رواية آصرة العزايزة (كاملة جميع الفصول) بقلم نهال مصطفي
يشعله الشوق
أنا أجازة ٤ ساعة مش عايز أضيع منهم دقيقة واحدة ..
ضغطت على كفه وهي تقترب من أمها وبثغر ضاحك
مامي هاشم جيه .. قوليلو بقا أنا كنت لسه بعيط لك وأقولك واحشني أد أيه .
وثبت سامية لتصافحه ثم تعانقه بقلب أم
نورت بيتك يا حبيبي شيل بقا شوية من نكد ست رغد ..
ألتف ذراعه حول خصرها وشدها إليه
مش أنا قايل لك عندي مأمورية المكان ال رايحه مفيهوش شبكة .
أعمل أيه في قلبي طيب .. !!
تدخلت أمها بلطف
أنا كده اطمنت عليها اسيبكم بقا وأروح بيتي وأشوف زرعي اللي دبل بسبب الست رغد .
تدخلت رغد باعتراض
مامي استني اتغدي معانا ..
ضغط هاشم على كفها كي تصمت فلاحظت أمها فعلته فاستقبلتها برحب وابتسامة هادئة بادلتها ابنتها ابتسامة رقيقة لكسر ما سببه إليها من إحراج
توقفت نادية بقلق بمنتصف السلم متسائلة
في حاجة يا ولاد !
رد هاشم على الفور وهو يحمل رغد ليحمي أقدامها الحافية من فتات الزجاج المنتشر وبلهجته القهراوية التي لا تتبدل إلا معهما
لا يا طنت دي رغد عندها فرط حركة بس زي ما أنت عارفه .
عاتبته رغد هامسة
عاجبك كده !
توغل في أحشاء عينيها
ثم حملها برفق وأجلسها على الطاولة مبتعدا عن دائرة انتشار الزجاج وقال بتنهيدة تشبه شهقة الغريق متغزلا بجمال المرأة ذات الشعر الغجري التى وقع بشباك عينيها منذ عامين
وبعدين فيكي
الله ! وأنا عملت أيه !
ارتدى ثوب الصعيدي المتيم وهو يجيب
كفاياكي حلاوة عاد ..
رن صوت ضحكتها بأرجاء ڤيلاتهم الصغيرة وقالت
رفع حاجبه مستنكرا فأنقذت نفسها موضحة
بس بعشقك في كل حالاتك .....
الاسكندرية
في غرفة المرأة الأكثر اختلافا إمراة لا تشبه إلا نفسها غير عادية.. لا يقارن جمالها إلا ب الأشياء الأكثر رقة وصلابة .. يقويها الچرح لا يضعفها و يزهر فيها بدلا من أن يذبلها وتحول أحزانها إلى درجات سلم تدوس عليها كي تعلو أكثر وأكثر .
يعني مش لو كنت موجود دلوقتي كنت وفرت عليا التعب ده كله مفيش حاجة كسرتني أد غيابك يا حبيبي .. لو كان بس ينفع أديك من عمري عمري كله بس تبقى موجود أو نفارق الحياة دي سوا .. محدش فينا يسبق التاني .. وحشتني يا بابا .
أنسة ليلة .. شريف بيه على التليفون .
تناولت الهاتف من يدها وهزت ورأسها على مضض وقالت
أقفلي الباب وراكي يا دادة لو سمحت ..
ثم قعدت بملل على طرف السرير وهي ترد على الهاتف المنزلي
شريف .. أنت بتكلمني هنا ليه !
شوفي موبايلك وأنت هتعرفي ..
ألقت نظرة سريعة على شاشة هاتفها وهي تضغط على شفاهها بإحراج وبلهجة اسكندرانية عبرت عن خجلها متمتمة أحيه ! ثم قالت لتلطف الأجواء بينهم
سوري سوري بجد آخر مرة هنسى فيها الموبايل سايلنت بجد سوري .
تامر تحت ضغط الانزعاج
مش كل مرة يا لي لي .. أنا بجد تعبت معاك وزهقت .
خلاص بقا يا سيادة الرائد قلت آخر مرة ..مش هتتكرر تاني .
زفر بحنق
ماهي كل مرة بتبقى آخر مرة وبردو .
ابتسمت بلطف لتنهي الشجار القائم بينهم
خلاص بقا قلت سوري .. متقفشش وتعكر اليوم .
جلس شريف على مقعد مكتبه مغلوبا على أمره
جهزتي حاجاتك !
اه يا حبيبي .. هسلم على مامي وهنزل على طول .
هز رأسه متعجبا بجبين منكمش
هتنزلي فين مش الطيارة بالليل ! لسه بدري ..
شعرت بالتوتر إثر انكشاف كذبتها أمامه فبررت موضحة
أحيه !! قصدي هنزل أروح القناة اسلم التقارير ال معايا وهروح اقعد مع جوري والبنات لحد ميعاد الطيارة.
تعجل في إنهاء المكالمة الهاتفية إثر دخول العسكري فقال بتسرع
تمام يا لي لي هكلمك كمان شوية باي باي دلوقت عندي شغل .
ألتوى ثغرها بملل
باي باي .
ثم قفلت الهاتف لتتنفس الصعداء وتطرد غبار مخاوفها من كشف أمرها أخذت تسب نفسها علنا
غبية غبية كام مرة أقول لك هتخبي
حاجة كوني أدها .. لسانك الفالت ده وبعدين فيه !!
ثم نظرت في ساعة يدها بحماس وهي تلملم حقيبتها وشاحن هاتفها
كده يا دوب ألحق ..
ليلة سامح الجوهري تلك جميلة الروح قبل الملامح صاحبة الثامنة والعشرين عاما من العمر بقلب لم يبلغ الثماني سنوات وعقل بلغ الستون من النضج ببعض الأوقات .. اتدرك المعاناة التي يجتمع فيها براءة القلب مع نضج العقل ! ..
شعور يجبرك أن تعيش في صراع دائم حائرا بين طفل في صدرك وعجوز في راسك كلاهما لا يتقبل أفعال الآخر ...
فتاة متعددة المواهب تعشق المغامر والغناء والعزف تفضل قيادة السيارات لم يفارقها سباق إلا وشاركت فيه .. خريجة إعلام حلمها الوحيد أن تبقى إعلامية مشهورة ولديها برنامجها الخاص الذي تتحدث فيه عن كل الحقائق الكامنة والمكتوب عليها بالخط العريض ممنوع الاقتراب دون قيود أو خوف مؤمنة بأن الأعلام هو المنارة الأولى لتنوير العقول ونصرة الحقوق .. جاءتها الفرصة العظيمة لتحقق حلمها ولم تتردد للحظة في السير إليه بكل شغف وإصرار مهما كانت النتيجة!!
يقال أن للسبل نتائج آخرى غير تلك التي نقطعها لأجلها فيا ترى ما تلك النتائج التي ستواجه ليلة أثناء بحثها عن ذاتها عن حلمها ! والأكثر إيلاما هي ستصل أم سيكون مصيرها كمصير كل من سعى وكان الخذلان نهايته !
انتهت من وداع أمها السيدة نادية أبو العلا من أمهر وأشهر طبيبات مصر في معالجة الأمراض النفسية والعقلية.. هبطت ليلة من منزلها لتتوجه إلى سيارتها المركونة أمام البنية ذات الطراز الحديث وضعت النظارة الشمسية على عينيها وهي تحمل شالها الصوف خوفا من انقلاب الطقس الخريفي فجأة ثم أخذت المفتاح من السائق وهو يؤكد عليها
يا استاذة ليلة متأكدة إنك هتنزلي نجع حمادي لوحدك بالعربية !
ردت باستهزاء للموضوع
وفيها أيه يا عمو !! أنا متعودة أسافر أماكن أبعد من كده كمان لوحدي بالعربية .
تابع خطاها مقترحا
طيب تحبي أجي معاكي عشان لو تعبتي لقدر الله .. بصراحة قلبي مش مطاوعني اسيبك لوحدك يا بنتي أنت أمانة سامح بيه الله يرحمه .
مازحته قائلة
أنت عارف إن ميتخفش عليا بالذات من السواقة .. يلا بقا يا عم حسن كلها كام يوم وهتلاقيني رجعت أدوشك من تاني .. أدعيلي بس الموضوع يظبط ...
منصورة إن شاء الله يا بنتي .
قال جملته وهو يفتح
لها باب سيارتها بيجو 3008 حمراء اللون .. صعدت ليلة والحماس يتطاير من صوتها كما تتطاير خصلات شعرها البنية في الهواء
أشوفك على خير يا عم حسن ..
باستسلام
ربنا يسلم طريقك يا بنتي ويوقف لك ولاد الحلال ...
عودة لقصر العزازي
يا خبر !! ودي تيجي يا عمتي تقفي تطبخي وأنا موجودة ده أنا عليا شهقة ملوخية مفيش بعديها .
قالت زينة جملتها وهي تتناول المغرفة من
يد صفية وتتأهب لإعداد الوجبة بدلا منها كي تنال رضاها .. سحبت صفية المقعد وجلست فوقه بتعب وهي تتأوه
شالله تعيشي يا زينة يا بتي ..
ثم نادت على فردوس التي لبت النداء على الفور
استعجلي خضر يا فردوس عشان ياخد الغدا للعمال في المحجر تلاقيهم وقعوا من الجوع ..
ما كادت أن تتحرك ولكنها أوقفتها قائلة
وروحي المطبخ الكبير قولي للبنات يشهلوا ويبطلوا مياعة وهيء وميء الضهر جيه وهما لسه مخلصوش الوكل للناس .
فردوس بطاعة
حالا يا ست صفية ..
جاءت نغم في تلك اللحظة مهللة
أنا فضلت واقفة فوق راس البنات لحد ما خلصوا كل الوكل يا خالة ..
ثم طبعت قبلة على كتف خالتها وهي تحملق النظر بزينة
شوفتي محدش حاسس بيكي غير نغم .
ربتت صفية على كفها بحب
ربنا يباركلي فيكي يابتي ..
ثم همست لها
أوعى تفكري الأم هي ال ولدت لا دي اللي ربت يا عبيطة الله يرحمها أمك سابتك حتة لحمة حمرة وأنا اللي ربيتك وكبرتك ودخلتك كلية التجارة زي ما أمك كانت عايزة بتها تحون متعلمة ومتنورة .
دب الغيظ بقلب زينة التي تركت الطعام وانضمت لحديثها قائلة
يعني أيه الحديت ده يا عمتي !! وأنا يعني مش بتك ولا نابني من الحب جانب .
ألتوى ثغر نغم بضيق
واحدة وخالتها حاشرة نفسك ليه بيناتهم يا زينة ! ياباي منك .
لكزتها زينة بغيرة نسائية وجلست تحت يدي عمتها
عاجبك حديتها الماسخ ده يا عمة !
ضحكت صفية من جنانهن
أنتوا على طول ناقر ونقير إكده ! مولدين فوق روس بعض !!
حملقت نغم باستنكار
أنا نقري من نقر دي !! محصلش الا لو هي ال عينها مني .. عشان أنا الأحلى .
زينة بامتعاض
ما تحاسبي على كلامك يا ست نغم أنت ناسية أنا مين وأبويا منين ! ولو على الحلاوة النجع كله بيتحاكي بجمال بت صالح العزايزي .
وضعت نغم يديها بخصرها وهي تزيح شعرها الأسود جهة كتها الأيمن
وقالولك أنا اللي جاية من الشارع أياك يا زينة !! .
رمقتها زينة باستهزاء ثم سحبت المقعد الخشبي والتصقت بعمتها
يعني يا صفية لو قالولك اختاري واحدة بس تكون مراة هارون ولدك هتختاري مين !
جرت نغم مقعدها والتصقت بخالتها من الجهة الأخرى بمزاح
آكيد أنا متعلمة كيف هارون وراسي توزن بلد وأنسب واحدة ليه .
صړخت صفية بوجههن
انا عن نفسي قولتله اجوزك الاتنين عشان اخلص منكم ومنه ومن خوتتكم دي .. أنا كبرت ومعتش حمل المناهدة دي !
هب الاثنتان بنفس واحد وبأعين متحمسة
هاه وايه قوله !
تفوهت بملل بعد ما فاض صبرها من ابنها وبنات أخواتها
لعڼ الجواز على اللي عايز يتجوز وبصراحة عنده حق أنتوا الجوز تجيبوا الفقر .. قومي يا بت منك ليها شوفي لك مصلحة ... بدل ما سادين نفس الولد عن الجواز إكده .
امتنعت نغم بشدة
أنا ابقى ضرة دي !
هزت زينة رأسها بكيد انثوي
ومالها دي يا عينيا !! ناقصة أيد ولا رجل !!
دخلت هيام أختهم الكبرى عليهن وهي تحمل جبال الهم فوق ملامحها فنظرت لها نغم بترحاب
أهي عروستنا وصلت أهي !!
تدخلت زينة عندما لاحظت وجهها الشاحب
وه وه!! مالك لاوية بوزك يا عروسة ولا كأنك هتتجوزي أخر السبوع .
تجاهلت حديثهن واسئلتهن الفضولية
فين هارون يا أما !
نزل شغله ياهيام يشوف مصالحه ..
جلست هيام تحت قدمي أمها بأعين باكية
يا أما أحب على يدك انا مش عايزة اتجوز ضيا ولا قادرة أبص في وشه .. حرام عليكم حسوا بي .
قالت زينة معترضة
ما أنت كنت رايده وموافقة عليه يا هيام !! جرالك أيه !!
جلست نغم بمستوى خالتها وضمت كفيها
يا حبيبتي !! هو الجواز بالعافية يا خالة البت مش رايداه ومعاها حق ضيا مين يطيقوه في النجع كله .
تعلقت هيام بحبال كلمات نغم
قوليلهم يا نغم أنا تعبت .. مش عايزاه يا ناس مش عايزاه ..
تدخلت صفية بحدة المراة الصعيدية
اسمعك تقولي إكده تاني هكسر راسك أياكي تكوني شايفالك شوفة من الجامعة بتاعتك والله اقطع خبرك عن النجع..
اڼفجرت هيام باكية
مش عحبه يا أما .. مش عايزاه .. ولا عايزة اتجوز من أصلو أيه قولك عاد ! .
هبت رياح صفية الحاسمة
وأحنا مش عنتجوزوا عشان الحب والكلام الفارغ دهوت يا بت بطني .. الجواز سترة للبت وعشان نحفظوا نسل العزايزة أما الحب والتقاليع دي مش في عرفنا ياضنايا..ال يتفقوا عليه الرجالة يصير وأنت وافقتي من اللول .
ربتت زينة على كتف عمتها بيدها المكدسة بالغوايش الذهب
روقي يا صفية الزعل غلط عليك .. هدي روحك وأحنا هنتكلموا معاها ونفهموها .
تفوهت صفية بحزم
ولا كلمة زيادة في الحديت ديه سامعة يا بت بطني .. روح جهزي روحك وأفرحي .
ثم سبت الحب جهرا
قال حب وكلام مايع ملوش لون ولا ريحة !!
فرغت هيام كالملدوغة وهي تفارق مجلسهن
إكده يا أما ! طيب أنا هروح اشتكي لأبوي ولو موقفش جاري وربنا وقبل ماالبس الفستان لضيا هتلبسوني الكفن .
أغرورقت العبرات من عيني صفية بحسرة
أبوكي عيان ومش حمل هم يا بت .. خدي إهنه !! يارب خدني أنا وريحني من عيالي لا عارفة احكم على واد ولا بت .. عملت أنا ايه في دنيتي بس يارب شيعي لهلال ولدي يرقيني دي عين مراة صديق ورشقت .
مرسى علم
بأقدام حافية تتدلل رغد أمام بار مطبخها الذي اقترب منها هاشم بعد ما تحرر من قيود زيه العسكري مكتفيا ببنطال رياضة تاركا عضلات جسده للهواء الطلق .. تناول ثمرة من الفاكهة وجلس على أحد المقاعد وهو يسألها
هتأكليني أيه من أيدك ...
ردت رغد وهي تعد قطع الدجاج
بيكاتا بالمشروم والوايت صوص وجمبها رز أبيض هتاكل صوابعك وراها ..
جذب كفها لعند ثغره وطبع بداخله قبلة دافئة ثم قال
أنا نفسي كدا تسيبك من الأكل الخواجاتي ده وتجربي الأكل الصعيدي ال على أصله .. رقاق بالسمنه البلدي .. فتة باللحمة الضاني .. فطير مشلتت بالعسل والجبنة ..
تركت السکين من يدها متحمسة
بجد يا هاشم !! أنا نفسي أوي نروح هناك وتعرفني على أهلك .. حقيقي بحاول اتخيل هما ازاي وعاملين أيه .. أنا بجد نفسي أحس أن ليا عيلة وعزوة ..
لطخ وجهه بحمرة الامتعاض واكتفى بهز رأسه بدون اهتمام
قريب قريب ياحبيبتي ..
شيعته بنظرة تكذيبه ولكنها غيرت مجرى الحديث قائلة
هتنزل الصعيد طبعا !
ابتسم بهدوء لدهائها
طبعا لازم أخد رضا صفية قبل كل مأمورية ..وكمان عشان فرح هيام أختي آخر الأسبوع ..
رغد بفضول
احكي لي عن الصعيد شوية .. وصفية وأخواتك كله كله ! أنا نفسي أجي معاك أحضر الفرح .
دار إليها باهتمام
الأول عايزة تعرفي أيه ياستي عن الصعيد !
برقت عينيها بحماس وهي تدنو منه قليلا
قول لي عندكم بنات حلوة في الصعيد .. !
رفع حاجبه مشيدا بجمال بنات موطنه
وهو فيه زي حلاوة بنات
الصعيد عارفة الفرق بين الفرس العربي الأصيل والأمريكي !! أنت طبعا خيالة وعارفة الفرق كويس .
اكفهرت ملامح وجهها بضيق
والله !! وسبتهم لي بقا وجيت لي.. !
امتلأ محياه بالضحك وهو يفارق مقعده ويتحرك إليها
عشان لقيت فرس عربي أصيل تايه في مرسى علم قلت مكنش ينفع أسيبه أبدا .. لازم يكون ملكي .
ثم طوق خصرها بقوة وأكمل
وأنا