رواية أقدار بلا رحمه (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم ميار خالد
براء مش كده أنت غلطانه
نظرت له عاليا پحده و قالت بنبرة ټهديد
يامن .. بلاش ټعصبني أكتر من كده بدل ما أستخدم معاك طريقة أنت مش هتحبها
أنا ميهمنيش كل ده .. عن أذنك
قال تلك الجملة ثم خرج من الغرفة بسرعة زفرت عاليا بعصبية ثم هاتفها و اتصلت بالأمن حتي يمنعوه من الخروج و بالفعل بمجرد أن نزل إلى الاسفل به قبل أن يصل لكريم الذي كان ينتظره في السيارة و حبسوه في غرفته ظل كريم مكانه حتي أحس بتأخر صديقه فترجل من السيارة واتجه الي البيت و قبل أن يصعد اتجهت إليه عاليا وقالت بنبرة قاطعه
هو
يامن قالك
ايوه قالي و أعتقد قراري واضح
طيب هو فين
في الاوضه بتاعته هو اضايق من كلامي جدا بس مش عارف أن كل ده لمصلحته و مش عايز يخرج منها
بس أنا لازم اشوفه
هو قالي أنه مش عايز يشوف حد
مفيش بس .. تروح تبلغها بالكلام ده بدل ما أنا اللي أبلغها بنفسي
حاضر
قال تلك الكلمة ثم خرج من البيت بحزن شديد واتجه إلى الملجأ ولا يعلم ماذا يفعل وبعد أن خرج من المكان رفعت عاليا هاتفها و أتصلت بمديرة الملجأ و بمجرد أن ردت عليها حتى صړخت بوجهها
أنت نايمه على ودنك ولا كان عاجبك اللي بيحصل
أبني أنا اللي اول مرة يتعصب عليا يكون بسبب البنت دي
ممكن تفهميني براحه إيه اللي حصل طيب
براء
مالها براء دي هاديه و طيبه عمرها ما عملت مشاكل
اه ما هي دي طريقتها في السيطرة علي الناس .. بس الكلام ده مش هيدخل دماغي .. هي مش البنت دي كملت ال ١٨ سنه خلاص يعني المفروض تخرج من الملجأ
البنت دي تخرج بكره من الملجأ انت فاهمه
ازاي بس مينفعش
لو كلامي متنفذش التبرعات اللي بتجيلك كل شهر انسيها .. بكره البنت دي تكون برا الملجأ و ياريت لو اخبارها تتقطع خالص
صمتت المديرة للحظات ثم قالت بحزن
حرام عليكي دي يتيمه بلاش تيجي عليها هيبقي انت و الدنيا
زفرت عاليا بضيق وقالت
ثم انهت المكالمة في وجهها لتقول المديرة بقلة حيله
حتي اليتيم مش بيرحموه .. عملتي إيه يا براء في حياتك عشان تقابلي كل الحاجات دي .. سامحيني يا بنتي بس مفيش قدامي حل تاني .. يارب أنت كريم و عادل وقفلها ولاد الحلال
تلك الجملة ثم خرجت من مكتبها واتجهت إلى غرفة الخياطة حيث تتواجد براء و دلفت إليها لتجدها تصمم إحدى الفساتين تنحنحت المديرة لتنتبه لها براء و نهضت من مكانها بسرعه احتراما لها فقالت لها المديرة
ارتاحي يا بنتي
كنت لسه جايه لحضرتك .. أنا عملت شوية فساتين للبنات من القماش اللي كنتي جيباه بدل ما نشتري جديد أنا حاولت اوفرلك شوية
أبتسمت المديرة بحزن و قد ظهرت بعض الدموع في عيونها أردفت براء
مالك بټعيطي ليه .. في حاجه حصلت
بعيط عشان هتوحشيني
أبتسمت براء وقالت
لسه فاضل شهرين معقول بټعيطي من دلوقتي
جهزي هدومك يا براء عشان هتمشي بكره
نظرت لها براء پصدمة وأردفت
بكره!
ايوه .. العدد زاد اوي و أنا مش هستحمل شهرين في الزحمة دي
بس أنا لسه مش مستعده أنا قولت في خلال الشهرين دول كنت هحاول اظبط دنيتي لكن بكره صعب اوي
أنا مش باخد رأيك أنا جايه ابلغك .. ابدأي لمي حاجتك يلا
نظرت لها براء برجاء و قد تكونت بعض الدموع في عيونها لتقول
اديني فرصة أسبوع طب
لا يا براء .. بلاش تضيعي وقت يلا
قالت تلك الجملة ثم خرجت من الغرفة بحزن لتترك براء في حاله يرثي لها وبعد لحظات وصل كريم الي الملجأ و عندما رأته براء اتجهت إليه سريعا و كانت الدموع ټغرق عيونها ليفزع هو حين يراها بتلك الحالة قال
في إيه!
المديرة جت بلغتني إني هسيب الملجأ بكره
أزاي مش لسه فاضل شهرين!!
مش عارفه إيه اللي حصل
شرد كريم قليلا و قال
يبقى أكيد قالتلها حاجه!
نظرت له براء بعدم فهم و قالت
هي مين و فين يامن هو مجاش معاك
طالعها كريم بحزن و أردف
والدة يامن .. للأسف هو قالها على حبه ليكي و هي رفضت و عملت مشاكل
أبتسمت براء پقهرة و قد خانتها دموعها المعلقة بعيونها لتتساقط و قالت
كنت عارفه أن ده هيحصل و إنها مش هتوافق بيا .. بس هو وعدني
انا طلبت أشوفه بس هو مش عايز .. حابس نفسه في الاوضه بتاعته و مش عايز يشوف حد
قالت براء و كأنها لم تسمع كلماته تلك
هو وعدني أنه مش هيتخلي عني و مش هيسبني .. أنا وثقت فيه و قولتله إني مليش غيره .. معقول كل ده ملهوش قيمه عنده حتى مش قادر يجي يبص في عيني .. أختار أنه يهرب
بلاش تظلميه يا براء متعرفيش إيه اللي جواه و هو حاسس بأيه
و أنا إيه أنا مين يحس بيا و يحس بقلبي اللي اتكسر و كرامتي اللي اداس عليها بس علشان من ملجأ .. ذنبي إيه أن اهلي يتخلوا عني و الشخص الوحيد اللي وثقت فيه و حبيته برضو يتخلي عني .. أنا بريئة من كل الظلم ده
صمتت للحظات ثم أكملت بدموع
أنا
كنت عارفه أن ده هيحصل .. بس كان عندي أمل أنه ميسبنيش
أنا مش عايزك تفقدي الأمل .. أوعدك إني هجمعك بيه في يوم من الايام صدقيني
كفاية وعود بقى .. أنا مش عايزه حاجه
مهما تقولي هفضل عند وعدي و أنتوا الاتنين هتتجمعوا في يوم بسببي!
نظرت له براء بدموع ثم التفتت لتعود إلى الملجأ و لكنه وقف أمامها فمنعها من السير
هتخرجي بكره الساعة كام
فكرت براء للحظات ثم قالت
الساعة ٣ العصر
تمام أنا هكون موجود قدام الملجأ هنا .. أنا مش هسمح أنك تفضلي في الشارع لحد ما نلاقي حل تاني .. هتعيشي مع الداده بتاعتي في بيتها الفتره دي هي عايشة لوحدها لحد ما تنتقلي لمكان تاني
ماشي يا كريم .. شكرا على كل اللي بتعمله معايا
إحنا اخوات .. بلاش الكلام ده
نظرت له براء بابتسامة حزينه ثم دخلت الى الملجأ وذهب كريم الي بيته كان يامن في غرفته يطالع الفراغ بعدم اهتمام و قد وعد نفسه أنه إذا خرج من هذا البيت لن يعود له مرة أخرى و قال بصوت مسموع
سامحيني يا براء .. أنا مكنتش قد الوعد اللي وعدتهولك .. أنا مكنتش قد ثقتك بيا .. بس كل اللي عايزك تعرفيه أنك لو مكنتيش ليا محدش هيقدر ياخد مكانك .. أنا شوفت نفسي زي عيون الناس عيل صغير بس لما مقدرتش احافظ عليكي .. سامحيني
في اليوم التالي ..
الساعة الثالثة عصرا
ذهب كريم الي الملجأ و أنتظر براء حتي تخرج و لكنها تأخرت كثيرا حتي اتجهت إليه مديرة الملجأ
خير يا ابني
مستني براء .. مش المفروض كانت تخرج الساعه تلاته
براء خرجت من الساعه ١
نعم! أزاي يعني دي قالتلي هتخرج الساعه ٣
زي ما بقولك كده هي خرجت الساعه ١
هتكون راحت فين دي ملهاش حد!!
نظر حوله بعدم تركيز و قلق ثم نظر إلي السماء وقال
أنت فين يا براء ..
رواية أقدار بلا رحمة
الكاتبة ميار خالد
الفصل الرابع
بعد مرور سبعة أعوام ..
تململت في سريرها بإنزعاج بسبب ذلك الصوت الذي يعكر مزاجها كل صباح نهضت من مكانها و أنهت رنين هذا المنبه المزعج تنهدت بتعب ثم اتجهت الى الحمام و غسلت
وجهها و رتبت شعرها ثم خرجت و اتجهت الي المطبخ لتعد لها بعض القهوة و جلست علي إحدى المقاعد به لتحتسي قهوتها الساخنه وهي تقرأ إحدى الجرائد وبعد لحظات فابتسمت بهدوء والتفتت لها أردفت
ماما فاطمة .. صباح الخير
صباح النور يا حبيبتي .. صاحيه بدري ليه ده أنت نايمه متأخر
أعمل إيه ما انت عارفه أن عندي شغل كتير
ربنا يقويكي يا حبيبتي .. هو فين بابا جمال صحيت الصبح ملقتهوش جمبي
خرج يتمشي شوية .. انت عارفه أنه بيحب يخرج بدري كده يستمتع بأول النهار
ضحكت المرأة المسنه بحب وقالت
طول الاربعين سنه اللي عيشتهم معاه وهو متعود يعمل كده .. بس ولا مره قالي تعالي اتمشي معايا الصبح بدري
يمكن عشان مش عايز يزعجك في عز نومك
اقنعتيني يا ستي
ضحكت براء ثم نهضت من مكانها وقالت
تحبي احضرلك إيه على الفطار النهاردة
نظرت لها فاطمه بحب و قد تكونت بعض الدموع في عيونها لتلاحظها براء منها بسرعه ومسحت دموعها وقالت بقلق
مالك في ايه! ليه الدموع دي
دي دموع الفرحه يا بنتي .. مكنتش أعرف أن ربنا بيحبنا اوي كده علشان بعتك لينا .. من سبع سنين للنهارده و أنا بحمد ربنا كل ما أبص في وشك كل يوم الصبح .. بحس أد إيه ربنا عوضني بيكي عن كل حاجه في الدنيا .. أنا مكنش مكتوبلي إني أخلف بس برضو ربنا رزقني بإحساس الامومه و كمان أداني زوج عظيم و..
قاطعتها براء لتقول
و أب عظيم كمان .. عمري ما هنسي اليوم اللي اتجمعت معاكم فيه
حبيبتي ربنا ما يحرمنا منك .. سيبيني بقى أنا اللي أحضر الفطار النهاردة .. ارتاحي
أبتسمت لها براء و جلست على إحدى الكراسي في المطبخ وسرحت بذاكرتها قبل سبع سنوات لتعود الى اليوم التي تركت فيه الملجأ
قبل سبع سنوات ..
خرجت براء من الملجأ بعد أن ودعت جميع أخواتها وسط دموعهم الغزيرة وقبل أن تخرج من باب الدار ركضت حنين نحوها لترتمي في پبكاء وقالت
بالله عليكي ما تمشي .. خليكي معايا
ڠصب عني .. لو عليا مش عايزه اسيبك ابدأ .. خلي بالك من نفسك و مهما حصل في الدنيا مصيرنا نتجمع تاني .. خليكي فاكره ده
نظرت لها حنين بدموع ثم أبتعدت عنها براء وخرجت إلى الشارع و ظلت تجوله بعدم تركيز وقالت في نفسها
أنا أسفه إني كدبت عليك يا كريم .. بس أنا قررت إني أبعد و أقلب صفحة يامن
من حياتي لأني مش هستحمل ۏجع تاني .. يارب أنا عارفه أنك مش هتسيبني لوحدي أنا مليش غيرك
ترقرقت الدموع في عيونها مع اخر جملة لتتساقط علي وجنتيها الشاحبه مسحت دموعها بسرعه حتي لا يلاحظها أحد و نظرت أمامها لتجد أنها قد وصلت إلى محطة القطار دلفت إلى المحطة و أخرجت كل ما تمتلكه من نقود من حقيبتها الصغيرة المصنوعة من الصوف و التي قد صنعتها بيدها و وجدت أنها تمتلك بعض النقود فقط و التي تكفي لشراء