رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
في حالة غير مهندمة.
تساءلت عواطف بتوجس قليل وهي تدقق النظر في ابنتها
ايه اللي رجعك يا بسمة
أجابتها الأخيرة بصوت مغتاظ وهي تلقي بحقيبتها على الأريكة القريبة
كنت بتخانق تحت مع الزفت الجزار!
لطمت عواطف على صدرها شاهقة بفزع
يا نصيبتي تاني! ايه اللي حصل
أجابتها بصوت محتد وهي تغطي كتفها
اتعرضلي وكان عاوز يجيب رقبتي بالساطور
يا لهوي!!!!
تابعت بسمة حديثها قائلة بامتعاض
بس ابن الحاج طه اتدخل ومنعه!
تنهدت عواطف بإرتياح لوجود أحدهما في المنطقة وقت حدوث المشاجرة وتدخله لإنقاذها قبل أن يتطور الوضع للأسوأ..
وبالطبع الفضول تملك نيرمين لمعرفة هويته تحديدا فتساءلت باهتمام
مين فيهم منذر ولا دياب
هتفرق يعني معاكي يا نيرمين!
ردت عليها بنبرة مستاءة تحمل السخط
لأ بس الواحد لما بيشوف الرجالة اللي زيهم بتصعب عليه نفسه!
هتفت والدتهما بنبرة شاكرة
الف حمد وشكر ليك يا رب دايما ساترنا!
هتفت بسمة بنبرة عدائية وهي تشير بيدها
والله لو كان سابني عليه كنت خلصت عليه!
ڼهرتها والدتها على تصرفاتها المتهورة قائلة بتبرم
نفخت بسمة بصوت مسموع ولم تعقب عليها فهي تعلم أن الحديث معها لن يجدي بأي حال..
نظرت نيرمين لأختها شزرا وتمتمت قائلة بفتور
الكلام مع بنتك مش هيأثر هي بتعمل اللي في دماغها وبس
رمقتها بسمة بنظرات ساخطة ثم هتفت من بين أسنانها بتأفف
أنا داخلة أغير هدومي خلوني ألحق أروح الدرس بدل ما اليوم يضيع هدر!
أسند طه أريجلته على الجانب بعد أن فرغ منها ثم حدق في الأوراق الموضوعة أمامه على سطح المكتب ليحصر الطلبات الأخيرة الخاصة بالعملاء ولكنه رفع بصره للأعلى حينما سمع صوتا مألوفا يناديه بود
سلامو عليكم!
ابتسم طه ابتسامة عريضة وهتف مرحبا وهو ينهض لمصافحة مهدي
يا مرحب بالحاج مهدي الوكالة نورت !
أهلا بيك يا حاج طه قولت أعدي واسأل بدل ما أنتو مقللين الزيارات عندي
أجابه طه بنبرة مرهقة
مشغوليات يا مهدي أديك شايف السوق وطلباته اللي مابتخلصش!
هز مهدي رأسه متفهما وهو يقول
الله يكون في العون!
سأله طه بجدية وهو يشير بيده لأحد عماله
رفع مهدي كفه للأعلى قائلا بإعتراض
مالوش لزوم
احتج طه على رفضه للقيام بواجب الضيافة معه مبررا
ودي تيجي بردك ده انت ضيفي أنا هاطلب أكل وشاي نحسب بعدها
أصر مهدي على رأيه قائلا
والله ما له أي لازمة أنا واكل وكله تمام والحمدلله
في نفس التوقيت ولج منذر إلى داخل الوكالة متحدثا في هاتفه المحمول بكلمات مقتضبة وغامضة
خلاص تمام على قديمه ولو في حاجة اطلب عليا! سلام!
أنهى المكالمة مع المتصل ثم اقترب من الحاج مهدي ليصافحه قائلا بصوت جاد
سلامو عليكم ازيك يا حاج مهدي منورنا!
رد عليه مهدي بابتسامة مصطنعة
وعليكم السلام يا منذر يا بني
الټفت منذر ناحية أبيه وهتف بجدية وهو يوميء بعينيه
بأقولك يا حاج دياب راح المخازن يحمل بضاعة ويسلمها وهيرجع على الفجر كده!
رد عليه طه بهدوء
اها
ربنا معاه ويعينه
ثم استدار ناحية مهدي وجلس في مواجهته وباشر حديثه مرددا
شرفتنا يا حاج مهدي الوكالة بتاعتك انت مش غريب فاعذرني لو مشغول عنك شوية!
رد عليه مهدي بتفهم
الله يكرمك ابن أصول!
هتف الحاج طه متسائلا بنبرة عادية
ها قولي ايه الأخبار معاك
سلط مهدي أنظاره عليه ورد عليه بنبرة غامضة
ده أنا اللي جاي استفسر عن الجديد عندكم يا حاج طه
تبادل طه مع ابنه البكري نظرات حائرة فأكمل مهدي موضحا بجدية
قصدي عن المطعم!
رد عليه طه بهدوء وهو ممتعض الوجه بسبب استشعاره لوجود شكوك ما في نفسه
احنا شغالين فيه!
اكفهرت تعابير وجه منذر بعد أن لاحظ الضيق
الظاهر على وجه أبيه واستطرد حديثه قائلا بنبرة شبه حادة ومشيرا بكفه
اعذرني يا حاج لو هاقطعك!
رد عليه أباه قائلا بتنهيدة متعبة وهو يضرب بعكازه الأرضية
خد راحتك يا منذر!
سلط منذر أنظاره القوية على ضيفه وهتف قائلا بجمود
شوف يا حاج مهدي احنا عند اتفقنا وبدأنا في التوضيب والتوسعات بس في كام حاجة معطلة الموضوع شوية ومأخراه!
ضاقت نظرات مهدي وسأله بتوجس قليل
مش فاهم ده معناته ايه
مد طه يده ليربت برفق على فخذ مهدي قائلا بابتسامة باهتة
كل خير اطمن!
أوضح منذر حديثه المقتضب هاتفا بضيق قليل
الحكاية باختصار إن في دكان في نص المحلات اللي بنفتحها على بعض مش بتعنا احنا هنشتريه من أصحابه ومستنين يوقعوا ورق البيع ونبتدي على طول!
حرك مهدي رأسه متفهما
تمام إن كان كده يبقى على بركة الله!
رد عليه طه بزفير عميق
ربنا كريم!
هب مهدي واقفا من مقعده بعد أن اطمأن على سير الأمور وفق ما يريد وتشدق قائلا
طيب هستأذن أنا!
نهض طه هو الأخر من على المقعد مرددا بعتاب مجامل
ما بدري هو انت لحقت تاخد قهوتك ولا.....
قاطعه مهدي بصوت هاديء
وقت تاني أنا قولت أعرف الجديد عندكم والحمدلله اطمنت!
أومأ طه برأسه متفهما وهو يقول
ماشي
ودعهما مهدي قائلا بابتسامة ودودة
فوتكوا بعافية سلامو عليكم!
رد عليه منذر بصوت قاتم وهو يتابعه بنظرات حادة للغاية
وعليكم السلام!
ثم الټفت برأسه نحو أبيه لتزداد نظراته عمقا وتابع بنبرة مرتابة
زيارته دي مش مريحاني!
رد عليه طه بهدوء هو يعاود الجلوس على مقعده
عاوز يطمن يا بني ما انت عارف!
انزعج منذر من أسلوبه المشكك وصاح بضيق واضح
هو كان كلام عيال!
رد عليه أباه بهدوء محاولا امتصاص نوبة غضبه قبل أن تندلع
لأ بس ابنه مش راجل في كلامه!
هتف منذر قائلا بنبرة متوعدة وقد ضاقت نظراته بصورة مخيفة
والله اللي حايشني عنه هو انت يا حاج!
ربت والده على كتفه قائلا بنبرة متريثة
ده مش من قيمتك يا بني ركز انت بس في شغلك
ضغط منذر على شفتيه ليردد بصعوبة
ماشي! هاركز!!!!!!
أوصدت حنان الخزنة المعدنية القديمة الموجودة بالرف السفلي بخزانة ثيابها الخشبية بعد أن وضعت عدة ملفات وأوراق على حجرها.
تراجعت بمقعدها المتحرك للخلف ثم أغلقت ضلفتي الخزانة واستدارت نحو فراشها.
بدأت هي في مطالعة محتوى الملفات أولا باحثة عن شيء محدد ألا وهو صك ملكية الدكان
لم تجده وسطهم فتنهدت بإستياء واكتسى وجهها بعلامات الضجر.
ولكن استرعى انتباهها ذلك المغلف القديم الموضوع وسط الأوراق.
أمسكته بأطراف أناملها وتأملته وهي تديره بأصابعها للجانبين محاولة اكتشاف مابه. ولكنه كان خاليا من أي معلومات تشير إلى محتواه.
وبحذر شديد قامت بفتحه لتخرج ورقة مطوية بعناية.
حدقت فيها بإستغراب ثم قامت بفردها لتقرأ بصوت شبه مسموع ما دون أعلاها
عقد بيع
خفق قلبها إلى حد ما وابتلعت ريقها بتوتر ثم تابعت قراءة ما كتب فيها بتأن شديد.
اتسعت حدقتيها مع كل كلمة تقع عيناها عليها وارتسمت علامات الذهول الممزوجة بالصدمة على قسمات وجهها المرهق.
تسارعت
أنفاسها وهي تردد بنبرة مصډومة متلعثمة
أتنازل عن حصتي المملوكة في ميراث أبي بدكان عطارته لابنتي أسيف بيعا وشراءا
هزت حنان رأسها مستنكرة ما فعله زوجها ورددت بقلق كبير
ليه عملت كده يا رياض ليه.!!!
يتبع الفصل التالي
الفصل السابع
احتارت كثيرا في سبب إقدامه على فعل هذا دون إبلاغها بالأمر أو حتى التلميح عنه.
ربما هو أراد حمايتها بتلك الطريقة وإعطائها ما تستحق دون الدخول في مشاحنات أو ما شابه لكنها باتت تخاف أكثر من تحول الأمر للعكس.
دراية تامة بشراسة طباعهم ونواياهم الدنيئة وقد كانت هي إحدى ضحاياهم قديما