رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
بأنفذ على طول!
هز الجزار رأسه بإيماءة إيجابية وهو يردد بارتباك
آ... أوامرك يا سي دياب!
حدجت بسمة ذلك الفظ بازدراء كبير وهمست بغل
ماشي والله لأوريه بتاع الحمير ده!
ثم انحنت لتجمع أشيائها المبعثرة على الأرضية الإسفلتية وتحركت مبتعدة بخطوات غاضبة
تأكد دياب من دخول الجزار لمحله ثم الټفت برأسه للخلف ليبحث عن تلك المشاغبة لكنه
انتي يا أستاذة!
توقفت عن السير لتلتفت نحوه وردت عليه بإنزعاج
عاوز ايه
رمقها بنظرات حادة قبل أن يعاتبها بسخط
دي شكرا بتاعتك بعد ما منعته عنك
زمت شفتيها للجانب ليزداد عبوس وجهها ثم ردت عليه بامتعاض
أها قولتلي متشكرين كتر خيرك!
دقق دياب النظر في قسمات وجهها وأردف قائلا بدون سابق إنذار
ظلت بسمة متجهمة الوجه وهي تجيبه بضيق
ما هو انت متعرفنيش بس أنا عرفاك كويس يا ابن الحاج طه!
أثار ردها الغامض فضوله أكثر لمعرفة هويتها تحديدا خاصة أنه بات متأكدا من وجود صلة قرابة بينهما فتساءل بجدية
الجزار قال إنك بنت عواطف عواطف بنت خالة أبويا صح
ردت عليه بنبرة متأففة وحاجبيها مرتفعان للأعلى
ابتسم لنفسه بغرور بعد أن أصاب في تخمينه لها وردد بثقة
اها افتكرتك!
رمقته هي بنظرات قوية قبل أن تتركه وتتحرك مبتعدة عنه متجاهلة إياه عن عمد.
أزعجه تصرفها الفظ معه فسار إلى جوارها أولا ثم سبقها بخطوة ليسد عليها الطريق متسائلا بقوة
رايحة فين
أجابته بتهكم وهي تزفر في وجهه بنفاذ صبر من اعتراضه لطريقها
حدجها دياب بنظرات قوية مرددا بصوت جاد
استني الليلة خلاص اتلمت وأنا خدت منه كلمة إنه مايتعرضلكيش فمافيش داعي....
قاطعته قائلة بإصرار وقد ظهرت العصبية في نبرتها
أنا مش هاسيب حقي من الحيوان ده!
رد عليها دياب قائلا
هو اللي عملتيه قليل ده أنتي بعترتي بكرامته الأرض!
هتفت بعصبية وهي تنفخ پغضب
أيقن دياب أنه يتعامل مع شابة عنيدة متمسكة برأيها فأثناها عنه قائلا بجدية
طب ويصح تمشي وهدومك مقطعة كده
ثم أشار بعينيه نحو كتفها الأيسر الذي ظهر جزءا منه من أسفل كنزتها التي تمزقت بفعل التشاجر مع زوجة الجزار.
حاولت هي تغطية ذلك الجزء المتعري من كتفها بيدها فتابع هو قائلا بصوت آمر
اطلعي يا بنت عواطف عند أمك!
اسمي بسمة مش بنت عواطف
رفع كفيه أمام وجهها ليردد بجمود
تمام.. وصلت! اتوكلي على الله وارجعي بيتك!
زفرت بحدة أكبر واستدارت عائدة للخلف وهي تضع يدها على كتفها وتمتمت بكلمات غاضبة لكنها وصلت إلى مسامع دياب الذي دس كفيه في جيبي بنطاله
هو يوم باين من أوله! مهبب على دماغي ودماغ أهلي!
تقوس فمه بابتسامة باهتة وهو يراقبها تنصرف من أمامه ثم أخرج زفيرا عميقا من صدره وتحرك بخطوات واثقة نحو وكالة أبيه وهاتفا بصوت جهوري
يالا الكل على مصالحه المولد اتفض!
لمح دياب أخيه منذر وهو يسير بخطوات أكبر للركض نحوه صائحا بنبرة مشحونة
في ايه يا دياب العمال بلغوني إنك بتتخانق هنا و....
قاطعه دياب بهدوء وهو يقف قبالته
اطمن يا منذر حاجة هبلة كده وعدت!
ثم جاب بأنظاره سريعا على رجال أبيه الذين تجمعوا سريعا وهم يحملون في أيديهم العصي الغليظة وبعض الأدوات الحادة.
سأله
منذر بنبرة قاتمة وقد تحولت نظراته للإظلام
يعني مافيش عوأ ولا....
نفى أخيه الأصغر الأمر قائلا بتأكيد
لالالا.. أنا حلت المشكل!
هز منذر رأسه بتفهم وأشار بإصبعيه لرجاله الواقفين خلفه ليعاودوا أدراجهم وهتف بصوت خشن
ماشي يالا على الوكالة أبوك مستنينا هناك!
رد عليه دياب بنبرة عادية وهو يربت على ظهر أخيه
طيب بينا!
خرجت ولاء من المرحاض وهي تجفف شعرها المبتل بمنشفة قطنية ثم جلست على المقعد الصغير الموضوع أمام التسريحة لتبدأ في تمشيطه برفق.
أدار مازن جسده للجانب ليراقبها بنظرات راغبة أكثر فيها ثم نفث دخان سيجارته في الهواء دون أن ينبس بكلمة.
رأت هي انعكاس صورته المتطلعة لها بشھوانية في المرآة فابتسمت لنفسها بغرور وثقة.
التفتت نحوه برأسها وهتفت متسائلة
أجابها بفتور دون أن تتبدل ملامحه أو يحيد بنظراته عنها
والله أنا عاوز بس الرك عليكي إنتي!!
أثار رده حفيظتها فنهضت من مكانها ووقفت قبالتها لترمقه بنظرات حادة وهي توجه سؤالها الجاد إليه قائلة
قصدك ايه!
اعتدل في نومته وسحب بيده الوسادة ليضعها خلف ظهره ثم نظر لها بنظرات ذات مغزى وأجابها بنبرة غامضة
أنا لو قولت مافيش ضرر عليا!
ضاقت نظراتها نحوه وكتفت ساعديها أمام صدرها وكانت على وشك الرد عليه لكنه بادر فهمت مقصده فتبدلت تعابير للإنزعاج وأرخت ساعديها بضيق كبير.
جلست على طرف الفراش إلى جواره وزفرت بغيظ وهي تهتف من بين شفتيها
أوف يادي يحيى اللي معجزني ومكتف ايدي!
نفخ في وجهها دخان سيجارته ورد بنبرة متحدية وقد تجمدت نظراته عليها
أحب ما على قلبي يا ولاء إني أقف في وش طليقك وأقوله إني اتجوزتك وبقيتي مراتي!
نظرت له بجدية بينما تابع هو بحذر
بس أنا عارفه مچنون هايخسرك كل حاجة وهيدفعك الدين القديم والجديد ومش بعيد يموتك!
تملكتها العصبية وصاحت بنبرة أقرب للصړاخ
مازن خلاص قفل على سترته بټعصبني!
رد عليها بنبرة عقلانية من وجهة نظره وهو يطفيء العقب الأخير في سيجارته
ماهو كل مرة بنتكلم فيها عن اعلان جوازنا بنوصل لنفس الطريق المسدود ده فخلينا كده أحسن لحد ما أخلص منه خالص!
نهضت من على الفراش واتجهت نحو خزانة الملابس لتنتقي لنفسها ثوبا ملائما ولكنها التفتت فجأة للخلف لتضيف بغموض
صحيح الكلام اللي سمعته
انتبه لجملتها وسألها باهتمام وقد انعقد ما بين حاجبيه
انهو كلام
أجابته بنبرة جادة ونظراتها القوية مسلطة عليها
انت هتدخل معاه شريك
لوى ثغره للجانب ونفخ بصوت مسموع ثم أجابها بتنهيدة محتقنة
على عيني والله بس أبويا اللي عاوز كده!
هزت رأسها متفهمة وسألته بفضول
أها ولازمتها ايه الشراكة دي
أجابها بصوت قاتم وقد حدق في الفراغ أمامه
مفكر إنه بكده بيهدي اللعب بينا ميعرفش إنها والعة وعلى أخرها !
مطت فمها للجانب وأضافت قائلة بضجر
مممم.. وانت طبعا مضطر تكون معاهم!
هز رأسه بإيماءة هادئة وهو يجيبها بنبرة غامضة وغير مريحة على الإطلاق
ايوه يمكن تكون دي السكة اللي أحط فيها ايدي على كل حاجة وأخد بحق مجد أخويا المسجون!
وقفت عواطف أمام حوض الغسيل لتكمل تنظيف الصحون المتسخة وهتفت بإحباط
يا مراري اللي مابينتهيش!
هدهدت ابنتها نيرمين رضيعتها التي تحملها بين ذراعيها لتغفو وردت عليها بحنق
كفاية بقى يا ماما أنا مش ناقصة تنكيت فيا اللي مكفيني!
تابعت عواطف عويلها قائلة بحزن
آه ياني اتخرب البيت واحنا لا حول لينا ولا قوة
ردت عليها نيرمين بعصبية وقد استشاطت نظراتها
هو وأهله كانوا عاوزين ېخربوه من الأول وماسكتشوا إلا لما عملوا ده!
أضافت والدتها قائلة بجدية وهي تحاول التفكير بعقلانية
احنا عاوزين نشوفلنا صرفة في
حاجتك مش هانسيبهالهم ولازم نربيه!
ردت عليها نيرمين بحزم
هايحصل أنا كلمت واحدة صاحبتي تشوفلي محامي شاطر وربنا يسهل!
سألتها عواطف بجدية وهي تغلق الصنبور
القايمة موجودة معاكي صح
أومأت برأسها إيجابا مرددة بثقة
ايوه خدتها
تابعت والدتها قائلة بنبرة عازمة
كويس نديها للمحامي ويصطفل مع العالم دول!
ثم تنهدت بعمق لتضيف بتضرع
كملها بالستر معانا يا رب !
استمعت كلتاهما إلى صوت غلق باب المنزل فخرجتا سويا من المطبخ ليريا من بالصالة.
تفاجأت الاثنتان بوجود بسمة وهي