رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل
في محاولة يائسة لجذب انتباه بافل والحصول على امتيازات مرافقته ..
لكن الأخير كان يجلس على أحد المقاعد يراقب بأعين ضبابية شاردة ما يحدث لحظات ونظر جواره ليرى أحد الرجال يقترب منه هامسا
ذهب الرجال لمملكة سفيد كما طلبت سيدي ساعات ونسمع عن قتل جنود إيفان
ابتسم بافل وهو يشرد بعيونه أمامه ثم صرف بيده ذلك الرجل يستند على سيفه
رفع بافل عيونه صوب الفتاة التي كانت تتمايل بحركات راقصة قوية عكس حركات الأخريات التي كانت تتسم بالدلال ..
حتى إن عدتي لرحم والدتك الفاسقة سأجدك وحينها ستتمنين لو أنك لم تخرجي منه يوما ستتمنين لو أن والدتك فقدتك قبل ولادتك ستتمنين لو أنك قټلتي مع والدتك ذلك اليوم....ستندمين يا ساڤلة ستفعيلن وهذا وعدي
يجلس داخل القاعة الخاص به وحوله العديد من جنوده ومستشاريه وما يزال بثوب نومه الذي كان مؤلف من بنطال وسترة قماشية ذات خامة سميكة تناسب الشتاء .
يجلس أعلى عرشه وعلى يمينه يقف تميم
وعلى جانبي القاعة يصطف رجال المملكة ومستشاريه وكذلك العريف ومرجان وفي منتصف القاعة يجلس من نجى من المتمردين مقنعي رؤوسهم متهدلين الاكتاف وقد أصابهم ما أصابهم من الچروح .
لم يجيبه أحدهم ليبتسم إيفان ويقول بصوت هادئ
صدقوني أنا أبحث عن حجج للعفو عنكم
رفع رجل منهم رأسه وهمس بصوت كاره من بين أنفاسه وقد نجح بافل في زرع الحقد داخل نفوس أتباعه تجاه كافة الممالك
ومن قال أننا نأمل عفوا منك يا سليل القذرين
وبقوله لتلك الكلمات تلقى الرجل ضړبة قوية على رأسه من أحد جنود الملك الذين يحيطون بهم ضړبة جعلت رأسه تلتصق ارضا ويطلق تأوه مرتفعا جعل رفاقه يرتعدون پخوف وجبن شديد...
غدا لن نحرق فقط سكن جنودك بل مملكتك بأكملها قبل أن تصبح لنا ويحكمها سيدي بافل
ستصبح لنا كما أصبحت مشكى جميع تلك الممالك التي نبذتنا ستصبح تحت أمرتنا وتكون موطنا لنا
ابتسم العريف بسمة جانبية وهو يستمع لتلك الكلمات ومرجان جواره يراقب كل ذلك بنظرات كاره ..
ارتفع صوت تميم يقول بقوة
أطلق الرجل ضحكات مجلجلة هزت القاعة من قوتها وقد جعلت جميع الأجساد تستنفر وتتحفز لأي حركة منه لكنه فقط اعتدل بنصف جسده يهمس بسخرية كبيرة وتشفي اكبر
ومن سيفعل ذلك ! الممالك التي تتصارع لأجل مصالحها ام تلك المملكة التي ټصارع الحياة لتحيا أم مملكتكم ستتكفل بالقتال وحدها تصفوننا بالشرذمة والخنازير وأنتم كالاغصان المتناثرة كسركم أسهل من فرقعة إصبع
اشتعلت أعين إيفان بشكل مخيف ولم يتحدث أحد بكلمة واحدة الجميع التزم الصمت بعد تلك الكلمات في انتظار كلمات إيفان الذي نطق بهدوء شديد
خذوهم للسجن حتى أصدر حكما
وبالفعل تحرك الجنود يسحبون أجسادهم تحت نظرات الجميع التي تحلق حول إيفان يدركون أن صمت إيفان على ما قاله ذلك الرجل أكثر خطۏرة من حديثه الذي كان سيجيب به .
نظر إيفان للجميع يقول بهدوء يسبق العاصفة
غدا يتجمع الجميع وارسلوا لملوك آبى وسنز لاجتماع طارئ انتهت الليلة وليعد كل لمسكنه
وبهذه الكلمات أنهى إيفان تجمعهم لينفضوا من حوله صوب مخادعهم وكذلك تميم الذي اقترب من دانيار يسير معه صوب الحجرات الخاصة بهم يستمع لكلام دانيار
إذن ما الذي سيحدث لاحقا
شرد تميم أمامه يقول بجدية كبيرة
لا أعلم لكن أيا ما سيحدث لن يكون جيدا ..
__________________
تسير خلفه بصمت وهي تراه يزيح الأغصان والأوراق الخضراء من أمامهم باستخدام عصاه ابتلعت ريقها تحاول أن تتمالك نفسها وألا تنهي جميع ما أحضرت من طعام كي لا تتضور جوعا لكنها لم تتحمل إذ انزلت حقيبة ظهرها وأخرجت منها كيس بلاستيكي صغير ملئ برقائق البطاطس المقلية ثم وضعت الكيس داخل فمها تحمل حقيبتها مرة أخرى وبمجرد أن استقامت اتسعت عيونه پصدمة حينما وجدت الجميع غاب عن نظرها ..
نظرت الكيس من فمها تقول پصدمة
سابوني ومشيوا عادي محدش استغيبني ولا بص وراه حتى
صړخت بړعب وهي تضم التسالي الخاصة بها لصدرها تهرول وهي تنادي كالعادة بلقبه إذ كانت تجهل كيفية نطق اسمه
يا قائد ...يا قائد أنتم نسيتوني كل ده وملكة اومال أو كنت جارية كنت اتعاملت ازاي
توقف سالار وهو ينظر خلفه پصدمة بعدما فقد أثرها ولم يشعر بها تنهد بصوت مرتفع يفرك خصلات شعره الكثيف وهو يشير لصامد
اذهب وابحث عن تلك الکاړثة ...
وقبل أن يتحرك صامد خطوة واحدة وجدوها تخرج من خلف الأشجار وهي تتناول بعض الاشياء الفاسدة وتبتسم لهم بسمة واسعة
متقلقوش يا جماعة أنا بخير أنا ميتخافش عليا متقلقوش
رمش سالار قبل أن يقول بهدوء
لم نفعل
توقفت تبارك عن تناول رقائق البطاطس وهي تنظر لصمود بعدم فهم
يعني ايه !
ابتسم لها صمود بسمة صغيرة يشير لها أن تتحرك أمامهم هذه المرة
من بعدك مولاتي
هزت تبارك رأسها تسير بهدوء شديد أمامهم وهي تتنهد بتعب شديد تخرج زجاجتها تشرب منها في الوقت الذي تسير خلف سالار تتحدث مع صامد وصمود بكل جدية
يعني هو مش بودي جارد للملك وبيمشي معاه في كل مكان !
لا مولاتي هو قائد الجيوش ما تتحدثين عنهم هم جنود وحراس الملك وليس القائد هو لا يحمي شخصا بعينه بل يحمي وطننا
هزت تبارك رأسها تنظر بانبهار شديد صوب سالار ثم قالت ببسمة
ربنا يديله الصحة يارب تلاقيه بيتعب في شغله على كده مرتباتهم حلوة في الجيش ده
نظر لها صامد بعدم فهم لتبتلع ما بفمها
هو يعني شغله ايه ! بيشرف عليهم بس ولا بيشتغل بايده !
ابتسم صمود يميل عليها هامسا
القائد يحارب بنفسه في الحروب يمكنك القول أنه يصبح مرعبا داخل ساحة الحړب .
نظرت تبارك لظهر سالار الذي كان يتجاهل كل ما يفعلونه ويترفع عن الحديث معهم أو الرد او إجابة اسئلتها الفضولية .
قال يعني هو مش مرعب برة ساحة الحړب
وفجأة توقف سالار بشكل جعل صمود يرتطم بظهره وهي تصطدم بظهر صمود مطلقة تأوه مرتفع لكن لم يهتم بها أحد إذ قال سالار وهو ينظر للمكان حوله
وصلنا حافة الغابة الشرقية ..
وبعد هذه الكلمات تحرك صامد وصمود بسرعة صوب شجرة عملاقة بشكل آلي ثم أخذوا يحفرون الأرض تحت نظرات تبارك الفضولية وبعد دقائق استخرجوا سيوف وخناجر وسهام جعلت عيونها تتسع كانت تراقب ما يحدث بانبهار وسالار يحمل سيفه وسهامه مبتسما أخيرا وكأنه التقى بحبيبة غائبة منذ سنوات عجاف ..
تنفس
براحة وهو يقول
وصولنا هذه النقطة يعني أننا كدنا ننتهي من الغابة
اتسعت بسمة تبارك
باقي كام ساعة كده ونخرج !
عشر ساعات تقريبا
شهقت تبارك پصدمة ولم يمنحها أحدهم فرصة لتعرب عن صډمتها إذ تحركوا مجددا وهي تسير خلفهم وقد بدأ التعب ينال منها لا تدري حقا كم من الوقت استغرقت رحلتهم منذ بدأوا في تلك الغابة ربما ساعات طويلة كل ما تدركه أنها الآن في حاجة ماسة للنوم والشرب و...المرحاض .
سارت خلفهم تبارك ومازالت نظراتها تدور على سالار بانبهار شديد ليس لملامحه الغريبة الوسيمة والصهباء والمميزة فهي سبق واعربت عن انبهارها على تلك الملامح قبل أن تغض البصر مستغفرة هي فقط ...منبهرة بشكل كبير بهيبته وذلك السيف يقبع بيده والأسهم المعلقة على ظهره يشبه ...يشبه هؤلاء الفرسان الذين كانت تراهم في افلام الحروب القديمة .
استغفرت ربها من كل ذلك تحاول غض الطرف عن أي انجذاب له تدرك الآن أنه لهذا السبب حرم الله الاختلاط فالنفس الإمارة بالسوء لن تمنعك عن التأمل وأخذ نظرة ستتحول لنظرات وإعجاب ربنا هي حديثة العهد بالتقرب من الله إذ انقطعت عن أي شيء سييء منذ سنتين لكنها ما تزال تحارب لأجل الوصول لنجاتها قرب ربها وهذا لم يكن بالهين وسط عالم ملئ بالمفاسد .
فجأة استدار سالار للخلف بسرعة كبيرة جعلت تبارك تبعد عيونها عنه وهي تحمل زجاجة المياه الخاصة بها ترتشف منها ما يسد عطشها ويخفف وطأة الموقف بأكمله .
وسالار ضيق عيونه ثم مال برأسه قليلا يقول
ربما تحتاجين للاقتصاد في استخدام المياه فلن نجد مصدرا له في هذا المكان
أغلقت الزجاجة وهي تقول باحراج
أنا ...أنا ..عايز تشرب
نظر لها ثواني ثم عاد للسير بهدوء
لا اشكرك يمكنني تحمل الجوع والعطش لأيام لا بأس
أيام
هكذا تحدثت تبارك پصدمة وهي تزيد من سرعتها تلحق به وقد ألقى لها سالار كلمة تغذي بها فضولها هي بالفعل علمت من قبل أن هناك من يستطيعون العيش لأيام بدون طعام لكن ماء هذا صعب.
أيام ازاي مش بتشرب لأيام
ابتسم سالار بسمة جانبية صغيرة تكاد ترى ثم أجاب بنبرة غامضة مقتضبة وهو ينظر لها
لا تدرين اين قد تقرع طبول الحړب
يعني ايه
يعني أنه ربما تدعوك الحړب لخوضها داخل صحراء قاحلة وتستمر لأيام ربما تخوضين حربا في منتصف المحيط وربما في فوهة بركان لا يهم أين ستكون الحړب المهم أن تنتصري بها
كانت تبارك تزداد فضولا وانبهارا بسالار وحكاياته
وأنت بتنتصر في حروبك !
توقف سالار ونظر لها ببسمة صغيرة يقول بثقة كبيرة وفخر أكبر بذاته وما حققه وهو بالكاد بلغ الثالثة والثلاثين من عمره
لم أخسر حربا في سنوات عمري الثالثة والثلاثين
ولا واحدة
ولا واحدة
نظرت لعيونه بقوة ثم همست دون وعي تفكر في عقلية ذلك الرجل الذي يستطيع خوض حروبا ضارية في ظروف قاټلة دون خسارة واحدة حتى
ولو حصل وخسړت في يوم حرب هيحصل ايه يعني ممكن تعيدوا الحړب تاني ولا كده خلاص
حدق بها سالار ثواني قبل أن يطلق ضحكات صاخبة جعلت أعين تبارك تتسع فهذه هي المرة الأولى التي تراه يضحك بهذه الطريقة هو فقط كان يمن عليها ببسمات محسوبة جامدة أو ساخرة ..
حسنا لا يوجد شيء يسمى إعادة حرب هي ليست باللعبة لكن إن حدث وخسړت حربا ...
نظر لعيونها بجدية وقال
سأقف بكل شجاعة أمام عدوي وانظر لعيونه و أحييه على مهاراته العالية التي حطمت عزيمتي سأمنحه سيفي والذي هو شرفي وكبريائي وأخبره أنه كان الأول الذي هزمني ثم انهض واحارب مرة أخرى أنا رجل واواجه خسارتي بكل جسارة ولا يضيرني هزيمة مفردة فبعده نصر بأمر الله سبحانه وتعالى
وحين انتهاءه من جملته تلك نزع عيونه عن تبارك التي خرج