الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية ظنها دمية بين اصابعه (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم سهام صادق

انت في الصفحة 26 من 28 صفحات

موقع أيام نيوز


عيناه دون النظر إليه.
حدجه نيهان بنظرة ماكره ثم ابتسم.
_ أردت اخبارك إنني سأغادر... اتصل بي أحد الأصدقاء سأذهب لمقابلته.
....
اتجهت أنظار الزبائن الجالسين في ذلك المطعم النائي الذي لا يرتاده إلا القلائل نحو ذلك الذي دخل للتو مرتديا زيا عسكريا.
ألقى ماهر نظرة سريعة بالمكان وكما توقع وجد صالح يجلس على تلك الطاوله البعيدة التي اعتاد الجلوس عليها.

رفع قبعته العسكرية ووضعها تحت إبطه وتقدم منه.
_ بقالي شهر بحاول أقابلك وأنت كل شوية مشغول لكن أول ما طلبت تقابلني يا ابن الزيني جيتلك على طول وبسببك هتأخر على الخدمة.
قالها ماهر ثم جلس ووضع قبعته أمامه.
فرك صالح جفنيه ومال بجسده للأمام واستند بساعديه على الطاولة.
_ مالك يا صالح
تساءل ماهر بعدما شعر بالقلق فصديقه يبدو عليه الهم.
_شاكر بيه عايزني اتجوز تاني.
قالها صالح دون مقدمات لا هدف منها وسرعان ما كان يزفر ماهر أنفاسه وظهر الارتياح على ملامحه.
_ يا راجل قلقتني... أنا قولت يزيد فيه حاجه.
شاكر بيه من بعد مۏت سارة عايزك تتجوز...
امتقعت ملامح صالح فكلام جده معه اليوم لا يغادر رأسه.
_ المراديشاكر بيه عرف يلعبها صح...
تمتم بها صالح ثم قبض على يديه من شدة غضبه.
_ تقارير يزيد الطبيه أول بأول بتوصله... بيلومني
دلوقتي على مرضه.
زفرة طويلة خرجت من شفتي ماهر مشفقا على حال صديقه.. ف يزيد يبدو وكأنه طفلا طبيعيا في نموه وملامحه ولكنه سلوكيا يحتاج لمتابعة طبية دورية.
تركه ماهر يخرج كل ما يجول في صدره إلى أن فرغ من كلامه.
_ لو جوازك هو الحل ليه لاء يا صالح... الولد ممكن يكون محتاج فعلا حد معاه يشاركه ألاعبه وحياته... وأنت زي ما بتقول ملهوش أي أصحاب في سنه والكل بيبعد عنه...
_ يزيد عدواني مع الناس يا ماهر.
_ ابني ياسين كان كده برضو لكن دلوقتي مع ريتال أخته لو شوفته تستغرب حنيته عليها.
تنهد صالح فهل نسى صديقه حالة سارة وعمه من قبل والتي ربما يرثها طفله عنهم وقد شخص بعض الأطباء حالة صغيره بالوراثه والبعض الآخر بسبب رؤيته لحاډثة والدته.
_ لو العروسة بنت ناس كويسين وهتعرف تربي ابنك.. اتجوز يا صالح بلاش تعاند جدك وتحرم يزيد من إنه يكون ليه اخوات...
لم يختلف كلام ماهر عن كلام جده الكل يقنعه بضرورة الزواج من أجل حالة صغيرة وحاجته لوجود أخوة.
عاد إلى منزله في ساعه متأخرة وعلى وجهه تجلى التعب بوضوح وقد تفاجأ بالفوضى التي تعم أرجاء الشقة.
_ صالح بيه.
انتبه على
صوت نعمات التي تعتني بالمنزل وصغيره وقد تعجب من استيقاظها بهذا الوقت.
_ إيه اللي حصل
أطرقت نعمات رأسها وعندما طال صمتها عرف الجواب.
_ يزيد هو اللي عمل كده
رفعت نعمات رأسها إليه ثم هزتها بأسف.
_ المربية كمان مشيت بعد ما عورها في رأسها وبتقول لحضرتك إنها مستقيله.
حتى المرأة المتخصصه بعناية أطفال كحال ابنه لم تتحمل إلا أسبوعا وفرت هاربة.
ألقى بنظرة خاطفة حوله ثم سار نحو غرفة صغيرة ليجده نائم كالملاك في فراشه.
تنهيدة طويلة خرجت من شفتي صالح حملت معها كل ما
يجيش داخل صدره والقرار كان عليه إتخاذه في أسرع وقت.
....
ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتي صالح بعدما وجد والديه فرحين بموافقته على أمر الزواج وتلك العروس التي أختارها جده.
_ لو عايزني اروح أشوفها أنا الأول يا صالح ...
كادت أن تواصل والدته كلامها الذي يعرف مقصدها منه.
_ لا متقلقيش شاكر بيه المرادي جايبها تصلح عشان تخلف طفل سليم.
_ ولد حاسب على كلامك.
قالها السيد صفوان پحده ثم نهض من مقعده وعلى وجهه ارتسم المقت.
_ اكتر من خمس سنين وإحنا واقفين معاك وضد جدك لكن المرادي كلنا بنفكر في ابنك وأنت بنفسك شايف حالته اللي بتتأخر يوم بعد يوم.
أغلق صالح جفنيه ثم أطلق زفيرا قويا فلم يغير قراره بأمر الزواج إلا صغيره.
شعر بذراعين والدته على كتفيه ثم قبلتها على رأسه.
_ ابنك حتى أنا مش متقبلني وأنا مش قادره اساعد معاك في حمله يا بني.
_ ومرات أبوه هتتقبله في حياتها وتشيل حمله.
تدخل صفوان بالكلام وهو ينظر إلى كلا من زوجته وابنه الوحيد.
_ جدك بيقول إن البنت يتيمه وبتراعي جدها ده غير أعمامها معاملتهم قاسيه ليها لأنها من زوجة تانيه لوالدهم... ظروف البنت صعبه ووجودها في عيله هتحتويها زينا فرصه ليها.
قالها السيد صفوان حتى يوضح الصورة له وسرعان ما كانت تعود تلك الابتسامة الساخرة لتعلو شفتي صالح.
.....
ربت نائل على كف حفيدته وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة حانية.
_ أنتي و زينب أغلى أحفادي يا سما.
أسرعت سما بتقبيل خده وقد أشرق وجهها بابتسامة واسعه.
_ حبيبي يا جدو يا فارس أحلامي أنت... تعرف أنا مش هتجوز غير واحد شبهك وبنفس شخصيتك.
ضحك نائل ضحكة قصيرة واجتذبها إلى حضنه ثم ربت على ظهرها بحنان.
_ طيب شكلي دا نجيبوا إزاي
ابتعدت عنه سما ثم أسرعت بتحريك إصبعها السبابة أسفل ذقنها.
_ مش عارفه بس أهو أنا مستنيه لحد ما الاقيه مع إن مفيش غير نائل الرفاعي واحد بس.
ارتفعت ضحكات الجد وعاد لاحتضان حفيدته الغالية.
_ يعني أسيبكم نص ساعه أرجع الاقي قدامي خېانة عظمى.
أسرعت زينب نحوهم وأزاحت بيدها سما لتجلس بالمنتصف محتضنه جدها.
_ خليني أخد حضڼ من حبيبي.
التمعت عينين الجد بالدفئ وهو يضمهم إليه وقد انسابت دمعه على خده لم يلاحظاها.
_ يلا يا عروسه عشان نلحق نشتري فستان شيك تقابلي بيه الضيوف بكره.
تمتمت بها سما بعدما نهضت من جوار جدها والتقطت سترتها لترتديها.
تخضبت وجنتي زينب بالخجل عند ذكر هذا الأمر ونهضت هي الأخرى من جوار جدها.
_ يلا يا بنتي روحي مع بنت عمك واشتري أشيك وأغلى حاجة ومش مهم الفلوس.
ترقرقت الدموع في عيني زينب وأسرعت بمسحها وعادت لتعانق جدها الحبيب.
_ ربنا يخليك ليا يا جدو.
نظر إليهم نائل وهما يتجهوا نحو باب الشقة وقد استدارت سما ناحيته ونظرت له بنظرة جعلت نائل يبتسم لحفيدته التي تعرف كيف تحفظ أسرار جدها.
والوعد الذي قطعه معها أن لا والدها ولا عمها هشام ولا أي فرد من العائلة يعلم بأمر هذا العريس إلا عندما يتم كل شئ.
وها هو اليوم المتفق عليه ل حضورهم منزل نائل الرفاعي والتقدم لخطبة حفيدته قد أتى.
عندما ارتفع رنين جرس الباب ارتفعت دقات قلب زينب ونظرت نحو سما التي أسرعت نحو الباب لتفتح لهم وقد وقف نائل جوارها مرحبا بضيوفه.
عادت إليها سما لتكمل لها زينة وجهها.
_ شوفي اهو أنا شغاله بنفس المطار اللي هو المدير التنفيذي له وأول مرة أشوفه عن قرب...
_ حلو يا سما
خرج السؤال من شفتي زينب ثم هربت بعينيها بعيدا بعد حرجها من سؤالها للتأوه بخفوت بعدما قرصتها سما في ذراعها.
_ حلو بس... ده عينه زرقا يا بنتي ولا كأنه نجم سينما...
قالتها سما ثم غمزت
لها بإحدى عينيها.
_ هو لازم اقدم أنا ليهم العصير.
رمقتها سما ثم ضحكت بخفوت وهي تعطيها الصنية التي وضعت عليها أكواب العصير ثم عادت لتحمل الصنية الأخرى التي تم وضع أطباق الحلوى عليها.
_ للأسف.
امتقعت ملامح زينب فهي لأول مرة تجرب موقف كهذا.
_ يلا يا زوزو.
دفعتها سما برفق ورغما عنها كانت تتحرك نحو الصالة التي جلسوا بها.
شعرت زينب بالرجفة وهي تقترب منهم لكن صوت شاكر ومديحه لها أزال بعض من حرجها لتستطيع السيدة حورية والسيد صفوان بلطفهم من إزالة الباقي.
تحركت عيني صالح إليها ليتأكد من الوصف الذي أعطاه له جده عنها وقد رأي شاكر بخبرته الرضى في عيني حفيده.
اقتربت منه لتناوله كأس العصير وقد رفعت عيناها إليه تهمس بخجل.
_ اتفضل.
جميلة الملامح وبجسد يحمل معالم أنثوية واضحة ونبرة صوت رقيقة ناعمة.
ڪان عليه دراسة البضاعة كما شبهها أثناء موافقته على تلك المهزلة السخيفة ومن أجل صغيره سيتظاهر بالقبول ببراعه.
أخذت العائلتين تتحدث بأمور عدة إلى أن ألجمهم شاكر بما تفوه به وقد تعلقت نظرات صفوان و حورية ب صالح الذي تجمدت ملامحه.
_ مالكم يا جماعه بتبصولي كده ليه.
قالها شاكر وهو ينظر نحو زينب التي أطرقت رأسها بحرج بعدما غادرت الصدمة ملامحها وتخضبت وجنتاها بحمرة بالخجل..
_
كفاية شهرين خطوبه... هما العيلتين محتاجين لسا يتعرفوا على بعض ولا أنت إيه رأيك يا نائل... عموما اللي هيقرروا نائل أنا هوافق عليه.
تساءل شاكر وهو ينقل أنظاره نحو نائل الذي أخفض رأسه لثواني معدودة ثم رفعها واتجه بعينيه نحو حفيدته التي علم من خجلها وربكتها أن صالح نال استحسانها.
كاد أن يتحدث نائل رافضا التعجل بالأمر قبل أن يعتادوا على بعضهم ويتخذوا القرار سويا بعيدا عن رغبتهم هم في إتمام هذا الزواج.
_ اعذرني يا نائل بيه إني هقاطع حضرتك.
قالها صالح بتهذيب وقد اعتدل في جلوسه وارتسمت الجدية على ملامحه الوسيمة.
لمحته زينب بطرف عينيها ولا تنكر أن حضوره الطاغي ووسامته جذبتها وجعلتها راغبة في التقرب منه.
منذ بداية هذه الجلسة العائلية نال صالح إعجاب نائل الذي لم يخطأ حدسه يوما في معرفة الناس.
والديه ترقبوا ما سيتفوه به وسرعان ما احتلت الصدمة ملامحهم وهم يستمعوا لقراره.
_ أنا شايف إن شهر كفايه نقدر نرتب فيه أمورنا... ده طبعا بعد موافقة أنسه زينب.
ضاقت عينين الجد وهو يستمع إلى كل كلمة ينطقها حفيده بتهذيب لم يكن يظنه أنه سيتسم به الليله.
تلاقت نظراتهم وقد فهم شاكر أخيرا تهذيب حفيده وسبب رغبته في تعجيل الزواج الذي كان يرفضه بشدة.
نظرة ساخرة رمق بها صالح جده ثم انتقلت عيناه نحو زينب التي رفعت عيناها نحوه.
هو ليس بالسهل حتى لا يعرف أن تلك الصغيرة ذات العينين الواسعتين والأهداب الطويلة وقعت تحت سيطرة سحره الذي يجذب النساء من حوله.
مغرور وبارد المشاعر صفات يعلم أنها به وقد وقعت هي في لعبة زواج الغرض منها الإنجاب ليكون لطفله الغالي أخوة ويحصل جده على نسل بلا عيوب يصلحون من بعده على تولي إمبراطورية الزيني العريقة.
يتبع.... 
بقلم سهام صادق
الفصل الثامن عشر.
_ رواية ظنها دمية بين أصابعه.
_ بقلم سهام صادق.
تنهيدة طويلة خرجت من شفتيها مع شبح ابتسامة ارتسمت على محياها وهي ممددة على فراشها ومحدقة بسقف الغرفة.
تقلبت في فراشها يمينا ويسارا إلى أن عاد جسدها واستقر كما كان وعادت تحدق بسقف غرفتها.
ارتفعت دقات قلبها بعدما شردت في صورته وكل ما قيل في ذلك اللقاء العائلي.
_ معقول من لقاء واحد أكون مرتاحه كده.
سألت زينب حالها هذا السؤال ثم أسرعت بالإعتدال من رقدتها لتخرج زفرة طويلة منها تعبر عن حيرتها من هذا الإرتياح الغريب الذي يخترق روحها.
شهرا واحدا عليهم أن يتقربوا فيه من بعضهم شهرا واحدا ثم سيتم بعده الزفاف.
وسيما ومهيبا ذو شخصية جعلتها تشعر وكأنها ترى نسخة من جدها.
لا تعرف كم مر عليها من وقت وهي تجلس مكانها حائرة في أمرها.
نفضت رأسها والتقطت
 

25  26  27 

انت في الصفحة 26 من 28 صفحات