الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم

انت في الصفحة 50 من 77 صفحات

موقع أيام نيوز

في جيبه وأخر حفنة من النقود وطواها في راحته ثم قربها بحذر من كف الرجل وأعطاه ما بها عنوة وهو يرد بخفوت
معلش!
أخفض الرجل نظراته نحو كفه وادعى عدم إهتمامه بما يفعله قائلا بإعتراض
مش مسموح يا حضرت تبقوا....
قاطعه منذر بنبرة ذات مغزى وهو يغمز له
احنا عاوزين نشوف أمها قبل ما ټدفن و...
أصر الرجل على رفضه مقاطعا بتأفف
لالالا كده أنا هاقع في مشكلة يا حضرت!
تابعتهما أسيف بنظرات حائرة هي لم تفهم بعد ما الذي تفعله هنا في ذلك المكان البارد. وجابت بعينيها حوائطه بنظرات سريعة خاطفة.
التقط منذر كف الرجل بأصابعه ودس فيهم النقود قائلا بلؤم
كل مشكلة وليها حل!
قبض الرجل على النقود وخبأها في جيب معطفه المتهدل قائلا بإحتجاج زائف
بس.....
غمز لها منذر بنظرات ذات مغزى وهو يهمس بإلحاح
ده معروف هتاخد فيها ثواب!
ابتلع الرجل ريقه قائلا بتوجس
طب بسرعة الله يكرمك أنا مش ناقص مشاكل!
التوى ثغر منذر بابتسامة عابثة وهو يقول
على طول دقيقتين!
عاد منذر إلى أسيف ودفعها للأمام دون أن ينبس بكلمة.
سألته برجفة واضحة في نبرتها
هو.. هو انت واخدني على فين
أجابها بغموض
مش عاوزة تشوفي أمك
سألته بتوجس وقد تسارعت دقات قلبها
هي بتعمل ايه هنا
وقف أمام اللافتة وأشار بعينيه الحادتين نحوها قائلا بجمود
أمك موجودة هنا!
شحب وجهها بشدة واتسعت عيناها مصډومة وهي تهتف بصړاخ
لأ!
عفويا وضع منذر قبضته على فم أسيف ليكتم صراختها ولف يده الأخرى خلف رأسها.
توجس الرجل خيفة من افتضاح أمره واكتشاف سماحه لبعض الغرباء بالولوج إلى داخل المشرحة دون تصريح رسمي فهتف مستنكرا
شششش ايه يا جدع انت كده هتفضحنا
ظل منذر مكمما لفم أسيف ولم يتركها والټفت فقط برأسه نحو الرجل قائلا بامتعاض خاڤت
لا مؤاخذة!
حاولت أسيف ابعاد قبضته عن فمها لكنه فشلت وتحركت مجبرة معه نحو الداخل.
أغلق الرجل الباب خلفهما وبقي بالخارج ليراقب الطريق.
تنفست أسيف بصعوبة وتعلقت أبصارها المړعوپة بوجه منذر.
أردف هو قائلا بتحذير
هاشيل ايدي ومش هاتصوتي سامعة
هزت رأسها بالإيجاب ممتثلة لأمره فأزاح يده ببطء عنها.
هتفت فيه فجأة بصوت منفعل وهي تتراجع للخلف مبتعدة عنه
انت كداب!!!!
رد عليها بجمود وهو يتحرك صوبها بخطى ثابتة
ماشي أنا كداب تعالي وصدقي بعينيكي!
جذبها من ذراعها نحو أحد الأسرة ليقرأ ما دون على طرفها من أسماء تخص جثامين المتوفين.
كانت ترتجف بشدة ورغم ذلك صمدت واستجمعت شجاعتها حتى تصل للحقيقة.
كانت على يقين تام أنه كاذب
وأن والدتها بخير وستتماثل للشفاء.
لكن تلاشى كل شيء فجأة حينما أوقفها أمام الفراش المنزوي.
حدقت بأعين متجمدة في تلك الورقة البيضاء المكتوب عليها بالقلم الحبري المرحومة حنان
اهتزت نظراتها وقفز قلبها في قدميها من أثر الصدمة.
أوشكت على الإنهيار لكن ما مرت به لا يقارن بتلك اللحظة القاسېة التي كشف فيها منذر عن وجه أمها المټوفية.
هتف بنبرة خالية من الحياة وهو يشير إليها
هي دي أمك
خفق قلبها بقوة أكبر وتجمدت أنظارها على وجهها الأزرق.
شخصت أبصارها هلعا وارتفع حاجباها للأعلى بړعب كبير.
جف حلقها تماما وتجمدت الكلمات على شفتيها فعجزت عن النطق.
إنها حقا والدتها لكنها في وضع غريب ومريب.
جرجرت ساقيها لتقترب أكثر منها.
رأى منذر في نظراتها وتعابير وجهها المخيف أثر الحقيقة المريرة عليها.
هو ندم على تلك الخطوة الجريئة لكنها كانت بالنسبة له الخط الفاصل بين الواقع والجنون.
مدت أسيف كفها المرتعش نحو جسد والدتها المسجي على الفراش لتتلمسه وترقرقت العبرات بمقلتيها وهي تهمس لها بصوت هامس متقطع مصډوم
م..ماما!
لم تجبها ولم تتحرك على إثر لمساتها الرقيقة المعتادة.
كانت باردة للغاية صامتة خالية من الحياة.
زاد نهجان صدرها. وتسابقت نبضات قلبها حتى كادت تصم أذنيها من فرط سرعتها.
بكت بغزارة غير مسبوقة وهزت رأسها للجانبين بإيماءات متتالية مستنكرة قساوة الحياة معها.
اضطربت أنفاسها بجموح وهي تحاول إخراج تلك الشهقة الصاړخة بآلم والتي تحمل الكثير من أعماق فؤادها المفجوع
لأ ماما.!!!!!!
أطفأت عواطف الإنارة بغرفة ابنتها بسمة بعد أن غفت على فراشها. رمقتها بنظرات أخيرة قبل أن تلج للخارج وتغلق الباب خلفها بهدوء حذر.
سألتها نيرمين بنبرة عادية وهي تجمع صحون الطعام المتسخة
نامت
أجابتها عواطف بإيماءة واضحة من رأسها
اه يا حبة عيني زي ما تكون بقالها سنة ماشافتش طعم النوم
أضافت نيرمين قائلة بجدية
ده أحسنلها عشان جسمها يفوق من تاني
وافقتها عواطف الرأي وتابعت قائلة بصوت جاد
بدي أروح أشوف بنت أخويا هي كمان وأطمن عليها!
رمقتها نيرمين بنظرات شبه حادة وردت بامتعاض
ما هي في المستشفى وحواليها دكاترة أد كده هايكون ناقصها ايه!
انزعجت عواطف من ردها القاسې واحتجت قائلة بعتاب
مايصحش يا نيرمين أنا مقصرة جامد في حقها وحتى ډفنة أمها مش عارفين هاتعمل فيها ايه لحد دلوقتي!
تقوس فم نيرمين للجانب لتضيف بتهكم
يا ماما عادي هي مش أول واحدة يموتلها حد! وبعدين احنا منعرفهاش أد كده
أغاظها ذلك الجحود البادي عليها فصاحت معنفة إياها
انتي عاوزة تركبينا الغلط يعني ايه منعرفهاش دي بنت أخويا الله يرحمه
حاولت نيرمين أن تتدارك الموقف قبل أن تثور عليها والدتها فقد أخطأت في عبارتها الأخيرة وهتفت مصححة
مقصدش بس احنا برضوه عندنا مشاكلنا وزيادة!
ثم دنت منها لتضيف بنبرة ذات مغزى
ده غير انها مش في وعيها يعني مروحتك ليها لا هتقدم ولا هتأخر !
نكست عواطف رأسها قائلة بخزي
قلبي مش جايبني أسيبها لوحدها!
وضعت نيرمين يديها على كتفي أمها وضغطت عليهما قليلا وهي تقول بمكر
هي مش لوحدها ما أنا قولتلك من شوية هي معاها دكاترة وممرضين وناس فاهمة شغلها كويس ده غير انها أعدة في مستشفى وفي مواعيد للزيارة يعني ممكن ميرضوش يخلوكي تشوفيها!
ارتفع حاجب عواطف للأعلى في استغراب واضح وهتفت متعجبة
هما ممكن يعملوا كده
حركت نيرمين رأسها بالإيجاب بتضيف بثقة
اه طبعا
أخرجت عواطف من صدرها تنهيدة مزعوجة وهي تقول
لا حول ولا قوة إلا بالله!
ابتسمت نيرمين لنفسها بغرور لنجاحها بدون أي مجهود في إثناء والدتها عن القيام بتلك الزيارة الغير مجدية وتابعت بحذر
شوفي انتي بس بنتك العيانة دلوقتي واحنا أخر النهار هنعدي نبص عليها!
ردت عليها مستسلمة بيأس
أمري لله
.......................................
هاتف الحاج فتحي أغلب كبار قريتهم ليتأكد من حضورهم إليه في أقرب وقت لمساندته واستعادة ابنه الغالي كما يدعي.
عاود الاتصال به الحاج اسماعيل ليعرف التطورات منه فأبلغه الأخير قائلا بعناد
أنا خلاص كبرت في دماغي ويانا يا الواد ده! البت هترجع معايا غصبن عنهم كلهم
رد عليه الحاج اسماعيل بنبرة متريثة هادئة
عندك حق يا حاج فتحي واحنا كلنا معاك!
تابع الحاج فتحي مرددا بنبرة مكفهرة
أنا هاحجز في لوكاندة قريبة وهابلغك بمكانها عشان تيجولي على هناك بس بلاش تتأخروا عليا عاوز أنهي الليلة دي النهاردة
رد عليه بجدية
أني ظبطت الماكروباصات وشوية وهتحمل بالرجالة وهتلاقينا عندك
على بركة الله ماتحرمش!
قالها الحاج فتحي بنبرة قاتمة توحي بشړ مستطر منهيا مكالمته معه.
........................................
استمعت الحاجة جليلة إلى دقات عڼيفة على باب منزلها حتى شعرت أنها ستخلعه.
انتفضت في مكانها وتركت ما بيدها لتسرع في خطواتها تجاهه لتفتحه وهي تصيح بقلق
أيوه يا اللي بتخبط! هي الدنيا اتهدت!
أدارت المقبض وأطلت برأسها لترى الطارق فشهقت مصډومة وهي تضع يدها على فمها.
صاح بها منذر بصوت منزعج وهو يشير برأسها
افتحي الباب يا حاجة جليلة وإديني سكة
زادت صډمتها المتفاجئة حينما دققت النظر فيه و رأته حاملا فتاة ما غريبة غائبة عن الوعي بين ذراعيه.
أفاقت من ذهولها على
49  50  51 

انت في الصفحة 50 من 77 صفحات