رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
من أسلوبه الفظ والوقح في الإساءة إلى عمتها وعفويا كورت قبضة يدها وهي تهتف بامتعاض
أنا بسألك عن بيت عمتي عارف ولا لأ
رد عليها بتهكم أثار سخطها للغاية
هي عمتك اتلم المتعوس على خايب الرجا!
هي لم ترغب في إثارة القلق خاصة في وجود والدتها حتى لا تفسد الزيارة وتلتغى قبل أن تبدأ.
عمدت إلى الحفاظ على هدوء أعصابها وهي تعيد سؤاله بقوة زائفة
أجابها بتأفف وهو يشير بإصبعيه نحو بناية ما
البيت الكحيان اللي هناك ده هتلاقيهم ساكنين فيه!
التفتت أسيف إلى حيث أشار فتجمدت نظراتها على تلك البناية القديمة للحظات.
خفق قلبها بتوتر رهيب وإنتابتها أحاسيس كثيرة متحرقة فيها شوقا لمقابلة فرد جديد اكتشفت وجوده مؤخرا من عائلتها..
أفاقت من جمودها المؤقت وعاودت النظر إلى الجزار بإشمئزاز ثم تركته وانصرفت دون حتى أن تشكره على تقديمه للعون..
هي هاتجيبه من برا يعني كلهم عيلة..... في قلب بعض!!!
رجعت أسيف عند والدتها وهي ترسم ابتسامة مصطنعة على وجهها ثم استطردت حديثها مرددة بهدوء
خلاص يا ماما عرفت مكان البيت هو اللي هناك ده!
حركت حنان مقعدها للأمام وتبعتها أسيف بخطوات متمهلة لكن روحها كانت في حالة حماسة رهيبة..
بالطبع لم يخلو المكان من هؤلاء الصغار الذين يتراشقون الكرة وهم يلعبون پعنف وصړاخ لعل أحدهم يحقق الفوز في مباراتهم الحيوية الهامة..
ابتسمت لهم أسيف بود ثم استدارت بأنظارها في اتجاه المدخل.
حدقت فيه بنظرات مطولة مدققة في تفاصيل المكان فكل شيء كان يشير إلى قدمه الطلاء الباهت الألوان المطفية الدرج الخشبي العتيق والكراكيب المتراصة على الجانبين..
اختلف إحساس حنان كليا عن ابنتها هي زارت تلك البناية من قبل منذ سنوات طويلة مضت..
مرت الأيام وتكرر المشهد من جديد
فقد كانت جالسة على مقعدها المتحرك عند هذا المدخل وتركها زوجها رياض بمفردها هنا ليصعد إلى زوجة أبيه.. تلك القاسېة الجاحدة التي لا تعرف أي شفقة..
ازدردت ريقها پخوف وتمنت في قرارة نفسها ألا يتكرر الأمر مجددا مع ابنتها فهي لا تزال
لتحدق في والدتها الشاردة وظنت أنها تفكر في طريقة للصعود للأعلى بمقعدها هذا والاثنتان بمفردهما وبالتالي لن تتحمل هي عبء دفعها..
أنا هاطلع أسأل حد من الجيران عن بيتهم وأعرف هما ساكنين في أنهو دور وأنزلك يا ماما
هزت حنان رأسها إيجابا وهي تقول بحذر
طيب بس خلي بالك من نفسك
حاضر
قالتها أسيف وهي تتجه نحو الدرابزون لتصعد بتريث عليه.
تعلقت أنظار حنان بإبنتها وخفق قلبها بدقات متتالية..
دعت الله في نفسها بتيسير الأمور عليها..
وصلت هي بعد لحظات إلى الطابق الأول وسلطت أنظارها على أول باب وقعت عيناها عليه..
ابتلعت ريقها بتوتر بادي عليها واستجمعت شجاعتها لتقرع الجرس..
عاودت النظر للأسفل لتطمئن على والدتها القابعة عند المدخل..
فتحت إحدى الجارات الباب وتفرست في أسيف بنظرات حادة مدققة وسألتها بجمود
ايوه عاوزة مين يا شابة
استدارت أسيف برأسها نحوها ورسمت ابتسامة مهذبة على شفتيها ساءلة إياها بحرج
أومال الست عواطف خورشيد ساكنة في أنهو دور
أجابتها الجارة بجدية وهي تشير بعينيها للأعلى
فوقينا بدورين الباب اللي زي ده
ضغطت أسيف على شفتيها مع احتفاظها بإبتسامتها الرقيقة مرددة بإمتنان
شكرا
نزلت مسرعة على الدرج لتعود إلى والدتها ثم وقفت قبالتها وهتفت بصوت شبه لاهث ومتحمس
خلاص عرفت البيت يا ماما أنا طالعة عندها وهاعرفها إنك تحت!
مدت حنان يدها إلى ابنتها وأمسكت بكفها ثم رمقتها بنظرات جادة قبل أن تنطق محذرة
متتأخريش فوق انزلي على طول ماشي يا أسيف
أومأت ابنتها برأسها مرددة بطاعة
حاضر يا ماما اطمني!
أولتها ظهرها واتجهت للدرج لتصعد إلى عمتها والحماس الممزوج بالتلهف والفضول يقتادها للأعلى..
ضمت حنان كفي يدها معا وضغطت عليهما بقلق واضح رغم تعابير وجهها الجامدة..
هي تخشى ألا تصير المقابلة على ما يرام.. وتصدم ابنتها في عمتها الوحيدة.
عاتبت نفسها على تركها بمفردها لتقوم بهذا الأمر دون وجودها لدعمها.
أخذت تدعو الله في نفسها أن يمر اللقاء على الخير وتقابل بحفاوة وترحيب..
أسرعت أسيف في خطواتها لتصل إلى الطابق المنشود..
كانت متوترة بصورة بائنة ولما لا فتلك هي المرة الأولى التي سترى فيها عمتها الوحيدة..
قبضت بأصابعها على الدرابزون وهي تكمل صعودها..
شعرت أن حلقها قد جف من فرط التوتر أو الحماس لا تعرف أيهما تحديدا هو المتحكم بها الآن.. لكنها متشوقة لرؤيتها..
وقفت أمام باب منزلها وتلاحقت أنفاسها بصورة سريعة..
سحبت نفسا عميقا وحبسته لثانية داخل صدرها لتضبط انفعالاتها..
تمتمت لنفسها بتشجيع
اهدي يا أسيف واضربي الجرس إن شاء الله خير
وبالفعل مدت يدها لتقرع الجرس وانتظرت بترقب فتح الباب لها..
كورت قبضتي يدها ورمشت بعينيها عدة مرات..
لا جديد يحدث الوضع كما هو.. الصمت هو سيد الموقف..
حدثت نفسها مبررة
يمكن ماسمعتش الجرس!
قرعت الجرس مجددا وانتظرت بشغف أن تفتح عمتها الباب وتستقبلها..
طال انتظارها أمامه..
تملكها الإحباط سريعا وتشكلت علامات اليأس على محياها..
خبا بريق عينيها وتهدل كتفيها بضيق..
عللت لنفسها عدم الرد عليها
جايز.. جايز محدش موجود!
زفرت بعمق واستدارت لتعود من حيث أتت ولكن بخطوات متخاذلة وبطيئة نسبيا وهي تتجه للدرج..
في نفس التوقيت وصلت عواطف ومعها ابنتها نيرمين ورضيعتها إلى مدخل المنطقة الشعبية بعد أن فحصها الطبيب وأعطاها الدواء المناسب لحالتها..
تهادت عواطف في خطواتها متمتمة بتعب
كويس إنها جت على أد كده إحمدي ربنا
ردت عليها بتنهيدة مطولة
الحمدلله البت لسه بتسنن وزورها مقفول!
أضافت عواطف قائلة بصوت هاديء
خدي من ده كتير شوية تسخن وشوية حركتها تتقل يعني من هنا لحد ما سنانها كلها تطلع
ردت عليها نيرمين بجدية
ربنا يسهل أنا هاديها الدوا في مواعيده
أكدت عليها عواطف أهمية ذلك الأمر محذرة
اه
لازم وربنا الشافي
يا رب
ثم أكملتا سيرهما نحو البناية القريبة..
في نفس ذات الآن بقيت أنظار حنان المتوجسة معلقة بالدرج وشفتاها تتمتمان بكلمات خاڤتة للغاية ومبهمة.
الفضول ېقتلها لمعرفة نتائج المقابلة الأولى..
وفجأة التفتت برأسها للخلف على صوت صړاخ أحد الصغار بحدة
شوط يا عم مستني إيه!
تجمدت عيناها على تلك الكرة التي قڈفها الأخر بكل ما أوتي من قوة فتحولت لقذيفة موجهة ارتطمت پعنف بألواح الخشب وكراكيب الأثاث المتواجدة على مقربة منها..
اختل توازن تلك الأشياء بفعل الضړبة القوية وبدأت في التهاوي ولكن عليها..
شخصت أبصارها بهلع كبير حينما رأت تلك الكومة الهائلة تتساقط عليها فرفعت كفيها أمام وجهها لتحميه وصدرت عنها عفويا صړخة هائلة ومخيفة...
قفز قلب أسيف بړعب جلي في قدميها على إثر ذلك الصوت المألوف الذي تعرفه جيدا.
تجمدت في مكانها لوهلة محاولة إستيعاب تلك الصدمة المباغتة.
كما اتسعت حدقتيها بفزع وهي تستمع إلى صوت ارتطام متتالي ومدوي..
صاحت لا إراديا بفزع
ماما!
أفاقت من حالة الشلل المؤقتة التي أصابتها وهبطت مسرعة على الدرجة محاولة الوصول إلى والدتها..
رأى الصغار ما حدث نتيجة لعبهم الطائش وصاحوا پخوف كبير بعد سقوط الألواح الخشبية والأثاث على تلك القعيدة محدثين فوضى بالمكان..
تحول المدخل إلى حالة من الهرج