رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل
ابتلع كلمته التي كانت على وشك مغادرة فمه حينما ابصروا ڠصب الملك وانتفاضة جسده على العرش ومن يعلم الملك جيدا يدرك مقدار كرهه لأي تجاوز داخل أسوار مملكته وخاصة قاعة عرشه وتحديدا أمامه .
وهذا ما يراه أمامه تجاوز ليس فقط داخل مملكته بل وايضا أسفل سقف قصره وهذا ما لن يسمح بحدوثه طالما هناك انفاس داخل صدره .
نظرت له زمرد بحنق شديد حاولت قدر الإمكان ألا تظهره على ملامحها لكنها فشلت ولم تكتفي بذلك بل قررت أن تزيد الطين بلة وتفتح فمها لتجادل الملك
أنت يا ...
كانت تلك الكلمة الأخيرة الخاڤتة والرقيقة صادرة من كهرمان التي رأت أن تتدخل في الحال لحقن الډماء فهي تدرك كيف ستتصرف زمرد في مثل هذه الحالات ولن تفرق بين ملك وجندي .
تحركت أعين إيفان من زمرد حتى استقرت نظراته على كهرمان التي اقتربت من عرشه بمنتهى الهدوء تقول
مولاي اسمح لي بالحديث رجاء
هي ورغم أنها تنبذ وتنفر أصلها وانتمائها لهذه الفئة من الأشخاص إلا أنها لا تستطيع أن تنبذ عادات وتصرفات تربت عليها .
بل تجرأت وضړبتها على مرأى ومسمع من الجميع ثم هذه الچروح التي تراها على جسدها لم تكن رفيقتي هي المتسببة بها على الاطلاق
نعم يا مولاي هذا صحيح أنا عندما اكتشفت فعلتها وذهبت لاصارحها وجدتها بهذه الهيئة ولا اعلم حتى من فعل بها هذا حتى أنها هي من هاجمتني واصابتني بچرح غائر في يدي
ختمت حديثها تشير صوب خدش صغير يتوسط ظاهر كفها والذي لم يكن واضحا حتى لايفان الذي رفع حاجبه لا يقتنع ولو بمقدار شعرة بما سمع .
ويبدو أن إيفان لم يكن الوحيد الذي لم يقتنع بحديث زمرد فدانيار والذي جاء يستدعي الملك كي يتفقد القافلة الراحلة صوب مشكى وكي يحضر تميم للتحرك صدم بمجرد دخوله وسماعه حديث تلك الحرباء المتلونة يا ويلي لو أنه يجهلها لكان الآن صدق أنها الضحېة يدرك جيدا أنها هي من فعلت هذا بالفتاة .
تلك الكاذبة كدت أصدقها مسكينة أصيبت بخدش أثناء محاولتها التخلص من الفتاة .
استند بكتفه على الجدار خلفه يراقب ما يحدث بسخرية لاذعة وكأنه يشاهد عرضا أو ما شابه ينتظر أن تنتهي هذه الحرباء من دورها ليصفق لها .
نظر إيفان صوب الفتاة الملقاة ارضا يقول بقوة
هل ما تقوله هذه الفتاة صحيحا! لم تكن هي من ضربتك وهددتك
نظرت الفتاة صوب زمرد التي ضيقت عيونها وكأنها تحذرها التحدث بكلمة أو تتحداها لقول شيء
لا ...لا أدري لقد ...لقد كان المكان مظلما ولم أبصر شيئا كان جسدا يرتدي الاسود هو من ھجم علي مولاي وابرحني ضړبا ثم اختفى كالضباب وبعدها بثواني معدودة هجمت تلك الفتاة على غرفتي تجرني مجبرة إياي على المجئ هنا والاعتراف بما فعلت
صاحت زمرد بانتصار
ها رأيت أخبرتك أنا لم أمس منها شعرة واحدة حتى مولاي
ختمت حديثها ترفرف برموشها في شكل جعل دانيار يعتدل في وقفته وهو يضع يده أعلى فمه يكتم ضحكة كادت تفلت منه وهو يراقبها بإعجاب وفخر رغم عدم معرفته لما يحدث هنا لكنه فخور بها فخر الأب بصغاره وهو يراها تقترف المصېبة وتهرب من العقاپ .
صدح صوت إيفان في القاعة يتجاوز عن تلك النقطة رغم شكه الكبير أن تلك الفتاة هي المتسببة فيما يحدث
إذن هل ما قالته العاملة صحيح ! أنت من دسستي الخاتم في ثيابها لأجل توريط الفتاة !
انتفض جسد كهرمان لثواني انتفاضة لطيفة بعد سماعها له يخصها بالحديث وكأنها خشيت أن يكتشف شيئا من مجرد الإشارة لها رفعت عيونها له تحدق به من خلف غطاء وجهها بأعين مراقبة لكل لفتة تصدر منه رجل ملئ بالهيئة والذكاء هو كتلة متنقلة من كل الصفات التي تجذب أي امرأة صوبه .
بكت الفتاة حين تذكرت همس زمرد لها پالقتل أقسمت لها أنها ستقتلها إن كذبت بكلمة واحدة ولن يستطيع أحد حمايتها ولو عادت لرحم والدها فستخرجها بيدها وتتخلص منها بنفسها لذا دون شعور تحدثت بما حدث فعقاپ للملك سيكون أخف من تلك المختلة .
وهاجس صغير وسوس لها الاحتماء بالملك منها لكن نظرات زمرد لها ارعبتها وبحق .
وزمرد تلك المسكينة التي لم تكن تتحدث بصدق فهي بالطبع لن ټقتلها لكن يبدو أن نبرتها وملامحها كانوا مقنعين وبشدة للفتاة .
أفاقت زمرد من شرودها على صوت برلنت
اقسم أنني لم أرفع اصبعا على شيء لا يخصني مولاي وهذه الفتاة هي من أوقعت بي
كانت تتحدث وهي تشير صوب الفتاة المتهمة غير واعية بنظرات تميم الذي لم ينزع عيونه عنها منذ سمع باسمها هل ...هل يعقل أنها هي نفسها برلنت خاصته برلنت الحبيبة هل هي نفسها من جاب الأرض من شرقها لغربها فقط ليبحث عنها ليكتشف الآن أنها تقبع أسفل القصر الذي يسكن به .
شعر بقلبه يرتجف لتلك الفكرة ياالله هل تكون هي ويرتاح أخيرا لكن إن كانت هي كيف لم تتعرف عليه وهو رآها مرات قليلة لكن مظهرها لا ...صمت عن تلك الأفكار وهو يسمع صوت الملك ېصرخ بصوت جهوري
تلك الألاعيب لا تمارس في مملكتي وبالطبع ليس في قصري ولأنه خطأك الأول فسأكون رحيما بك واكتفي بنفيك خارج أسوار قصري اذهبي وابحثي عن رزقك في مكان آخر يا امرأة
ماذا هل سيبعدها هو لم يتأكد بعد إن كانت برلنت نفسها أو لا لا لن يسمح للملك بأبعادها قبل أن يتأكد انتفض تميم وهو يفتح فمه ليعترض لكن فجأة توقف حين سمع بكاء الفتاة وهي تتوسل الملك بالسماح قبل أن تسحبها العاملات للخارج .
حرك عيونه صوب برلنت التي كانت تقف مرفوعة الرأس تسمع حديث الملك لها
ولأن ظلما نالك داخل قصري وقضيتي ليلة داخل جدران سجني دون ذنب وتعويضا عن كل ذلك سوف امنحك خمسة أيام من
الراحة ومبلغا ماليا ولك كامل الحرية بالخروج من القصر في أيام العمل ولمدة شهر كامل
ختم حديثه يهبط عن عرشه مستأذنا من الجميع يتحرك خارج القاعة بكل هدوء كي يتفقد الجيش المتحرك لمشكى بينما تميم ظلت أعينه معلقة بها يبحث فيها عن رائحة من عزيزته بيرلي لكن لا شيء ..
تحرك خلف الملك بهدوء شديد وقد أخذ وعدا على نفسه بمعرفة كل ما يخص تلك الفتاة فلا يعقل أن يتشابها باسم هو اختاره بنفسه مميزا نادرا لأجل صغيرته .
ولحق بهم دانيار الذي ابتسم لزمرد حينما التقت عيونه بخاصتها التي تظهر من اللثام غمز لها غمزة صغيرة ثم تحرك خلف الملك وتميم وهي ظلت تنظر لاثره پصدمة كبيرة تحاول معرفة ما يقصد من تلك الغمزة .
___________________
هؤلاء أعداء الله استحلوا دماء إخوانكم مرات ومرات قتلوا منهم الكثيرين وعذبوا فيهم الباقيين وإن اعطاكم الله قوة عجزتم عن مساعدتهم بها فالعاړ لكم ما حييتم والخزي مصيركم ومصير ابنائكم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
صمت سالار يحرك عيونه بين رجاله يرى وجوه بلا ملامح أو تعبيرات فقط جمود وسواد غطى الوجوه وكأن كلماته لهم تخترق افئدتهم ويخزنوها داخلهم لتشحنهم بطاقة تنتظر يوم ټنفجر في وجوههم .
نحن لم نكن يوما دعاة حرب ولا متفاخرين بقوتنا ولم ننتصر يوما سوى بتوفيق من الله والآن نحن لسنا ذاهبون لحرب ليس الآن لم تقرع طبول الحړب بعد لكن إن اضطررنا لها فنحن أهل بها سوف نسير خلف قوافل المملكة ونحميها حتى تصل لشعب مشكى إن اعترضت حشرة طريقكم ادهسوها أسفل اقدامكم فهمتم
ارتفعت صيحات الجميع بصوت واحد
فهمنا سيدي
ابتسم لهم سالار بسمة صغيرة يهز رأسه هزة خفيفة يستدير خلفه ليرى إن عاد دانيار مع الملك وتميم أم لا لكن ما حدث هو أنه رآها تقف على بعد صغير منهم تراقبه بأعين غريبة جعلته يرفع حاجبه وهي فقط ابتسمت له بسمة صغيرة خفيفة تهز رأسها له في تحية صامتة وسالار رفع حاجبه بتعجب شديد .
لكنه وبعد ثواني لم يملك سوى أن وضع يده على قلبه يميل بعض الشيء برأسه وفي احترام شديد يؤدي تحيته للملكة ثم استقام يبتسم لها يهز رأسه له .
بينما عند تبارك والتي خرجت منذ الصباح صوب الحديقة حيث ابلغها العريف أنها ستكون مكان درسهم بعدما استبعد فكرة دخول تلك الفتاة لمكتبته أو أي إنسان حتى لمكتبته العزيزة .
خرجت تسير بملل وهي تنتظر حضوره قبل أن ينتفض جسدها لسماع صوت جهوري جعلها تهرع ظنا أن حربا أخرى ستندلع لكن ما رأته وسمعته جمدها بأرضها وهي ترى ما يحدث أمامها.
سالار يتقدم الجيش ويهتف بهم بكلمات جعلتها ترتجف وتتمنى فقط تتمنى بكل ذرة داخل قلبها أن يحصل عالمها على سالار خاص به ..
فجأة وجدته يستدير وهو يدور بنظراته حوله قبل أن تلتقي نظراتهما فلم تملك سوى أن تبتسم له بتقدير وهي تهز رأسها له باحترام وتحية ولصډمتها رأته ينحني بعض الشيء مؤديا لها تحية هزت جوانب قلبها وجعلت بسمة لا إرادية ترتسم على فمها
في رعاية الله وحفظه
أبصرت تبارك الملك يقترب بكامل هيبته من سالار وخلفه رجلين تعلم أنهما من رجال سالار راقبتهم من بعيد لا تسمع ما يقال بينهم وحين قررت أن تقترب أكثر بفضول تصنم جسدها في ارضها حين سمعت صوتا خلفها يقول
لطالما كان سالار محط أنظار الفتيات داخل القصر لكن يوما لم تتجرأ فتاة على النظر له علنا مخافة أن يزجرها هو بنظرة ترديها ارضا لكن ها هو يحدث