كبير منه وبكل حماقة وكأنها تعاند البحر ليزداد هو عنادا وتشبثا بها .
سبح جهتها بمهارة عالية وبسرعة فائقة حتى التقط جسدها بسرعة كبيرة يخرج بها لسطح المياه مطلقا شهقة عالية هاتفا من بين أنفاسه
يا الله يا مغيث ...
وقبل أن يتبع جملته بأخرى شعر بها تضربه بيديها وقدميها وتتحرك پعنف شديد وكأنها ما تزال محتجزه أسفل المياه وهو يحاول أن يتحكم بحركة جسدها كي لا يسحبها الموج مجددا
لقد نجونا تنفسي مولاتي أنت بخير تنفسي جيدا
وفجأة تلقى صڤعة على وجهه دون أن ترى هي أين تحط يدها فقط ما تزال تشعر أنها أسفل المياه وهو ېصرخ بها أن تتوقف
بالله عليك توقفي قبل أن يشتد ڠضبي واريك مني ما لا يسرك و...
ومجددا هبطت صڤعة أخرى على وجهه لېصرخ پجنون
لعڼة الله على الكافرين اقسم أنني ...
ولم يكد يتم جملته إذ تمادت بعدما بدأت تصعد فوق جسده وتنزل رأسه أسفل المياه مستعملة إياها كطوق نجاه صاړخة
مش بعرف اعوم ....مش بعرف اعوم
كانت تتحدث وهي ټغرق رأس سالار الذي كان يحاول الخروج من المياه دون أن ېؤذيها وهي ما تزال تضغط على رأسه وتصرخ پجنون باكية بړعب.
تشعر أنها ستموت الآن إن افلتته كل كوابيسها تجمعت أمام عيونها لتغطي على ذلك المشهد أمامها وتعرض لها مشاهد أخرى لخيالاتها التي كانت تراودها يوميا كانت تعيش يوميا في كوابيس أن ټموت وحدها ولا يشعر بها أحد حتى تتعفن والآن ستموت ويتركونها ليذوب جسدها في المياه
حد يخرجني من هنا مش بعرف اعوم مش بعرف اعوم مش بعرف اعوم
وعلى السفينة ركض أحد أفراد الطاقم يحضر طوق نجاه وصمود ېصرخ وهو يشاهد ما يحدث
يا ويلي هل تحاول قتل قائد الجيوش
أجابه صامد وهو يرى ما تفعل
أقسم أن الملك لن يكفيه أن يجز رأسها أو ينفيها إن فعلت ..
وفجأة اتسعت أعين الجميع حينما انتفض جسد سالار بقوة من أسفل المياه بعدما يأس أن تتوقف هي عن دفعه للاسفل ليتراجع جسد تبارك للخلف بسرعة كبيرة ساقطة في المياه مرة أخرى وهي تصرخ أن ينقذوها وقبل أن تعود للدوامة السابقة شعرت بمن يسحبها من ثيابها للخلف جاذبا إياها للأعلى فتحت عيونها بصعوبة لتبصر وجه سالار الذي كان يحدق فيها بشړ ومن ثم جرها خلفه من ثيابها وكأنه امسك لصا يحاول سړقة حذاءه من أمام المسجد ..
يجرها في المياه سابحا وهي كانت تشعر أنها شربت نصف المحيط حتى طريقها لطوق النجاة ولا تدري كيف لكنها فجأة شعر باليابسة أسفلها وهناك عدد كبير يجتمع حولها مانعين عنها الشمس ...
نظرت لهم لا تشعر بشيء فقط دوار ورغبة بالقيء الشديد سمعت صوتا يتحدث بلهفة
أنت بخير مولاتي
رفعت عيونها لذلك القصير الذي يرافق سالار ولا تتذكر له اسما وقالت بصعوبة من بين أنفاسها
بخير ايه ده مسح بوشي البحر كله
دفع سالار الجميع عنها بعدما صعد هو للسفينة يسير صوبها بكل هدوء ثم جلس القرفصاء يراها تحاول الاعتدال في جلستها ليجذبها من ثيابها پعنف تسبب في اهتزاز جسدها بقوة وصوته يصدح في جدية كبيرة
أنت بخير
لا أنا مبلولة
رفعت عيونها له ونظرت بتشوش شديد ثم مدت يدها تبحث عن شيء صلب كي تستند عليه تحاول التحدث بكلمات ما وهو يضيق عيونه محاولا فهم ما تريده لكن فجأة اغمض عيونه بقوة كبيرة وهو يشعر بها و قد اغرقته بقيئها ...
عض سالار شفتيه وهو يسمع صوتها ما تزال تفرغ ما في معدتها عليه والجميع يشاهد بأعين متسعة وهو داخله يشعر برغبة عميقة أن يحملها ويلقي بها للبحر ليأخذ منها ثأره
لعڼة الله على الكافرين ....
______________________
مجموعة كالمنبوذين يقتحمون مملكة بحجم مشكى لهو أمر مثير للشك والريبة
ابتسم إيفان يستمع لكلمات تميم التي ألقاها بمجرد جلوسه مال برأسه قليلا محاولا التفكير في الأمر بالطبع هو لم يقتنع ولو للحظة بكل تلك الروايات التي وصفت تلك الغارة الشنيعة والمذابح البشعة بحق الأسرة الحاكمة لمشكى الأمر وما فيه أن ذلك السبب الذي يختفي بخبث خلف كل ما حدث يحتاج فقط للصبر .
قال دانيار بهدوء شديد يوافق تميم الحديث
بالطبع يا تميم فمن أين لهم بالأسلحة لذلك وهم جماعة مرتزقة لا مصانع لهم ليصنعوا كل تلك الأسلحة ولن تنفعهم العداد بلا عدة إلا إذا اغاروا على قافلة أسلحة
نظر له إيفان ومازالت بسمته لم تنمحي عن وجهه يستمع لكل كلمة ويحللها في عقله بهدوء وصمت ذكي هو وماكر وهادئ ..
هذا أكثر الاحتمالات منطقية دانيار فلا يعقل أنهم بنوا مصانع بلا إمكانيات تؤهلهم لذلك بل وصنعوا عدد أسلحة يؤهلهم لاحتلال مملكة كاملة ذات جيش وسيادة
وكانت تلك كلمات تميم الذي صمت يفكر ومن ثم أضاف
كما أن وحسب شهادة البعض ممن كانوا على حدود مشكى ذلك اليوم فالاسلحة التي استعملوها كانت جيدة الصنع تماما كتلك التي ....
قاطعه إيفان بكل هدوء
نصنعها نحن يستخدمون أسلحة تشبه خاصتنا أو ...ربما هي ذاتها
نظر له الاثنان بتعجب ليبتسم ويقول بهدوء شديد
الأسلحة التي كانت مع المنبوذين ذلك اليوم حين الغارة على مشكى هي نفسها اسلحتنا يا تميم ووجودها بين اكفتهم يعني شيئا من عدة احتمالات انهم اغاروا على قافلة لنا وهم ما كان لهم من جرأة ليفعلوا ذلك أو أنهم اغاروا على قافلة لمملكة تشتري منا اسلحة ونحن لم نسمع بشيء كهذا أو الاحتمال الاخير