الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية ظنها دمية بين اصابعه (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم سهام صادق

انت في الصفحة 19 من 28 صفحات

موقع أيام نيوز


وقد انتهت للتو من عملها في تقوير الخضار.
كادت أن تنهض من المقعد لكن دلوف عايدة جعلها تقف منحنية الجسد وسرعان ما انتصبت في وقفتها پذعر وهي تستمع لما تخبرها به عايدة.
_عزيز بيه رجع من السفر.
الټفت ليلى حولها في فزع وقد تعجبت عايدة من أمرها وسرعان ما خرجت صوت ضحكاتها عندما علمت سبب ذعرها.
_ يا بنتي عزيز بيه إيه اللي هيدخله المطبخ مټخافيش.

أطبقت ليلى جفنيها لعلها تستطيع إلتقاط أنفاسها فماذا كان سيحدث إذا دخل المطبخ.
رفعت يديها نحو حجابها لتطمئن ثم ألقت بنظرة سريعة نحو حبات الخضار.
_ أنا خلصت تقرير البتنجان هرجع البيت أشوف إيه اللي ناقص اعمله.
أسرعت بخطواتها لتغادر المطبخ ولكن تراجعت بخطواتها للوراء عندما اصطدمت بالعم سعيد.
_ معلش يا عم سعيد مأخدتش بالي.
غادرت ليلى المطبخ في عجالة وقد ارتفعت ضحكات عايدة ثم لطمت كفوفها معا.
_ مالها ليلى يا عايدة
هزت عايدة رأسها له ثم اقتربت منه لتلتقط عنه ما يحمله.
_ يا سيدي أول ما عرفت إن عزيز بيه وصل من السفر اټفزعت.
قطب العم سعيد حاجبيه في دهشة وقد استطردت عايدة كلامها.
_ أصلها افتكرت إنه ممكن يدخل المطبخ... وأنت عارف ليلى بتتكسف إزاي.
ابتسم العم سعيد عندما علم السبب وقال وهو يغسل يديه أسفل الصنبور.
_ والله البنت ديه جوهرة يا عايدة محظوظ اللي هيفوز بيها.
أنا هطلع أشوف عزيز بيه... واعتب عليه إزاي يقول لجوزك ميعاد وصوله وأنا لاء.
ضحكت عايدة على عبوسه فشقيقها كلما تقدم بالعمر أصبح كالأطفال في تذمرهم.
نظر عزيز نحو حقيبة سفره التي ألقاها عند دلوفه غرفته.
إنه منذ صعوده لغرفته يدور حول نفسه بدون هواده...
لا يستوعب أنه وقف كالمراهق متلصصا محدقا في فتاة تقارب ابنة شقيقه بالعمر.
زفر أنفاسه بقوة فصورتها وهي ترفع ذراعيها من أجل لملمت خصلات شعرها وعقده طبعت في عقله...
شعرها ذو اللون المميز لكن هل شعرها فقط ما رأه اليوم
عادت صورتها تطرق رأسه ولوهلة ارتسم المشهد أمام عينيه.
عنقها المرمري الطويل الذي تناثرت عليه مجموعه من الشامات وشعر أحمر لم يرى لونه من قبل.
أغمض عيناه بقوة لعله يطرد ما طبعه الشيطان في ذاكرته...
طرقات العم سعيد على باب غرفته ثم دلوفه بعدما أذن له بالدخول وحدها ما خلصته من أفكاره.
_ حمدلله على السلامة يا عزيز بيه.
_ الله يسلمك يا عم سعيد.
قالها عزيز بعدما تنحنح بصوت أجش وقد ظهر الإرهاق على ملامحه بوضوح.
_ الست نيرة عامله إيه دلوقتي يا بيه.
ابتسم عزيز بعدما استدار كليا ناحيته وقد تمكن أخيرا من السيطرة على خلجات وجهه.
_ بخير يا راجل يا طيب وبتسلم عليك.
كاد أن يثرثر العم سعيد كعادته لكنه تراجع عن مواصلة كلامه عندما وجد عزيز يخلع سترته ويلقي بها على فراشه.
_ أنا محتاج أنام ساعات كتير...ياريت يا عم سعيد متصحنيش حتى لو طولت في النوم.
_ امتى يا بني هتعرف إن لبدنك عليك حق.
قالها العم سعيد بشفقة على حال سيده الصغير الذي لا يرحم نفسه من العمل ولا يفكر بحاله وبحاجته للراحة وزوجة تهون عليه أعباء الحياة.
أراد العم سعيد أن يعيد عليه ذكر أمر الزواج لكنه ابتلع كلامه عندما وجده
يتحرك نحو المرحاض قائلا.
_ زي ما قولتلك يا عم سعيد مهما حصل متصحنيش حتى لو عشان الأكل.
أكد على كلماته الأخيرة فهو أكثر من يعلم هذا الرجل الذي لا يتوانى في رعايته.
....
احتل التجهم ملامح شاكر بعدما فرغ من كلامه فهو حتى هذه اللحظة لا يصدق أن نائل رفض طلب زواج حفيده من حفيدته.
_ أنت زعلان من ردة فعله يا شاكر ومفكرتش في كلامك قبل ما تقوله.
زفر شاكر أنفاسه بقوة متذكرا لحظة نهوض نائل من مقعده ورده عليه.
نائل طرده من منزله بكل
تهذيب لكن في النهاية يسمى طرد.
_ ما أنت اللي قولتلي إنه خاېف على البنت من ولاده ده جزاتي إني فكرت ف كده... حفيدي أي عيلة تتمنى تصاهره يا نجيب.
قالها شاكر بعجرفة لعله يداري قليلا من حرجه.
_ فعلا صالح أي عيلة تتمناه يا شاكر لكن أنت اختارت الوقت الغلط... يعني نائل مستني منك تقوله إنك وظفت حفيدته عندك تقوم تقوله عايزها تتجوز حفيدك..
نظر له شاكر ثم أشاح عيناه عنه متأففا بضيق.
_ خلاص يا نجيب ! أنا عارف إني اتسرعت قولي دلوقتي أعمل إيه مع نائل.
أطلق نجيب زفيرا طويلا ثم أطرق رأسه مفكرا في حل هذا الخلاف بين صديقيه.
_ مع الوقت نائل هينسى.
_ بس أنا عايز البنت عروسه ل حفيدي.
أسرع شاكر بالإفصاح عن رغبته بإتمام هذا الزواج.
فرمقه نجيب بنظرة يائسة.
_ ما أنت اللي اتسرعت يا شاكر... لو كنت وظفت البنت الأول في شركتك كانت الحكاية هتكون معقوله لو قولت إن صالح شاف البنت وعجبته وكان ممكن نائل يرحب بطلبك لكن عرضك ده أكدله إن زياراتك ليه الأيام اللي فاتت كان وراها هدف واهو أنت افصحت عن نواياك... نائل مش غبي يا شاكر.
....
في تمام الساعه الثامنة مساء.
هبط عزيز الدرج بعدما نام بضعة ساعات وقد زال الإرهاق قليلا عن ملامحه.
خرجت نحنحته بخشونه عندما تحرك بخطواته نحو المطبخ.
انتفض العم سعيد من المقعد عندما انتبه على صوته وتساءل بعدما استدار بجسده ناحيته.
_ احضرلك العشا يا بيه.
و عزيز كان بالفعل جائعا.
_ ياريت يا راجل يا طيب لأني جعان.
ابتسم العم سعيد عندما استمع إلى جوابه وأسرع على الفور ليسخن له الطعام الذي طهته عايدة و ليلى بالظهيرة.
تساءل عزيز عندما اقترب منه ونظر نحو ما يقوم العم سعيد بتسخينه.
_ عايدة طابخه إيه النهاردة
اتسعت ابتسامة العم سعيد فعلى ما يبدو أن سيده اليوم جائعا بشدة.
_ عملالك محشي يا بيه وأنت عارف نفس عايدة في المحشي بس بصراحه....
توقف العم سعيد عن مواصلة كلامه عندما صدح رنين هاتفه.
_ دي نيرة.
ابتهجت ملامح العم سعيد ونسى ما كان يرغب في إخباره به.
فتح عزيز مكبر الصوت ونظر نحو العم سعيد الذي ترك الطعام والتمعت عيناه عندما استمع لصوت نيرة التي كبرت يوما بعد يوم أمام عينيه.
_ حبيبي اللي كان نفسي يقعد معايا اكتر من كده.
ضحك عزيز وقد اتسعت ابتسامة العم سعيد.
_ ولما تاخديه أنت عندك إحنا نعمل من غيره إيه
قالها العم سعيد بصوت تغلغل فيه المرح فارتفعت ضحكات نيرة.
_ وحشني يا راجل يا عجوز...
اختنق صوت نيرة وواصلت كلامها بحنين وشجن وكأن عودة عمها للوطن بعد زيارته لها أعادت لها الحنين.
_ وحشني كل ركن في البيت وحشتني عايدة وريحة أكلها و شهد كمان وحشتني... فاكر يا عم سعيد خناقتها مع سيف... كانت قد عقلة الإصبع.
ضحك العم سعيد وانسابت دموعها شوق.
_ أنا مش عارف كان عقل عزيز بيه فين لما وافق يجوزك بعيد عننا.
وهل نسى العم سعيد رفض عزيز التام ل معتز لأنه يعيش بعيدا عن الوطن ولكن الصغيرة هي من أصرت وألحت ولم يكن بيد عزيز شئ إلا الموافقة بعدما أدرك أن ابنة شقيقة تحبه.
عندما صمتت نيرة عن الكلام أدرك عزيز بفطنته تأثر حبيبة قلبه بكلام العم سعيد.
_ شوفتي الراجل يا نيرو قعد يكلمك ونسي يسخنلي المحشي...
ابتسمت نيرة ثم عاد صوتها يرتفع بتلذذ وشوق ل طعام عايدة.
_ ريحة محشي عايدة وصلت ليا كندا... أول ما انزل مصر لازم عايدة تعملي كل الأكلات اللي بحبها.
انتهت المكالمة التي أبهجت قلب العجوز سعيد ورسمت البسمة على وجه عزيز رغم شعوره بالشوق إليها.
غادر عزيز المطبخ متجها نحو طاولة الطعام وقد بدأت معدته تنتظر بلهفة طعام عايدة الذي فاحت رائحته وعبأت أرجاء المنزل.
وضع العم سعيد أطباق الطعام وقد أسرع عزيز في إلتقاط أحد حبات الكوسة يلتهمها.
ابتسم العم سعيد برضى وهو يراه يأكل بشهية وقرر العودة إلى المطبخ إلى أن ينتهي سيده من تناول وجبته.
بعد وقت
كان عزيز يقف بالمطبخ مع العم سعيد ينتظره أن ينتهي من صنع كوب الشاي له.
_حقيقي تسلم إيد عايدة النهاردة... المحشي معمول بمزاج.
_ ما ليلى كانت بتساعدها النهاردة وعملت خلطة المحشي.
قالها العم سعيد وهو يناول عزيز كوب الشاي
ثم استطرد بكلامه وقد لمعت عيناه بفخر.
_ يوم اجازتها بتحب تساعد عايدة....
ثم هز رأسه وواصل كلامه.
_ بصراحه من ساعة ما جات بتساعد
عايدة في شغل البيت... البنت عزيزة النفس أوي يا عزيز بيه.
سعل عزيز بشدة ثم أسرع بوضع كفه على فمه بعدما اختنق وهو يرتشف من كوب الشاي.
_ سلامتك يا بيه.
قالها العم سعيد بقلق ثم أسرع بجلب محرمة ورقية له.
_ خد اشرب شوية مية.
التقط منه عزيز كأس الماء وارتشف منه القليل ثم تنحنح وجلي حنجرته قائلا.
_ أنا رايح غرفة المكتب اشتغل شوية... أنت تقدر تروح ترتاح يا راجل يا طيب.
اتجه عزيز نحو غرفة مكتبه وأغلق الباب ورائه سامحا لأنفاسه بالتحرر.
حتى طعامها صارت معدته تهواه ألا يكفيه أنها بدأت تخترق رأسه.
أغلق جفنيه ثم زفر أنفاسه بقوة وكعادته رفع يده نحو خصلاته يغرز أصابعه فيها.
ظل للحظات واقف بتخبط بمنتصف الغرفة إلى أن تمكن من السيطرة على أنفاسه الهائجة واتجه نحو مكتبه ليبدأ في شغل عقله بأعماله.
بعد ثلاث ساعات عمل متواصل
كان يغلق الأوراق التي أمامه وأيضا الجهاز اللوحي الذي يعمل عليه ثم فرك جفنيه وقد داهمه التثاؤب وشعر بتشنج عضلات جسده.
نهض من مقعده وأغلق إنارة المصباح الصغير الذي يوضع على سطح مكتبه واتجه بخطواته نحو باب الغرفة ثم أغلق الأنارة بالكامل.
خطواته التي كانت تتجه للخارج من الغرفة إنعرجت للداخل مرة أخرى.
اقترب من نافذة شرفته ورغم مقاومة عقله له إلا أن شيئا داخله كان يدفعه لأن يزيح ستار الشرفة قليلا ويمنح عيناه حرية التأمل.
ارتسمت الخيبة على محياه وهو يرى الشرفة مغلقة بإحكام حتى إنارة الغرفة مغلقة وقد كان يمني نفسه برؤيتها.
اتسعت حدقتاه في صدمة... أيعقل أن الأمر وصل به لهذا الحد.
_ شكلك اټجننت يا عزيز.
في اليوم التالي
وعلى طاولة الفطور التي ملئها العم سعيد بكل ما هو يفتح شهية سيده.
_ ليه كل ده يا راجل يا طيب ليه محسسني إني مكنتش باكل حاجه...
أسرع العم سعيد بتحريك طبق الفول لوضعه أمامه.
_ وشك أصفر وبهتان...
ارتفعت قهقهة عزيز من كلام العم سعيد.
_ اه لو نيرة سمعتك دلوقتي...
_ اكيد هي كمان ضعيفه ووشها بقى أد اللقمه.
سعل عزيز بشدة بعدما توقفت لقمة الطعام بحلقه ليلتقط كأس الماء الذي أمامه ويبتلعه دفعة واحدة.
_ أنت مشكله يا راجل يا طيب.
أنهى عزيز طعام فطوره الشهي الذي لا يقارن مع أي طعام أخر.
تحرك لمغادرة المنزل لكنه توقف عن حركته وقد عاد القرار الذي اتخذه يطرق رأسه.
_ في حاجة يا بيه.
تساءل العم سعيد بعدما انتبه على توقفه.
أغمض عينيه ثم فتحهما وقد أوشك الكلام على الخروج من شفتيه لكنه ابتلعه في اللحظة الأخيرة.
هو لا يستطيع إخبار
 

18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 28 صفحات