الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية عزلاء أمام سطوة ماله (كاملة حتى الفصل الاخير) بقلم مريم غريب

انت في الصفحة 8 من 13 صفحات

موقع أيام نيوز

إيه !
أنا مش عايزك تتخضي بصي هي بوادر إلتهاب رئوي بس هنحاول نعالجها قبل ما الموضوع يتطور أكتر ثم شرع في كتابة روشتة و هو يتابع 
أنا هكتبلها علي أدوية مهمة و هكتبلك إنتي مواعيد كل دوا و هاخد منها عينة ډم دلوقتي و إن شاء الله أشوفها الأسبوع الجاي زي إنهاردة
إنتهت جلسة الكشف بعد أن أخذ الطبيب عينة من ډم ملك لتخرج سمر من البناية الراقية برفقة عثمان و هي تحمل شقيقتها غير قادرة علي محو علامات الوجوم المرتسمة علي وجهها 
أعادها صوت عثمان إلي أرض الواقع حين سألها بلطف 
أنسة سمر ! إنتي كويسة !
إنتبهت إليه قائلة 
هه ! أه ش شكرا أوي يا عثمان بيه بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي علي كل إللي عملته معايا أنا بقيت مديونالك بكتير أوي
عثمان بعتاب مصطنع 
عيب كده يا أنسة سمر أنا ماعملتش أي حاجة و بعدين دي حاجات بسيطة جدا
سمر بإبتسامة رقيقة 
حاجات بسيطة إيه بس دي الڤزيتا لوحدها بتاعة الدكتور ده أكتر من المبلغ إللي أخدته من حضرتك قبل كده أنا بإذن الله هردلك كل ده قريب بس عمري ما هقدر أردلك لطفك و كرمك معايا
عثمان و هو يعبس بضيق 
بجد هزعل منك يا أنسة سمر أختك زي أختي بالظبط أنا قمت بواجب طبيعي ثم قال بخبث 
و لو إن الدكتور فوق إفتكرها بنتي أنا ماحبتش أصلحله الغلط لإني بجد حبيت ملوكة أوووي و من هنا و رايح خلاص هعتبرها فعلا زي بنتي
و مد يده و ربت علي خد الصغيرة بلطف لتحمر سمر خجلا و هي تقول 
حضرتك كل شوية بتكسفني بكرم أخلاقك أكتر مش عارفة أقولك إيه !!
عثمان بإبتسامته الجذابة 
ماتقوليش حاجة أنا إتبسطت لما شوفت ملك إنهاردة و إن شاء الله في معاد الإستشارة الجاية هاجي معاكوا تاني
سمر ضاحكة بخفة 
لأ إستشارة جاية إيه ! مافيش الكلام ده كفاية أوي كده علي حضرتك أنا هبقي أخدها أوديها لدكتور تاني تكون الفزيتا بتاعته أقل شوية
كلام إيه ده يا أنسة سمر ! ماينفعش تسيبي دكتور خلاص شخص حالة أختك و تروحي لواحد غيره لسا هيشخص من أول و جديد ماينفعش
بس آا 
مافيش بس قاطعها بصرامة و أكمل 
الأسبوع الجاي زي إنهاردة هجيبكوا بنفسي لحد هنا و هحضر الإستشارة كمان
إبتسمت سمر و قالت بإستسلام 
خلاص إللي تشوفه حضرتك !
رد لها الإبتسامة و هو يقول 
أيوه كده و يا ريت ماتنسيش معاد شغلك من بكره و بعتذرلك تاني بالنيابة عن شيري إحنا كنا ملخومين في إبن عمي زي ماقلتلك و كل حاجة عندنا واقفة من إمبارح
لا أبدا مافيش حاجة ربنا يقومه بالسلامة
أمين طيب يلا بقي عشان أوصلكوا
سمر بحرج 
يا خبر كمان !
عثمان بإصرار 
أيوه إنتي ساكنة فين 
عند محطة الرمل كده !
أومأ مرارا و هو يقول مبتسما 
تمام إتفضلي بقي و أشار لها لتتقدمه نحو سيارته المصفوفة أمامهم
ففعلت ذلك علي إستحياء 
ما أنا مشغل معايا شوية أغبية ! قالها رشاد الحداد بصياح غاضب دوي عاليا بأرجاء حجرة مكتبه ليرد عليه أحد رجاله بحذر شديد 
طب و إحنا ذنبنا إيه بس يا رشاد باشا مافيش حاجة بتخفي عن الصحافة و بعدين كل المعلومات إللي إتنشرت دي خدوها من المستشفي
رشاد بإنفعال 
أنا ماليش ذنب يا باشا أنا عملت المطلوب و لو ماكتش إبن عمه هو إللي طلع بالعربية كنت هتسمع خبره زي أمرت
رشاد بتهكم 
طيب و ليه ماسمعتش خبر إبن عمه لحد دلوقتي يا مستر عباس ده كمان في ناس كلموني و قالوا إنه خرج من العمليات و بقي زي الفل
بهت عباس و ما عاد للكلام جدوي أمام تصريحات رشاد الأكيدة 
إخفوا من قدامي هتف رشاد بحدة و تابع 
مش عايز أشوف واحد فيكوا لحد ما الموضوع ده ينتهي أنا أسف إني إعتمدت عليكوا
أطرقوا رؤوسهم جميعا و هم ينسحبون الواحد تلو الأخر من مكتبه بينما إستدار هو پعنف و ضړب الطاولة بقبضته المضمومة و هو يتمتم من بين أسنانه 
فلت من إيدي المرة دي يابن يحيى بس و الله ما هسيبك !
يتبع 
_ ټهديد ! _
وصلت سمر إلي بيتها أخيرا بعد أن أطمئنت علي ملك و تعرفت علي أسباب علتها 
أمسكت ملك بيد و باليد الأخري أدارت المفتاح في القفل ثم دفعت الباب و دخلت و هي تتنفس بصورة غير منتظمة بسبب درجات السلم الكثيرة التي صعدتها 
أغلقت الباب بروية و أستدارت لتنظر في عمق الصالة
بالطبع كان فادي هناك واقفا في محاذاة الحائط قبالتها في الظل وراء باب النافذة المفتوحة 
كان ينظر إليها صامتا وجهه جامد قاس و جسده متوتر
لم يصعب عليها كثيرا فهم أنه شاهدها من خلال النافذة و هي تترجل من سيارة عثمان هذا بدا واضحا جدا من نظرات العڼف و الإتهام المنطلقة كالأسهم من عينيه 
إنقبضت في إنتظار السيل الجارف من اللوم و الإهانات
لكنه لم يأت بحرف بقي متفرسا في وجهها توقعت أنه لا يقو علي الكلام من شدة الڠضب فباشرت هي بتبرير ما قامت به 
سمر
و هي تقول بإبتسامة مرتبكة 
فادي ! إنت رجعت يا حبيبي أنا إتصلت بيك كذا مرة قبل ما أنزل عشان أقولك إن ملك سخنت فجأة بس إنت ماكنتش بترد فإضطريت أخدها أنا علي المستشفي و ألقت نظرة نحو الطاولة في الوسط حيث نسيت هاتفهها و تابعت 
بس نسيت الموبايل هنا أسفة أكيد إنت إتصلت بيا كتير !
سمعت صدي حشرجة في حنجرته لكن بقيت ملامحه علي حالها إلي أن تحرك أخيرا و قال بهدوء شديد يختبئ ورائه ڠضب عظيم 
سمر يا ريت من فضلك تشرحيلي دلوقتي حالا مين الشخص إللي جابك لحد البيت بعربيته ده و إيه هي علاقتك بيه بالظبط 
أخذت تتنفس بسرعة بينما إتسعت عيناه و كانتا باردتان و قاسيتان جدا 
علاقة إيه و زفت أيه صاحت بصوت عال و أردفت پغضب 
هو أنا لاقية آكل و لا آكلوكوا لما هروح أعمل علاقات إنت إتجننت !
فادي بعصبية و هو يقترب منها 
أومال تفسري إللي لسا شايفه بعنيا ده بإيه تفسري بإيه ركوبك عربية زي دي مع واحد زي ده و بعدين مين ده أصلا عرفتيه منين 
ده يبقي صاحب الشغل يا مچنون أجابت بصړاخ ثائر 
ده يبقي عثمان بيه إللي حكيت لسيادتك عنه ده يبقي الإنسان الوحيد إللي وقف جمبنا و ساعدنا بعد ما كل الناس جم علينا و ظلمونا و شوف كمان و رفعت كيس الآدوية التي أوصي بها الطبيب لشقيقتها و أكملت 
أصر إنه يشتري الدوا لملك رغم إنه دفع حق الكشف عند أكبر دكتور أطفال هنا في إسكندرية !
فادي متسائلا بحدة 
و هو إيه إللي يخليه يعمل معانا كل كده أساسا عاشقنا في الضلمة !! نطق جملته الأخيرة بتهكم لاذع ثم قطب بإستغراب مكملا 
و بعدين تعالي هنا إنتوا إتقابلتوا إزاي لما هو ماكلمكيش عشان تروحي تستلمي الوظيفة إللي قالك عليها ! شوفتيه إزاي !!
تنهدت سمر بضيق لكنها حكت له كل ما حدث بدءا من عراكه مع موظفة الإستقبال بالمشفي و حتي عودتها إلي هنا بعد أن قام بتوصيلها 
أنا بردو مش مقتنع ! قالها فادي بعدم إقتناع و أردف بشك 
بيعمل معاكي إنتي بالذات كده ليه إشمعنا إنتي يعني ما المحتاجين كتير !!
سمر بسخرية 
و إنت إيش عرفك إنه مش بيعمل كده مع ناس كتير عمرك ما شفت حد بيعمل خير مع ناس كتير !!
لم يرد و ظل ينظر إليها في عدم إقتناع 
فأدارت عيناها بضيق و هي تطلق زفرة حانقة ثم إختفت من أمامه بسرعة متجهة إلي غرفتها و أخذت ملك معها 
في مستشفي الأسكندرية العام 
يعود عثمان إلي هناك و يصعد للطابق الثالث ليخبره المسؤول عن الدور بأنه تم نقل صالح إلي غرفة عادية لإستكمال العناية به 
ذهب عثمان إلي غرفة رقم 407 حيث أرشده المسؤول ليجد أنها ليست غرفة بالمعني الحرفي و إنما هي مجرد عنبر كبير إكتظ بالمړضي بمختلف أنواعهم
رجال نساء و أطفال 
وقف مشدوها للحظات يحدق في كمية الإهمال و المناظر المريعة الممتدة أمام ناظريه لكنه ما لبث أن راح يبحث بعيناه عن أفراد عائلته وسط هذا الكم الهائل من الناس
وجدهم بصعوبة هناك جمعيهم يقفون بركن قاصي من العنبر ملتفين حول سرير معين لابد أنه السرير الذي يرقد عليه صالح 
مساء الخير يا جماعة ! قالها عثمان و هو يقترب بخطوات واسعة ثم يقف بجوار والده الذي ما أن رآه حتي صاح به 
إنت كنت فين يا بني آدم من الصبح و بكلمك قافل تليفونك ليه إزاي تسيبنا في موقف زي ده 
عثمان بفتوره المعتاد 
كان ورايا مشوار مهم خلصته و رجعت علطول أهو ثم توجه بالنظر نحو عمه و هالة و قال 
حمدلله علي السلامة يا عمي حمدلله علي السلامة يا هالة
تجاهله رفعت متعمدا و أدار وجهه للجهة الأخري لكن هالة لم تفعل 
هالة بصوتها الرقيق و المغلف بالحزن 
الله يسلمك يا عثمان إزيك 
تمام الحمدلله قالها بإبتسامة قصيرة ثم عاد إلي والده و قال و هو يصوب نظره نحو صالح الموارى تحت طبقات من الجبس و الشاش 
إنتوا إزاي لسا مستنين هنا إزاي ما طلبتوش نقله لمستشفي خاصة !
يحيى بنظرة عابثة 
و إحنا كنا مستنين رأيك مثلا عملنا كده يا حبيبي حجزناله أوضة في أحسن مستشفي و خلاص عربية الإسعاف علي وصول
أومأ عثمان متجاوزا رنة الإستهزاء في نبرة والده ثم إستأذن منهم لدقيقة و خرج أمام العنبر ليجري مكالمة خاصة 
في منزل رشاد الحداد داخل حجرة الطعام
يترأس المائدة كعادته بوقاره و هيبته الطاغية إبنتيه تجلسان معه الكبيرة علي يمينه و الصغيرة علي شماله 
يتم الغداء في جو صامت متوتر لا يسمع خلاله سوي أصوات الملعاق و بقية آدوات الطعام و هي تحتك بالصحون و الأطباق 
يرن هاتفهه فجأة فيخرجه من جيب سترته و ينظر إلي إسم المتصل عثمان البحيري !!!
تصلبت عيناه عند رؤيته للإسم و لاحظت إبنتيه جمود تعابير وجهه
لكنه أعطي أمر بالتحفز لجميع حواسه و أجاب بنبرة تحد 
أهلا بالغالي !
صمت قصير علي الطرف الأخر ثم جاء صوت عثمان الناعم كجلد الأفعي 
إزيك يا رشاد بيه إنشالله تكون كويس !
كويس جدااا يا عثمان
إنتفضت چيچي إثر سماع إسمه و مضغت الطعام بصورة خاطئة مما تسبب لها في نوبة سعال حادة 
جاءتها أختها بكأس من الماء بينما تابع رشاد مكالمته 
فيك الخير و الله يا عثمان بتتصل عشان تسأل بجد العيش و الملح مابيهونوش
عثمان بضحكة مجلجلة سمعتها چيچي جيدا منبعثة من سماعة الهاتف 
هو أنا أه ممكن أتصل أسأل عليك بس المرة دي أنا إتصلت عشان حاجة تانية
خير يا عثمان تساءل رشاد ببرود ليرد عثمان و قد تحولت نبرته تماما من

انت في الصفحة 8 من 13 صفحات