رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
منه بكف يده فبرز اسم حنان عليه.
لوى فمه للجانب محدثا نفسه بامتعاض
ودي عاوزة ايه
أجاب على اتصالها قائلا بصوت آجش
سلامو عليكم! أيوه يا حنان! ايه الأخبار
رد عليه صوت ذكوري غريب على مسامعه
انت الحاج فتحي
انتصب الأخير في جلسته متسائلا بجمود
ايوه مين معايا مش ده تلافون حنان هو وصلك إزاي وآ.....
رد عليه منذر بهدوء حذر مانعا إياه من الاسترسال في أسئلته
كده يا حاج فتحي في الأسئلة! اصبر وأنا هاجاوبك
انفعل عليه الأخير قائلا بنفاذ صبر
إنت مين ما تكلم!
أجابه منذر بحذر
أنا هافهمك بس الأول لازم تعرف إن صاحبة التليفون ده....
صمت لثانية قبل أن يتابع موضحا بجمود
ماټت!
جحظت عيني فتحي بذهول كبير وصاح مصډوما
بتقول ايه حنان ماټت!!!!!!
..............................................
حاولت ردعه وايقافه عند حده لكنها كانت منهكة بدرجة كبيرة كذلك استنفذت قواها في تكرار الكشف عليها للتأكد من عدم تطور الأمر معها.
سأل دياب الطبيب بجدية وهو يسحبه خارج الغرفة
هي هتبقى كويسة
هز الطبيب رأسه بالإيجاب قائلا
اه بالكتير على بكرة هاتكون في بيتها
تمام طمنتني!
ثم سكت للحظات ليتساءل بعدها بفضول وهو يرى إحدى الممرضات تحسب عينه أخرى من دمائها
طب ليه الكشوفات الكتير دي و....
أجابه الطبيب بإنزعاج قليل
أصلها مش أول حالة ټسمم تجيلنا
ارتفع حاجباه للأعلى في اندهاش وهتف متعجبا
نعم هو في غيرها
رد عليه الطبيب بنبرة جادة
أيوه كذا حالة جت وتقريبا كلهم من نفس المكان فبنجمع عينات عشان التقرير!
أها طيب!
كان الطبيب على وشك الانصراف فاعترض دياب طريقه قائلا بنبرة متلهفة
استنى يا دكتور
توقف الأخير عن الحركة مرددا بإيجاز
خير
تنحنح دياب بحرج قليل
احم أنا كنت بس عاوز أشكرك على تعبك و... ومش هوصيك عليها!
ابتسم له الطبيب بتكلف وهو يضيف
اطمن كلنا بنراعي المرضى هنا!
أنا عارف بس دي اهتم بيها شوية زيادة سامع خد بالك منها!
بادله الطبيب ابتسامة سخيفة مصطنعة وهو يقول
ماشي وربنا يخليهالك!
نظر له دياب شزرا وتمتم ساخرا
بأقوله اهتم بيها شوية مش مراتي يعني عشان يقولي ربنا
يخليهالك!
..............................
بعد مرور يوم
استقل الحاج فتحي القطار ليصل إلى وجهته مجبرا فبعد أن تلقى خبر ۏفاة حنان من منذر اضطر أن يوقف جميع أعماله و أصبح لازما عليه الحضور للوقوف إلى جوار ابنتها وتولي شئونها ريثما تستعيد عافيتها خاصة بعد أن عرف بعلتها.
وعلى مضض كبير سافر إليها لاعنا طوال الطريق تلك الظروف التي أجبرته على تعطيل أعماله نتيجة ۏفاتها.
تلقى التعازي من أغلب رجال القرية وكذلك التوصيات على تلك اليتيمة حتى لا يتركها بلا ظهر أو سند.
لكن هذا لا يقارن بخسارته المادية لتوقف العمل.
حدث نفسه بإستياء كبير وهو يطالع الطريق الزراعي من نافذته المجاورة
هي ناقصة خسارة! كل ما ألمها من حتة تفرك من الحتة التانية!
زفر بضجر متابعا حديث نفسه
ولسه موال البت أسيف مش معقول هاسيبها لوحدها كده في بلد غريبة!
هز رأسه بحركة ثابتة وهو يردد لنفسه بنبرة عازمة
هي هترجع معايا وبعد كده أشوفلها حد معرفة يتجوزها وأسترها وأرتاح من همها! جوزها يشيل عني! أنا مش ناقص!
.....................................
حمدلله على سلامتك يا ضنايا
قالتها عواطف وهي تلف ذراعها حول خصر ابنتها لتسندها أثناء خروجهما من باب المشفى الأمامي
لم تعقب عليها بسمة وواصلت سيرها بتمهل شديد وهي منكسة لرأسها للأسفل.
مسحت عواطف بيدها الأخرى على وجه ابنتها قائلة بتلهف خائڤ
وربنا كان هيجرالي حاجة لما عرفت من دياب إنك هنا!
اشتدت تعابير وجهها بعد سماعها لإسمه وتحولت نظراتها للإنزعاج
أكملت أمها قائلة بإمتنان
كتر خيره جدع ابن أصول قام بالواجب وزيادة!
ردت عليها بسمة بصعوبة بنفاذ صبر
كفاية بقى يا ماما دماغي صدعت من سيرته هو اعمل ايه يعني
ها ايه الأخبار
هتف بها دياب متسائلا وهو يقف قبالة بسمة مسلطا أنظاره عليها.
رفعت وجهها فجأة للأعلى لتحدق فيه پصدمة مزعوجة.
هللت عواطف قائلة بسعادة
سي دياب لسه كنت بأشكر فيك و....
التفتت بسمة إلى والدتها ناظرة نحوها بضيق كبير وهتفت مقاطعة من بين شفتيها على مضض
خلاص يا ماما بقى!
نظر لها دياب بقوة وهو يقول بابتسامة باهتة
واضح كده إن الأبلة لسه تعبانة!
ردت عليه بسمة بحدة
لأ أنا بقيت كويسة!
همست لها عواطف محذرة من أسلوبها الفظ
كتر خيرك يا بني هي بفضل الله بقت أحسن وهناخد تاكسي من هنا
اعترضت على ما قالته مرددا بإصرار
ليه تاكسي ما العربية معايا تعالوا أوصلكم في سكتي
احتجت بسمة مرددة بضيق
لأ مش عاوزين
كزت عواطف على أسنانها قائلة بصوت خفيض وهي تميل برأسها على ابنتها
يا بت خليكي كويسة مع الناس دي شكرا بتاعتك هو أنا اللي هافهمك بردك!
اعترضت بسمة على تخاذل والدتها الغير مبرر أمام تلك العائلة مرددة
الله!
تابع دياب قائلا بجدية وهو يشير بكفي يده
يالا يا أبلة المرور واقف كده هناخد مخالفة!
هتفت عواطف بنبرة متشجعة
حاضر يا بني احنا جايين أهوو!
تحرك ثلاثتهم بخطى بطيئة نحو سيارته المصفوفة بجوار الرصيف.
مدت عواطف يدها لتفتح الباب الخلفي لتجلس ابنتها بأريحية على المقعد بمفردها دون مضايقة من أي شخص. ثم انحنت لتعدل من وضعية حذائها الذي انتزع من قدمها.
انتبهت لصوت ممرضة ما تصيب عاليا
يا حاجة يا مدام!
تساءلت عواطف بإستغراب وقد تشكل على ثغرها علامات القلق
ايوه يا بنتي في حاجة
أجابتها الممرضة بصوت لاهث
اه انتوا خرجتوا من غير ما توقعوا على اذن الخروج
ضړبت عواطف بكف يدها مقدمة رأسها مرددة بإعتذار
معلش يا بنتي اتلبخنا بقى هاتي أما أمضيلك على الاذن ده!
ناولتها إياه الممرضة وهي تقول
اتفضلي
ركب دياب سيارته سريعا وضبط وضعية المرآة ليظهر انعكاس وجه بسمة به.
تعمد النظر إليها وهو يقول
بمزاح
تعرفي حتى ابني يحيى سألني عليكي وزعل أوي لما عرف إنك في المستشفى ده صدمني لما سألني هي الأبلة ماټت ولا لسه!
اتسعت حدقتيها بغيظ كبير لكنه تابع بجدية زائفة
بس أنا زعقتله وبهدلته قولتله دي مش طريقة تتكلم بيها مع الأبلة بتاعتك صح ولا أنا غلطان!
رمقته بنظرات ڼارية مستشاطة ونفخت بصوت مسموع وهي تشيح بوجهها للجانب مكتفية بتجاهله حتى لا تعطيه أكبر من حجمه.
ظل هو محدقا بها وعلى ثغره ابتسامة متسعة ثم لوح بهاتف ما محمول بيده متابعا ببرود
صحيح موبايلك معايا مش ناوية تاخديه
التفتت سريعا نحوه بوجهها العابس وحدجته بنظرات محتدة للغاية ثم مدت يدها لتلتقط منه هاتفها لكنه قبض عليه وأبعده قائلا بتسلية
يعني لولا البتاع ده مكونتيش عبرتيني
ردت عليه بسمة بفظاظة
يا ريت تبطل سخافة لأن دمك تقيل وأنا جبت أخري!
تجمدت نظراته عليها واشتدت ملامحه نوعا ما ثم هتف بقساوة غريبة وهو يقذف بالهاتف خلف ظهره
بجد! خدي
انزعجت من تصرفه الوقح معه ولكنها ردت عليه غير مكترثة به قائلة باقتضاب متجهم
هات!
استقلت عواطف هي الأخرى السيارة هاتفة بابتسامة عريضة
ربنا يباركلك يا رب ويكفيك شړ المستخبي! الواحد بصراحة مش عارف يقولك ايه على كرم أخلاقك
رد عليها بجفاء
عادي مش حاجة يعني!
لاحظت هي تبدل تعابيره فظنت أنها ربما تكون هي وابنتها عبئا ثقيلا عليه فأثرت الصمت في الوقت الراهن.
قاد دياب السيارة عائدا بهما إلى منطقتهم الشعبية ليكمل بعدها طريقه إلى الوكالة.
...................................
هز رأسه للجانبين مستنكرا إلحاح والده بضرورة البقاء مع تلك اليتيمة وعدم تركها بمفردها في